ضمير الدين

نيوتن الأربعاء 13-07-2016 21:32

أعطانى الله العقل لأكتشف ما وراء الظواهر. منحنى السريرة لتقودنى إلى الحق والحقيقة. من يدقق فى آيات القرآن الكريم يلاحظ أن إعمال العقل بالنظر والتفكر والتدبر والتأمل جاء دائماً بصيغة المدح والثناء، ناهيك عن الحض والطلب، قال تعالى: {قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ...} يونس/101، وقال تعالى: {أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِى أَنْفُسِهِمْ مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا} - الروم/8...

عباس محمود العقاد. من أفضل الكتاب الذين تناولوا هذا الأمر. اهتم به اهتماماً كبيراً. يقول عن منزلة العقل فى الإسلام: «والقرآن الكريم لا يذكر العقل إلا فى مقام التعظيم والتنبيه إلى وجوب العمل به والرجوع إليه، ولا تأتى الإشارة إليه عارضة ولا مقتضبة فى سياق الآية، بل هى تأتى فى كل موضع من مواضعها مؤكدة جازمة باللفظ والدلالة، وتتكرر فى كل معرض من معارض الأمر والنهى التى يحث فيها المؤمن على تحكيم عقله، أو يُلام فيها المنكر على إهمال عقله وقبول الحجر عليه».

يكفى الإسلام تكريماً للعقل وإعلاءً من شأنه أن جعله مناط التكليف، فلا يتوجه الخطاب الشرعى إلا للعقلاء من البشر. بينما يسقط التكليف وترتفع المسؤولية عن فاقدى هذه النعمة الإلهية. ففى الحديث عن عائشة أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال: (رفع القلم عن ثلاثة، عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصغير حتى يكبر، وعن المجنون حتى يعقل، أو يفيق).

المشكلة الكبيرة أن الناس يتعمقون فى الشعائر. تغوص فيها. تنسى الهدف منها. تتناسى القصد من ورائها. تصرفاتها وسلوكياتها ترتكب كل ما هو عكس مبادئ الدين السمحة. يحتلون درجات متفاوتة. فالإخوان فى درجة. القاعدة فى درجة أخرى. داعش أكثر تطرفا وتخلفا. لا تعرف أى معنى من معانى القرآن وصفات الله. مثل التسامح. الرحمة. الإنصاف. التوقير. العفو... إلخ.

الأمر انتقل لساحات المحاكم. أصبح الحكم على كل من يعمل عقله بالحبس الوسيلة الأكثر شيوعاً. فما الذنب الذى اقترفه إسلام البحيرى أو فاطمة ناعوت؟ لتصدر أحكام ضدهما بالحبس. كان أكثر الأحكام سوءًا هو التفريق بين الدكتور حامد أبوزيد وزوجته. بعد أن اتهم بالكفر من قبل لجنة علمية شكلتها جامعة القاهرة لمناقشة أحد أبحاثه العلمية. الحكم بالتفريق كان حكماً من دائرة قضائية رسمية. ليس من جماعة إرهابية. مثل تلك التى حكمت على د. رفعت المحجوب بالقتل ونفذت عمليتها يوم 12 أكتوبر 1990. وأخرى حكمت على نجيب محفوظ أديب نوبل. وقام أحد الإرهابيين بطعنه. المشكلة أن تكفير أديب نوبل بدأ من مؤسسة الأزهر الشريف. مثله مثل تكفير جمال البنا ومصادرة كتبه. فى حين كانت توزع وتنشر مؤسس الإخوان حسن البنا على نطاق واسع. كل ذلك من قبل مؤسسة رسمية توصف بالاعتدال. متخصصة فى علوم الدين الإسلامى وتعليمه.. هى مؤسسة لم تتحول بعد إلى فاتيكان. ولا تحتل مكانة المرشد الأعلى فى إيران. مطلوب منها رحابة الصدر فى استقبال كل اجتهاد. مطلوب منها أن تستقبل كل مجتهد يحاول التعبير عن تفسيره الخاص للدين. والتعبير عن فهمه لما يستخلصه من قراءة القرآن كما يراه هو. وليس على الأزهر سوى مناقشة الحجة بالحجة. والترفع عن توجيه الاتهامات. كأنه المدافع الوحيد عن الإسلام والعالم به أكثر من مليار مسلم.