الزميل والصديق وليد الحديدى فاجأنى أنا وغيرى بحكاية غريبة وصادمة تتعلق بنجم الكرة التونسية على معلول.. فقد استغل شاب صغير السن اهتمام جماهير الكرة المصرية وإعلامها بمفاوضات الأهلى مع على معلول ونادى الصفاقسى التونسى وقرر إنشاء صفحة جعلها كأنها الصفحة الرسمية للنجم على معلول.. تأسست هذه الصفحة المزورة بالتحديد فى السابع من شهر يوليو الحالى، وبدأ هذا الشاب المجهول يكتب فيها أخبارا وتعليقات تخص مفاوضات الأهلى مع على معلول مع آخر المستجدات وتطورات المفاوضات.. والمثير فى الأمر كان تورط عدد من الزملاء الكبار فى عدة مواقع وصحف رصينة وشهيرة لنقل هذه الأخبار الكاذبة باعتبارها حقائق، وأحيانا كان يجرى تقديمها باعتبارها سبقا صحفيا.. وكلما زاد معدل نقل الأخبار المصرية من هذه الصفحة كان صاحبها يستمتع أكثر ويلهو بمزيد من الأخبار الكاذبة.. لدرجة أن أحد الزملاء كتب نقلا عن هذه الصفحة منذ أيام أن على معلول سيصل القاهرة بعد ساعات قليلة لتوقيع عقد انضمامه للأهلى.. وبدأت أيضا جماهير كثيرة، سواء تنتمى للأهلى أو الزمالك، تتسابق لتضع تعليقاتها وآراءها فى تلك الصفحة.. تهاجم وتمدح وتنتقد وتوافق وتعترض وتهلل وتفرح وتغضب.. لدرجة أن عدد معجبى الصفحة تجاوز الثمانية عشر ألف مصرى ومصرية.. كل ذلك دون أن يكتشف أى أحد حقيقة هذه الصفحة التى لا علاقة لها أصلا بالنجم على معلول أو الصفاقسى التونسى.. وإذا كنت هنا أشكر الصحفى المجتهد والطموح وليد الحديدى مرة.. فإننى فى المقابل أشكر هذا الشاب المجهول الذى أسس هذه الصفحة ألف مرة.. لأنه فى الحقيقة جاء فى وقته المناسب ليقدم لنا كلنا.. إعلاميين وجماهير.. درسا ضروريا للغاية كان لابد منه حتى نفيق كلنا من غفلتنا الجماعية التى باتت تمنح أى أحد فرصة اختلاق قضية أو أزمة أو إشعال فتنة أو معركة أو استباحة شرف وعرض وحياة أى أحد.. فمعظمنا لم يعد يتمهل بالقدر الضرورى والمناسب قبل القفز إلى بحر التعليقات والاتهامات والصراخ والشتائم والإهانات.. أصبح بإمكان أى أحد فى مجتمعنا الحالى أن يكذب ويختلق أى حكاية أو فضيحة وسيجد الكثيرين جدا الذين يصدقونه ويسيرون وراءه.. فهذا الشاب قرر إنشاء صفحة تونسية باسم على معلول.. ووراءه سار كثيرون جدا دون أن ينتبهوا للهجة التونسية غير الصحيحة والمفردات والتعبيرات التونسية الخاطئة.. وحين زاد عدد متابعى الصفحة خشى هذا الشاب الذكى افتضاح أمره فكتب خبرا يفيد بقيام على معلول بتعيين أدمن مصرى للصفحة حتى يستطيع هذا الشاب كتابة ما يشاء بلهجته المصرية دون أى خوف أو شكوك.. وأرجو أن يتحول ذلك إلى درس نستوعبه كلنا، فلا نصدق بعد اليوم أى كلمة تقال هنا أو هناك دون تأمل وتفكير قبل أى اندفاع ساذج وأحمق.. وإذا كان هذا الدرس ضروريا للجماهير مرة.. فهو ضرورى لكل الزملاء ألف مرة، لأنه من الممكن التماس العذر لعاشق كروى متحمس ومندفع، لكن ليس هناك أى عذر لأى صحفى أساس مهنته هو البحث عن الحقيقة.