تركيا تشكِّل لمصر مشكلة سياسية فى المنطقة بمعاداة أردوجان العلنية لحكومتنا، ولكن فى نفس الوقت المنتجات التركية تغزو السوق المصرية والأسواق العربية والأفريقية، التى كان من المفروض أن تغزوها المنتجات المصرية. حاولت مجموعة من الجيش التركى فى الأيام السابقة الإطاحة بأردوجان، وفرح عدد من الشعب المصرى بذلك، ولكن سرعان ما عاد أردوجان وفرض سيطرته غالباً بسطوة أقوى من الأول.
ما الحل؟ وكيف يمكن لمصر أن تكون هى الأعلى فى المنطقة؟
الحل هو حل اقتصادى بحت. مصر يجب أن يكون اقتصادها أقوى من الاقتصاد التركى حتى تكون كلمة مصر أقوى من كلام تركيا.
مصر اقتصادها الآن حجمه 300 مليار دولار بينما اقتصاد تركيا يصل إلى 750 مليار دولار (2.5 ضعف)، رغم أن عدد سكان تركيا 75 مليون نسمة وعدد سكان مصر 90 مليون نسمة. تركيا تُصدِّر بـ176 مليار دولار سنوياً (8 أضعاف مصر) وتحقق حكومتها 225 مليار دولار إيرادات سنوية (4 أضعاف مصر) تستطيع بها الصرف على التعليم والصحة والبنية التحتية وتطوير وسائل المواصلات بها. يذهب إلى تركيا 37 مليون سائح سنوياً (4 أضعاف مصر) وتحقق تركيا 34 مليار دولار سنوياً من السياحة (5 أضعاف مصر). تحتفظ تركيا باحتياطى أجنبى يقدر بـ112 مليار دولار (7 أضعاف الاحتياطى للعملة الأجنبية بمصر).
تركيا عندها خطة لنمو صادراتها إلى 500 مليار دولار بحلول عام 2023. ما خطة حكومة مصر لنمو صادراتنا؟ لا توجد خطة بل بالعكس عندنا أزمة عملة والاستثمار فى تخبط، فنحن رقم 131 فى العالم فى سهولة أداء الاستثمار بالمقارنة بتركيا التى تحتل المركز رقم 55 عالمياً، واستراتيجية 2030 لا يوجد بها حديث عن تطوير الصادرات، ولا يوجد بها تفاصيل للمشاريع المحددة. مجرد كلام على ورق كما تعودنا للأسف، والوقت يمر، وكل عام يتطلب من حكومتنا خلق فرص لفوق المليون خريج من الجامعات والمدارس.
مصر لن تستطيع منافسة تركيا سياسياً دون أن تكون عندنا خطة لتخطى تركيا اقتصادياً، وهذه الخطة لابد أن تكون برعاية الرئيس السيسى كما كانت رعايته لازمة لحل أزمة الكهرباء.
لكى ننجح علينا منافسة تركيا فى جميع الأرقام التى سبق ذكرها فى هذا المقال ووضع خطة واضحة. الخطة الواضحة لابد أن يكون بها 3 أجزاء:
- أين نحن الآن مقارنةً بتركيا؟
- أين نريد أن نكون فى عام 2020 أو 2025 أو 2030 مقارنةً بتركيا؟
- ما المشاريع والمبادرات التى علينا عملها للحاق بهم؟ وما حجم الزيادة التى سيحققها كل مشروع أو كل مبادرة؟ وطبعاً إلى جانب ذلك خطة تفصيلية لكل مشروع ومبادرة ومتابعة أسبوعية وشهرية وسنوية كما تفعل ماليزيا فى متابعة أكبر 200 مشروع قومى، ومراجعة وتصحيح، لكى نتأكد أننا سنصل للهدف فى الوقت المناسب. وأخيراً تحديد التاريخ الذى سنلحق فيه بحجم اقتصادهم.
دون ذلك لا تلوموا الدولار أو المؤامرة علينا، فالمؤامرة موجودة على مصر من قديم الزمان، ولكنها أيضاً موجودة على تركيا من الداخل ومن الخارج، وعلى الصين أيضاً، وعلى معظم دول العالم.
علينا أن نبدأ بوضع خطة لملاحقة تركيا فى كل الأرقام التى سبق ذكرها، وهذه الخطة لابد أن تكون مدعومة من الرئيس السيسى، لأنه أعلى سلطة فى مصر، وكلمته أكثر كلمة لها تأثير، ودون اقتناعه ودعمه الكامل لن يتم تنفيذ شىء، لأن البيروقراطية أقوى من الوزراء ومن رئيس الوزراء.