يا ريتك سنة!

محمد أمين الأربعاء 06-07-2016 20:56

يستوقف نظرى أحياناً ما يقوله البعض: يا ريتك سنة يا رمضان.. ولا أختلف من حيث المبدأ مع هذه المقولة.. إنما لابد من مراجعة موقف الصائمين فى رمضان.. هل صحيح أنهم كانوا مثاليين؟.. هل كانوا منتجين أكثر؟.. هنا لنا كلام.. أقل الشهور إنتاجاً شهر رمضان.. أكثر الشهور كسلاً ونوماً وتبذيراً هو رمضان.. إذن كيف نقول يا ريتك سنة؟.. هل نقولها لأننا نريد النوم وقتاً أطول؟.. هل نقولها لأننا نريد الروحانيات على مدى العام؟.. ربما!

أعتقد أن الذين يرددون مقولة «يا ريتك سنة» يهدفون أولاً وأخيراً إلى تأكيد فكرة الروحانيات.. صحيح رمضان فيه روحانيات وفيه كرم وفيه عطاء.. القضية هنا تقع علينا نحن.. لماذا لا نجعله سلوكاً دائماً؟.. لماذا نعطى فى رمضان أكثر من غيره؟.. لماذا نصلى فى رمضان أكثر من غيره؟.. لماذا نخرج الزكاة فيه أكثر من أى شهر؟.. للأسف نحن نأكل فيه أكثر وننام فيه أكثر، ونتفرج على مسلسلات ومقالب رمضانية فيه أكثر من غيره أيضاً!

نأتى لمن يقولون «يا ريتك سنة».. هل هؤلاء يصومون وهم قادرون أم هم يتململون من الصوم فى عز الحر؟.. هل نقولها ونحن نكذب على أنفسنا؟.. هل نحن نودع رمضان بالدموع صادقين؟.. الحقيقة بعضنا يبكى لحظة الوداع صادقاً.. الوداع يا شهر الصيام.. الوداع يا شهر التراويح.. الوداع يا شهر الزكاة.. الوداع يا شهر الحسنات والبركات.. كل هذا صحيح.. فى المقابل هو شهر الأنتخة.. على مستوى الدولة والأفراد، الجميع نام ونفخ بطنه!

دعونا نكن صرحاء.. هناك من يبكى لأن شهر الأنتخة والسهر على المقاهى انتهى.. هؤلاء شعروا أنه مضى سريعاً.. بعضهم استمتع بيورو 2016.. وبعضهم استمتع بدورى رمضان.. بعضهم شارك فى دورى طاولة وشطرنج ودومينو.. المقاهى نجحت فى تنظيم هذه الدورات لجذب الزبائن.. ربطت الناس بالمقهى.. قدمت مشاريب وجوائز.. المهم أن تستفيد بالموسم.. شركات الإنتاج فعلت الشىء نفسه.. سواء فى المسلسلات أو أفلام العيد!

قمة التناقض.. نصوم ونأكل أكثر ونهدر أكثر.. هو شهر الروحانيات ولكنه شهر المسلسلات والمقالب.. أيضاً هو شهر التبرعات والتسول العلنى.. حدث ذلك من جمعيات ومستشفيات وغيرها.. أتصور أن الجمعيات تقول ياريتك سنة.. أتصور أن المستشفيات تقول ياريتك سنة.. لأنها جمعت مئات الملايين فى هذا الشهر.. لو أصبح طوال العام معناه أن ذلك سوف يصب فى رصيدهم.. النائمون يريدونه سنة، لأنه شهر الأنتخة والكسل بلا حساب!

أظن أن المعنى أصبح واضحاً الآن.. كلٌ يغنى على ليلاه.. قليلون من يريدونه عاماً لأنهم يشعرون ببركته ولمّته.. قليلون من يستفيدون منه.. الناس تنظر إليهم فى هذا الشهر.. قليلون من يعمرون المساجد.. عدد الناس فى المقاهى أضعاف مضاعفة للموجودين فى المساجد.. كنا زمان ننتظر رمضان بلهفة.. نعمل حسابه ونشد حيلنا فيه.. نعتبره موسماً حقيقياً، لكن عمرنا ما قلنا ياريتك سنة لأننا نريد أن نصوم الدهر، ربما كنا نقصد نفحاته مثلاً!

على أى حال رمضان ليس مجرد طقوس والسلام.. مفترض أن الصوم يعنى الصوم بكل معانيه.. ما يحدث غير هذا تماماً.. هناك خناقات على كل شىء.. حتى على العبور فى الطرقات.. أكثر الحوادث فى رمضان.. أكثر الزحام فى رمضان.. خناقات سائقى التاكسى أكثر فى رمضان.. إن كنت تريد رمضان سنة.. إنت حرُّ!