إنها حرب صريحة ضد قيم الثورة الفرنسية: الحرية والإخاء والمساواة

سمير فريد الجمعة 15-07-2016 21:15

التعريف البسيط للإرهاب أنه استخدام العنف ضد المدنيين لأغراض سياسية، والهجوم الإرهابى على تجمع المحتفلين بعيد الثورة الفرنسية فى مدينة نيس أمس الأول 14 يوليو ذكرى الثورة التى نشبت عام 1789، يعنى بوضوح أن الهجمات الإرهابية فى العالم حرب ضد قيم هذه الثورة، وهى الحرية والإخاء والمساواة، ومن أجل أن يسيطر أقصى اليمين على الحكم فى مختلف الدول المؤثرة فى العالم.

الهجوم مدبر بعناية بالغة فى توقيته، ليس فقط لأنه يوم ذكرى الثورة، وإنما أيضاً حتى يختلط الأمر على الناس بإطلاق النار أثناء إطلاق صواريخ الاحتفال، فلا يفرقون بين طلقات البهجة وطلقات القتل، وفى لحظة استرخاء نسبية لقوات الأمن بعد مرور شهر كامل أقيمت فيه مباريات كأس أوروبا لكرة القدم فى مختلف المدن الفرنسية، ووسط تجمعات حاشدة، ولم يحدث ما يعكر الصفو، وليس من المهم من قام بالعملية الإرهابية ضد المحتفلين بذكرى الثورة، فقد أوضح يوسف القرضاوى فى التليفزيون منذ أيام أن الانتحارى لا يجب أن يقوم بالعملية منفرداً، وإنما عليه أن يطيع أمر الجماعة التى ينتمى إليها، وفى هذه الحالة تصبح عمليته مشروعة تماماً، أى أنه مجرد أداة لجماعته مثل الروبوت أو الإنسان الآلى.

إنهم يقولون من هنا فى فرنسا، بدأت الثورة التى لم يعد العالم بعدها كما كان قبلها، وهنا، فى فرنسا، تبدأ نهاية قيم هذه الثورة: الحرية والإخاء والمساواة، ولابد أن يدرك من يؤمنون بهذه القيم الخطر الذى يحدق بها حتى يواجهوا هذا الخطر بعيداً عن الحسابات الضيقة والمساومات والمصالح الآنية.

سألت يوماً أحد الداعين إلى «توبة» الممثلات المصريات، وقلت له هناك ممثلات مسلمات فى كل الدول ذات الأغلبية من المسلمين، وحتى فى السعودية التى لا يوجد بها غيرهم.. فلماذا لا توجد دعوة للتوبة إلا فى مصر! وكان رده بوضوح شديد: من هنا بدأت حكاية التمثيل والتنوير والمواطنة، ومن هنا تبدأ النهاية، ومصر فى العالمين العربى والإسلامى مثل فرنسا فى أوروبا والعالم أجمع.

فزعت الأسبوع الماضى عندما بدأت أخبار الشهداء الذين يقتلون كل يوم فى سيناء تنتقل من الصفحات الأولى إلى الصفحات الداخلية، وتذكرت قول بريخت «لا تقولوا هذا أمر عادى حتى لا يستعصى على التغيير»، وفرنسا تدفع ثمن تأييدها للحرب التى تخوضها مصر ضد الإرهاب، وإمداد الجيش المصرى بأحدث الطائرات وحاملات الطائرات، إنها معركة الإنسانية كلها، ومن أجل الإنسانية كلها، وليست فقط معركة فرنسا أو مصر.. ومن الضرورى التكاتف بين من يؤمنون بالحرية والديمقراطية ضد كل القوى الفاشية فى كل مكان.

samirmfarid@hotmail.com