«فتنة الخطبة المكتوبة» تشتعل بين «الأزهر والأوقاف»

كتب: أحمد البحيري, محافظات الجمعة 22-07-2016 20:34

خالف الدكتور إبراهيم الهدهد، خطيب الأزهر الشريف، رئيس جامعة الأزهر، قرار وزارة الأوقاف بتطبيق «الخطبة المكتوبة»، فيما هدد أعضاء هيئة كبار العلماء بالأزهر، ومجمع البحوث الإسلامية، باعتزال الدعوة وعدم صعود المنابر مرة أخرى، حال إصرار وزير الأوقاف على قرار تطبيق «الخطبة المكتوبة».

قال خطيب الأزهر، خلال خطبة الجمعة اليوم، إنه حين يشيع الظلم بين الناس ويخالفون منهح الله فلابد من تطبيق قواعد الإسلام التى ارتضاها لعباده من عدل وإنصاف، وإعطاء الغير من الحق ما تحب أن يعطيه لو كنت مكانه.

وأضاف الهدهد: «الإسلام لا يعرف التعصب، ويدرب أهله على الإنصاف سواء مع الديانات الأخرى أو من بيننا وبينهم معاهدات، والإنصاف غاب من حياة كثير منا»، متسائلا: «هل أنصفنا الله الذى خلقنا، هل أنصفنا أنفسنا وأعطيناها ما هو حق، ومنعنا عنها ما يضرها، فالناس فى خير طالما بقى فيهم الإنصاف».

وقال الهدهد لـ«المصرى اليوم»: الأزهر لا يتبع وزارة الأوقاف، ونعمل تحت إدارة مشيخة الأزهر، ونلتزم بتعليمات المشيخة فقط.

وأكد الدكتور أحمد عمر هاشم، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، أنه يرفض بشكل تام أن يصعد المنبر ليخطب خطبة الجمعة من ورقة مكتوبة، وأن الأمر يعد إساءة شخصية له، ولكبار العلماء، موضحا أنه يفضل اعتزال الدعوة على الالتزام بتطبيق القرار.

وأضاف هاشم: «قد يكون وراء هذا القرار تهيئة لبعض الذين تخرجوا حديثا ويحتاجون إلى مثل هذا القرار، أما الخطباء أصحاب الكفاءة والقدرة والأداء المتميز فمما لا شك فيه أن الأداء يكون أقوى تأثيرا وأعظم فى نفوس المستمعين، وأنا لا أقبل أن أخطب الجمعة من ورقة مكتوبة فهذا يكون سائغا لبعض الذين يحتاجون إليه».

وقال الدكتور محمود مهنى، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، إنه لن يلتزم بأى حال من الأحوال بتطبيق القرار، مضيفا: «من العيب جدا أن أكون عالما من العلماء المعدودين فى مصرنا، وأن يكون الكلام فى ورقة مكتوبة، وهذا سبب كبير فى ضياع العلم، لأننى على هذه الهيئة لا أقول العلم إلا بعد أن أطلع على كتب التفسير والسنة ودواوين الشعراء وكتب التراث».

وأكد الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، أن هذا القرار ضياع للعلم وضياع للعلماء، وهدد باعتزال الدعوة حال تطبيق القرار، قائلا: «أسأل الله أن يتدخل فيمن سيكون سببا فى هذا القرار وتوابعه غير المحمودة».

وهدد عدد كبير من الأئمة، وعلى رأسهم خطباء ووعاظ الأزهر، باعتزال الدعوة وعدم صعود المنابر مجددا حال تمسك وزارة الأوقاف بتطبيق القرار.

وقال الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر، فى تصريحات خاصة لـ«المصرى اليوم»، أمس، إن قرار وزير الأوقاف بشأن الخطبة الموحدة المكتوبة غير ملزم للأزهر، ولن نلتزم به من قريب أو بعيد، وما يتداول بشأن خطبة الجمعة المكتوبة لا علم للأزهر به بشكل رسمى، ووعاظ الأزهر تم تزويدهم بمكتبة تجمع أمهات الكتب لثقل معارفهم فضلا عن التدقيق فى اختيارهم.

وأضاف شومان: «معظم وعاظ الأزهر يمتلكون خبرات طويلة فى مجال الدعوة فى الداخل والخارج، حتى يكون خطابهم فى مجالسهم والوزارات والمؤسسات التى يتعاونون معها مناسبا لسامعيهم على اختلاف مواقعهم الجغرافية وتباين ثقافاتهم وتقالديهم وعاداتهم».

وهدد أعضاء بهيئة كبار العلماء بالأزهر، ومجمع البحوث الإسلامية، باعتزال الدعوة وعدم صعود المنابر مرة أخرى، إذا أصر وزير الأوقاف على قرار تطبيق «الخطبة المكتوبة»، مؤكدين أن هذا القرار يقضى على الإبداع بين أئمة وخطباء المساجد ويجعلهم مجرد أداة لقراءة خطبة الجمعة.

وبدأت وزارة الأوقاف، أمس، تطبيق قرار الدكتور محمد مختار جمعة، الوزير، بتطبيق خطبة الجمعة الموحدة المكتوبة فى جميع المساجد بمختلف محافظات الجمهورية البالغ عددها 110 آلاف مسجد، وطالبت كل إمام وخطيب مسجد بقراءة الخطبة المكتوبة على المصلين فى فترة تتراوح ما بين 15 إلى 20 دقيقة فقط.

وأدى الداعية السلفى مسعد أنور، خطبة الجمعة، أمس، بمسجد إحدى القرى السياحية بمدينة الغردقة، دون تصريح من وزارة الأوقاف، وتم إخطار أجهزة الأمن لاتخاذ الإجراءات القانونية ضده، علما بأنه كان مقبوضًا عليه ومتهم بالاشتراك فى اعتصام «رابعة» والتحريض على العنف.

وقال رفعت ثابت، مدير الأوقاف بالمحافظة، إنه تم إلقاء الخطبة مكتوبة فى نحو 50 مسجدًا بالمحافظة، مشيرًا إلى أنه من المقرر تعميمها تدريجيًا على جميع المساجد، بينما تباينت مواقف خطباء الأوقاف بالإسكندرية بِشأن الالتزام بخطبة الجمعة الموحدة، ففى الوقت الذى التزم فيه معظم الخطباء بها خالف عدد آخر من الخطباء فى العامرية وبرج العرب الخطبة المكتوبة.

والتزم الخطباء فى الشرقية بالخطبة المكتوبة، وتحدثوا عن دعوة الإسلام إلى العفة والطهارة والترفع عن الدنايا التى تصيب الإنسان بالهلاك فى الدنيا والآخرة.

وقال زكريا الخطيب، وكيل وزارة الأوقاف بالمحافظة، إن الغرض من الخطبة المكتوبة هو إلزام الخطيب بعدم الخروج عن النص، وأنه أعطى تعليمات مشددة بتنفيذ تعليمات وزير الأوقاف.

وألقى خطيب مسجد سيدى إبراهيم الدسوقى، بمدينة دسوق بكفر الشيخ، الخطبة ارتجالًا دون الالتزام بالخطبة المكتوبة، ما أثار جدلا بين المصلين، بينما لم يلتزم عدد من الخطباء بالخطبة الموحدة بالإسماعيلية، وأرجعوا ذلك إلى تأخر وصول قرار الالتزام بها.

وقال الشيخ مجدى بدران، وكيل وزارة الأوقاف بالمحافظة إن قرار الخطبة المكتوبة ليس له أى دوافع سياسية، وهدفه صياغة الفكر المستنير بصورة علمية ومنهجية وعدم الإطالة، ومواجهة الدخلاء على ساحة الدعوة وأصحاب الفكر المتطرف، بينما التزم الشيخ إبراهيم نذير، إمام مسجد النور بجنوب سيناء بالخطبة المكتوبة وتحدث عن العفة والكلمة الطيبة.

والتزم عدد من خطباء المنيا بقرار وزارة الأوقاف، وتحدث أئمة المساجد على ضرورة الالتزام بالخلق الحسن والبعد عن العنف، لتحقيق ركن العفة فى الإسلام، مشددين على مواجهة الفساد الإدارى فى الدولة وعدم السرقة والاختلاس، بينما رفض عدد من أئمة مساجد سوهاج الالتزام بقرار الخطبة المكتوبة، وأدى معظم خطباء المساجد الخطبة ارتجالًا.

يذكر أن القطاع الدينى بوزارة الأوقاف أكد أن الوزارة بصدد تشكيل اللجنة العلمية لإعداد وصياغة الخطبة المكتوبة، ولحين انعقاد اللجنة ووضع برنامج عملها، وإخراجها لخطبة نموذجية، يتم وضع نموذج استرشادى للالتزام به أو بجوهره، موضحا أن جميع قيادات الديوان العام والمديريات سيلتزمون به من هذه الجمعة، مع التأكيد على ضرورة الالتزام بالموضوع أو بجوهره وعدم الخروج على جوهر الموضوع أو على الوقت المحدد ما بين 15-20 دقيقة، وكان موضوع خطبة الجمعة، أمس، العفة والمروءة والترفع عن الدنايا.