أخشى أن تكون هناك علاقة من نوع ما، بين ضربات الإرهاب فى المملكة السعودية آخر رمضان، وبين الطريق الذى ترسمه المملكة لنفسها هذه الأيام!
صحيح أن ضربات الإرهاب فيها ليست جديدة، فلقد ضربها من قبل مرات ومرات، ولكن الأصح من ذلك أنها المرة الأولى التى تتعرض فيها ثلاث مدن فى طول السعودية وعرضها للضرب فى يوم واحد.. بل فى توقيت متزامن!
وعندما تكون الضربات من هذه النوعية فالمعنى أن وراءها رسالة يراد لها أن تصل!
وليس سراً أن الأمير محمد بن سلمان، ولى ولى العهد، كان قد عاد قبل الضربات بأيام من رحلة حافلة إلى الولايات المتحدة وفرنسا، دامت عشرين يوماً، وكان خلالها يؤسس لوضع اقتصادى لم يسبق لبلاده أن أسست له، وكان أيضاً يضع البلاد على أعتاب مرحلة من الاستثمار العالمى فى داخلها لا مثيل لها من قبل!
وفيما قبل رحلة العشرين يوماً، كان هو نفسه قد أعلن عن رؤية اقتصادية شاملة أطلق عليها اسم: 2030.. وفيها كان يعلن أن الاقتصاد السعودى قبل «2030» شىء وأنه بعدها شىء آخر تماماً.. وفيها كذلك كان يعلن، وللمرة الأولى، أن بلده سوف يستطيع فى 2020، أى قبل اكتمال تحقيق الرؤية الاقتصادية المعلنة بعشر سنوات كاملة، أن يعيش حياته الطبيعية دون نفط!
كيف؟!.. كان ولى ولى العهد يقول إنه يخطط، بل إنه قد خطط وانتهى الأمر، فى اتجاه تحقيق دخل غير بترولى للرياض قيمته مائة مليار دولار فى العام!
كيف أيضاً؟!.. كان الرجل يشرح الطريقة التى سوف يجلب بها هذا العائد الضخم لخزانة بلاده، وكان يبين أن الطريقة هى كذا.. وكذا، ثم كيت.. وكيت.. وكان الواضح جداً، أنه يفكر، اقتصادياً، بطريقة مختلفة، وأن عقله الشاب يتيح له أن يرى الأمور من حوله بشكل مختلف، وأنه يرى إمكانات السعودية غير النفطية، وأنه يضع يديه عليها، وأنه يريد توظيفها كما يجب!
وعندما تتأمل هذا المشهد كله، على بعضه، لابد أن يساورك إحساس بأن خطوات طموحة جداً كهذه، لن تكون مريحة لكثيرين من حول المملكة، سواء على المستوى الإقليمى أو حتى على المستوى الدولى.. أما الباقى فأنا وأنت نعرفه!
ولقد همس صديق قادم من الإمارات، قبل أيام، فى أذنى، فقال: الخليج يتغير.. والسعودية بشكل خاص تتغير!
والسؤال هو: نعم يتغير الخليج.. وتتغير السعودية.. ولكن فى أى اتجاه.. هذا هو السؤال.. ثم سؤال آخر: إذا كان التغيير فى اتجاه ألا يكون البترول هو أساس الاقتصاد، فهل هذا أمر مريح لكثيرين من حول الخليج ومن حول السعودية خصوصاً فى المنطقة، وفى العالم؟!.. إننى أحاول أن أفكر فى الحكاية بصوت مرتفع، لأن التفاصيل هنا تبدو فوق الطاقة على الاحتمال.