ما الذى أنقذ «أردوغان»؟

عماد سيد أحمد الأربعاء 20-07-2016 21:46

من الذى أنقذ «أردوغان» من الانقلاب؟ مَن حماه من قوة مسلحة حديثة نظامية يمكنها أن تخوض حروباً ضروساً ضد دول وتفوز فيها؟ لم ينقذ «أردوغان» سوى التكنولوجيا. تمنى الرئيس التركى أن يسحقها ألف مرة ومرة. تمنى أن يقضى عليها. لم يعتقد أنها سوف تنقذه. وتحميه من القضاء عليه.

من أشعل ثورات الربيع العربى؟ من أطاح بحكام جلسوا فى مقاعدهم الوثيرة عقوداً وليس سنوات؟ إنها التكنولوجيا أيضاً. وأدواتها الناعمة المؤثرة. «فيسبوك، تويتر، يوتيوب، واتس آب» وغيرها. ومازال فى جعبة المخترعين الكثير والكثير.

لكن كيف حدث التغيير؟ كيف اشتعلت المظاهرات فى 25 يناير. تساؤلات عديدة لم أجد لها إجابات شافية. سوى فى كتاب بديع للباحث المتخصص فى العلاقات الدولية شريف رزق. الكتاب صادر باللغة الإنجليزية. بعنوان «شبكات التواصل الاجتماعى.. ومفاهيم القوة». كتاب ممتع شيق. نتاج جهد بحثى استمر لأكثر من عامين. فى الواقع الكتاب ملخص لرسالة الماجستير التى حصل عليها الباحث من جامعة «يل» البريطانية. وأتمنى أن يجد هذا العمل طريقه للترجمة والنشر باللغة العربية.

يطرح الكتاب تساؤلاً عن قوة التكنولوجيا. والشبكة العنكبوتية «الإنترنت» كسلاح للتغيير السلمى وتشكيلات جديدة للمعارضة. لم تعد جماعة الآن فى حاجة لعقد مؤتمر سياسى. وإقامة سرادق وجلب كراسى. وميكروفونات. وموافقات للأمن بعقد المؤتمر. يمكنك أن تحقق كل ذلك من خلال الإنترنت. يمكنك أن تخلق حالة عامة تحرك من خلف شاشات الكمبيوتر. يتناقشون ويتفقون. يتخذون القرار ثم تفاجأ بهم كتلا غاضبة فى الشوارع. وهو ما حدث فى 25 يناير. وما جرى فى تونس واليمن. وسوريا. وليبيا وغيرها. بغض النظر عن النتائج. فالكتاب منصب على كيف حدث، ولا يلقى بالاً لماذا حدث ما حدث؟

يحلل «شريف رزق» القوى السياسية المختلفة فى مصر وما هى الأدوات والآليات التى تستخدمها كى تحتفظ بقدر القوة التى تمتلكها، وينطلق فى هذا التحليل من قاعدة أساسية طرحها عالم الاجتماع السياسى «مانويل كاستلز» (1942)، وهى أن مفهوم القوة مفهوم «علاقاتى» فلا توجد قوة بمعزل عن علاقاتها بباقى القوى الأخرى، لا يوجد طرف يمتلك قوة مطلقة، فهذا ينفى المعنى الأساسى لتفاعل القوى. وفى إطار هذا المفهوم علينا أن ندرك أن جميع القوى المكونة للمجتمع، سواء السياسية أو المجتمعية، لديها قدر ما من القوة، ولكن هذا القدر ليس ثابتاً، القوة خاصية متحركة ومرنة، تزيد وتنقص حسب قدرتها واستخدامها الفعال لوسائلها المختلفة، وقدرة تلك الوسائل على السيطرة على عقل المواطن، يقول «مانويل كاستلز»: «إنها دائماً حرب على عقل المواطن»، فمعظم القوى السياسية تحاول الاستحواذ على عقل المواطن، وفى هذا الإطار فالقوى السياسية تحاول السيطرة على وسائل الإعلام المختلفة، ويضيف «كاستلز»: «السياسى الذى لا يوجد فى الإعلام يختفى»، وهذا يوضح علاقات القوى المختلفة بين رجال الإعلام والساسة وقوى المعارضة.

شكراً صديقى على هذا العمل المتميز.