محافظ الإسكندرية دائم الشكوى من المسؤولين: وزير التنمية المحلية خايف أمسك مكانه، رئيس الوزراء بيجامل الوزير علشان كان زميل دراسة، أنا متخصص تنمية محلية والباقى لا يفهمون شيئاً، تقدمت باستقالتى مرتين ولم يقبلوها، الدنيا كلها بتحاربنى، لا يوجد أى دعم مالى من أى جهة، أنا محافظ غير محظوظ، الفساد فى الإسكندرية بلا حدود والقاهرة تحميه، أنا أنا الواد الجن، أنا اللى مفيش منه، أنا صديق الرئيس، أنا لما كنت ضابط، أنا لما كنت فى أمريكا، أنا لما سافرت روسيا، أنا قلت لهم فى ماليزيا، أنا الوحيد اللى بيتكلم فى مجلس المحافظين، أنا مش محتاج حاجة، أنا عندى مزرعة، أنا وارث، أنا وأنا وأنا.
بصراحة، أنا صدقته، الكلام فى وجود ناس محترمين، مش معقول المحافظ هايفشر علينا، ده بالتأكيد راجل وطنى، ده راجل قوى، ده راجل مش بيخاف، ده راجل شريف وصريح، كتبتُ قبل ذلك مدافعاً عن موقفه فى أزمة إيجارات الحديقة الدولية، التى لم يتم حسمها، وفى أزمة القمامة التى تتفاقم، وفى أزمة الإزالات التى مازالت تعانى منها الإسكندرية، وربما فى كل مشاكل المدينة، التى ظلت كما هى، رغم ذلك مازلت أتعاطف معه، علّ وعسى.
المهم، فوجئت باللواء مهندس خالد فوزى، رئيس حى شرق، يتصل بى قبل عدة أيام، هذا هو المحافظ الذى تدافع عنه، هيئة الرقابة الإدارية قامت بالتعدى على أملاك الدولة بشاطئ جليم، بمبنى يرتفع عن الطريق أربعة أمتار، يحجب رؤية البحر تماماً بالمخالفة للقانون، طلبتُ إصدار قرار إزالة واتخاذ الإجراءات اللازمة بشأن المبنى، كغيره من المبانى المخالفة، فوجئت بإقالتى فى نفس اليوم بقرار من المحافظ، قبلها بعدة أسابيع كان هناك ضابط يعترض تنفيذ قرار إزالة، تمت إحالته للقضاء، وتم تهديدى أيضاً، على خلفية القضية.
المهم، كما يضيف اللواء، أنا كنت رئيس حى الجمرك، وعندما أتى المحافظ، وكان يريد أن يجتهد ويعمل بالفعل، طلب منى ترك حى الجمرك لرئاسة حى شرق، نظراً لأنه الحى الأكثر فى المخالفات والفساد فى آن واحد، حتى أننى أبديت اعتراضى، وطلبت الاستمرار فى موقعى، إلى أن أنتهى من تنفيذ خطة العمل كاملة بالجمرك، إلا أن المحافظ رفض، وقال أنت الأصلح فى هذا المكان، ما الذى حدث بعد ذلك حتى يتراجع عن ذلك الهدف، الذى هو محاربة الفساد، لا أدرى.
نحن أيها السادة أمام قضية تحمل أكثر من جانب، أعتقد أن الأول منها هو ما يتعلق بمخالفة الرقابة الإدارية فى البناء، وهى الهيئة التى يجب أن تحارب الفساد أو التى يجب أن تكون نموذجاً يحتذى به، الثانى هو موقف المحافظ من ذلك الرجل الذى أراد محاربة الفساد، الثالث هو أن المخالفة مستمرة حتى الآن وسوف تستمر كما هو واضح، الرابع هو عملية الإقالة التى تتم هكذا دون حسيب أو رقيب، وكأن أى شريف فى هذا الوطن يمكن أن يتعرض للتنكيل بهذا الشكل المزرى والفج، دون تدخل السلطات الأعلى، إلا إذا كانت التعليمات فى هذا الصدد منها مباشرة.
مطلوب من السيد محافظ الإسكندرية تفسير واضح لقراره، مطلوب من وزير التنمية المحلية تفسير واضح لصمته، مطلوب من رئيس الحكومة أن ينطق، إما بمحاباة الفساد والقائمين عليه، وإما بحماية من قال لا، حتى لو كانت فى وجه الرقابة الإدارية، ذلك لأن ما حدث إنما هو بمثابة رسالة واضحة إلى ذوى الضمائر الحيّة: الزموا حدودكم، الفساد مازال ينخر فى كل المفاصل، الفاسدون هم الأقوى، الأمر لم يعد يتعلق بأفراد فقط، إنما بالجهات الرسمية أيضاً.
لا أعتقد أبداً أن هذه القضية يمكن أن تمر هكذا دون تدخل من أعلى جهة فى الدولة، إلا إذا كنا نعيش فى شبه دولة بالفعل، لا أعتقد أبداً أن قرار المحافظ يمكن أن يصدر دون مبررات منطقية يدافع بها عن نفسه على الأقل، أما إذا كان يرى أنه فى حماية الرقابة الإدارية فهو واهم، «كان غيره أشطر» هى أدوار لا أكثر ولا أقل، وهى دوّارة لا أكثر ولا أقل، لا بديل عن احترام النفس، واحترام العمل، واحترام الشرفاء الذين يسعون إلى محاربة الفساد.
لا أُخفى سراً أننى احترمت اللواء رئيس الحى حينما قرر طرح قضيته على الرأى العام، حينما قرر عدم الاستسلام، سواء للمحافظ، أو للرقابة الإدارية، أو هما معاً، هكذا يجب أن نكون جميعاً، مقاومة الفساد أيها السادة، لن تنجح إلا من خلال الجهود الشعبية، لن يُكتب لها النجاح إلا من خلال الرأى العام، يجب أن نتكاتف جميعاً لفضح هؤلاء الذين أساءوا لوطنهم، قبل أن يسيئوا لأنفسهم أو لذويهم، لن يرتدع هؤلاء وأولئك إلا بإعمال القانون، حنجورية المسؤولين بدا واضحاً أنها استعراض عضلات فارغة، أشبه بالكروش الغليظة سواء بسواء، لن تنهض الأمم أبداً بالتصريحات والفشر والكلام عمّال على بطال، النتائج على أرض الواقع يجب أن تكون هى الفيصل، وما واقعة رئيس حى شرق إلا نموذج، لا يمس سمعة الإسكندرية فقط، وإنما كل ربوع المحروسة.