انهيار التعليم.. بدأ مع يوليو 1952 «٢»

عباس الطرابيلي الثلاثاء 12-07-2016 21:30

وكان الكتاب المدرسى - قبل هذا التعديل - رائعاً، جاذباً ومشجعاً على التعلم.. وكانت كتبنا - سواء فى المرحلة الابتدائية، أو الثانوية - هى نفس الكتب التى كانت تدرس فى بريطانيا وفرنسا وألمانيا.. حتى قواميس اللغة الإنجليزية أو الفرنسية، كانت - أيضاً كذلك، وليس سراً أننى مازلت أحتفظ بكثير من هذه الكتب.. وبكل هذه القواميس، بل لحقت بالمدرسين الإنجليز والفرنسيين الذين كانوا يدرّسون لنا هاتين اللغتين.

ونادراً ما كان الطالب منا يحتاج إلى كتاب خارجى. وأتذكر أن أول كتاب خارجى عرفته كان اسمه «فاروق كومبانيون» وكان فى اللغة الإنجليزية.. وكان يتفوق على الكتاب المدرسى لاحتوائه على نماذج من الأسئلة.. والإجابات النموذجية.. وسهولة شرح الدروس.. وكان ذلك عام 1950، ولم نعرف كتباً خارجية فى أى مادة أخرى غير الإنجليزية، أما الآن فهناك العديد من الكتب الخارجية، فى المادة الواحدة.. حتى فى التربية الوطنية.. وربما نجد قريباً كتباً خارجية فى الرسم.. أو فى الدين.. ولا تتعجبوا.

واللافت للنظر أن الدروس الخصوصية أصبحت آفة الآفات.. واستسلمت وزارة التعليم تماماً لهذا الطوفان، ورفعت الراية البيضاء.. وأصبحت «السناتر» هى اللغة السائدة بين الطلبة، وإذا تأخرت عن حجز مكانك فلن تجد مكاناً، وبالذات فى المواد الحيوية.. وأصبح عدد «السناتر» ينافس عدد المدارس فى أى مدينة.. والطريق أن المدرس فيها، هو نفسه المدرس فى المدرسة الحكومية، أما عن الأسعار.. فهى خراب بيوت وهم يتحدثون عن المائة جنيه مقابل الحصة الواحدة، وربما أكثر، حسب أهمية ودرجات هذه المادة.

■ ■ وأتحدى - إن وجدتم - طالباً واحداً يقرأ الكتاب المدرسى الحكومى.. فالكل يعتمد على «الملازم» ولا شىء غيرها.. وعلى الملخصات التى صارت سيدة الموقف، وكله بالثمن.. ويا خراب بيوت الآباء، بسبب هذه الدروس الخصوصية، ليس فقط فى الشهادات.. بل أيضاً فيما بينها.. وتعجبت أن وجدت وسمعت عن دروس خصوصية فى التعليم ما قبل المرحلة الابتدائية.. يعنى حضانة.. وكى جى وان!! كل ذلك والحكومة بكل وزراء التعليم تبحث عن تطوير الكتاب المدرسى.. بلا خيبة!!

■ ■ وبالطبع وسط كل هذا لم تعد بالمدرسة الحكومية أى فرصة لحصص الألعاب أو الهوايات.. أو لأى نشاط رياضى أو ثقافى.. أو ترفيهى.. بل انتهى تماماً وجود أى ملاعب داخل المدرسة.. كما انتهى دور المكتبة المدرسية وابحثوا عن حصص الموسيقى أو الفلاحة.. أو المباريات الرياضية.

■ ■ وهكذا تقطعت العلاقة بين مدرس المدرسة.. وبين الطلبة، وكانت علاقة يتميز بها عصرنا منذ الأربعينيات.. فقد كان متوسط عدد طلبة الفصل يدور حول 30 طالباً.. الآن يتحدثون عن 70 أو 80 طالباً.. وتلك قضية أخرى.