أتابع بشكل يومى ما تطرحه من آراء أرى بعضها جريئاً، لكنها كلها تدعو للتفكير وتثير الجدل، خصوصا مقالك عن اقتراح شركة لإدارة مياه النيل، وحيث إننى أعمل في مجال إدارة الموارد المائية منذ 27 عاما فأتفق معك وأضيف أن القطاع الزراعى المصرى يحتاج إلى مجهودات هائلة لتطويره، حيث مازال هيكله الأساسى مقاما منذ عهد محمد على ولم يطرأ عليه تغيير يُذكر، فهو يعتمد على قيادة النشاط الزراعى للماء، أي يقوم المزارع بزراعة أرز أو قطن أو قصب سكر، ثم يطلب المياه اللازمة للرى، وما يواجهه المزارعون هذه الأيام من أزمات مياه في بعض المحافظات التي تتوسع في زراعة الأرز بدون التحسب لتوافر مياه من عدمه، هو مثال عملى على الأسلوب القديم في إدارة الموارد، بينما الواجب في عصر الندرة أن نتحول بكل سرعة إلى إدارة الطلب على المياه، بحيث تقود هي النشاط الزراعى وليس العكس، إدارة الطلب تعتمد على تحديد حصص مائية لكل منطقة تروى عن طريق ترعة رئيسية، ويتم التوزيع الداخلى لتلك الحصص عن طريق روابط لمستخدمى المياه ينتظم في عضويتها كل المزارعين والمنتفعين بالمياه على كل ترعة فرعية أو مسقى خصوصية أو المناطق السكنية المجاورة للترعة، بحيث يقوم المزارع بزراعة ما يرغب من محاصيل في ظل كمية المياه المتاحة له، وهو ما يستوجب وجود خدمة إرشاد زراعى تتمتع بالكفاءة والخبرة بحيث تقدم مساعدة فنية للمزارع لتعظيم العائد الاقتصادى من كل متر مياه، وإدارة الطلب تستلزم القيام بدراسة اقتصاديات توصيل المياه النيلية لأطراف الشبكة المصرية الضخمة التي تتجاوز 20 ألف كيلومتر من الترع، ووضع بدائل مناسبة، سواء بمصدر رى بديل مثل الآبار الجوفية، أو بالتخلى عن النشاط الزراعى لها، والسماح بقيام أنشطة أخرى أكثر جدوى واقتصادية، وبذلك يستفيد المزارعون الذين يعانون من عدم توافر مياه لرى أراضيهم، وتستفيد الدولة بإدارة ذات كفاءة للموارد المائية. وفى ضوء ذات الدراسة الاقتصادية يمكن أن يتم استبدال المياه النيلية كمصدر لمياه الشرب للمناطق الساحلية النائية (مرسى مطروح- بورسعيد- أجزاء من الإسكندرية) بإنشاء محطات لتحلية مياه البحر، أو الاعتماد على المياه الجوفية. وهذه الإجراءات ليست جديدة، لكنها مطروحة منذ أكثر من عشرين عاما، لكنها لم تجد طريقها للنور، لكن الظروف الجديدة تحتم البدء الفورى في تنفيذها.
د/ خالد وصيف، خبير موارد مائية
تعليق نيوتن/
أشكر اهتمامك ومتابعتك. المشكلة أن هناك تساؤلات رئيسية لا يجيب عنها أحد. توقعت هذا من خبير في الموارد المائية. الغريب أنها مشكلة لا تشغل بال الكثيرين.
أولا: تحديد حجم كميات المياه المفقودة من الترع المكشوفة. المتسربة للأرض. والضائعة بسبب البخر.
ثانيا: حجم الفوائد التي تعود علينا بيئيا وصحيا في حالة تغطية الترع المكشوفة.
ثالثا: إدراك خطر تناقص المياه مقارنة بزيادة السكان. ومجابهة ذلك بتغيير أسلوب الرى بالغمر.
بالمناسبة: هناك مصنع جديد في المنطقة الحرة بالإسماعيلية يقام حاليا. يعتمد على تكنولوجيا ألمانية. تقوم على الرى بالخراطيم من خلال النشع. وليس من خلال نقاطات. مما يتيح زراعة المحاصيل بنظام الرى الحديث.
ما نريده الآن من الخبراء، وعلى رأسهم وزير الرى النابه، الإجابة على كل التساؤلات الحائرة التي نطرحها.