كانت واحدة من نجمات المسرح والسينما المعروفين، واشتهرت فى وقت من الأوقات بأنها نجمة الإغراء الأولى فى مصر، ثم وجدت نفسها فجأة واحدة من أهم الشخصيات فى الحياة السياسية فى الستينيات، بعد زواجها من المشير عبدالحكيم عامر، قائد الجيش فى ذلك الوقت، وهو الزواج الذى ظل مثيراً للجدل وبدل حياتها من الاهتمام بالنجومية إلى الانخراط فى السياسة، وهى حياة جديدة ومختلفة فتحت أمامها أبواباً كثيرة لم تكن تتوقع أن تطرقها يوماً ما، إنها الفنانة برلنتى عبدالحميد، التى وافتها المنية صباح الأربعاء، عن 75 عاماً.
ولدت نفيسة، برلنتى فيما بعد، فى زاوية المصلوب، إحدى قرى محافظة بنى سويف عام 1935، وبعد حصولها على دبلوم التطريز تقدمت إلى معهد الفنون المسرحية والتحقت بقسم النقد، ولكن سرعان ما أقنعها الفنان زكى طليمات بأن تلتحق بقسم التمثيل، وتخرجت من المعهد العالى للتمثيل لتبدأ عملها على المسرح بعرض «الصعلوك»، وشاهدها «بيبر زريانللى» فاختارها للعمل فى فيلم «شم النسيم»، وهو أول ظهور سينمائى لها عام 1952، وتوالت أعمالها بعد ذلك. وتعتبر بدايتها السينمائية كممثلة رئيسية فى العام نفسه فى فيلم «ريا وسكينة» بعد أن اختارها المخرج صلاح أبوسيف، وأصبح الفيلم محطة انطلاقها فى السينما.
وحدثت النقطة الفاصلة فى حياتها بعد قصة حب جمعتها بالمشير عبدالحكيم عامر، تطورت إلى زواج، كان مثار جدل بين الأوساط السياسية والفنية، ولم يرض عنه الرئيس الراحل جمال عبدالناصر كما تردد وقتها، وفى إحدى حواراتها قالت برلنتى إن المشير أجل زواجهما عاماً كاملاً منذ تعارفهما حتى يتيقن من أنها ستكون زوجة وفية له، ولأن المشير كان يعلم بأنه عندما يتزوج الرجل الثانى فى الدولة بفنانة ستنقلب الدنيا، خاصة أنه متزوج ولديه أولاد، لذلك فضل أن يكون زواجه منها عرفياً، حتى لا يصبح رجل فى مثل نفوذه وحصانته وسطوته وقوته داخل الجيش وخارجه، حديث الصباح والمساء.
بدأت قصة التعارف بين المشير وبرلنتى ليلة عودة المشير من سوريا بعد الانفصال، حيث أقام عدد من الضباط حفل شاى للمشير لرفع معنوياته وليثبتوا أنهم معه وأن ولاءهم له، وأنهم يشاركونه أزمته النفسية، وبعد انتهاء الحفل أراد المشير أن يقيم حفلاً صغيراً تحضره فقط نخبة من الأصدقاء، وفى الحفل شاهد برلنتى وجلس معها لأول مرة، وكانت وقتها صاحبة نشاط بارز، فهى تلتقى بالأدباء والمفكرين، خاصة فى فترة زواجها من أحد الماركسيين، ويبدو أن ثقافتها أبهرته، وبدأت قصة الحب التى تكللت بالزواج.ولجأت برلنتى بعد وفاة المشير إلى القضاء للحصول على نصيب ابنهما عمرو، فى ميراث والده، ولما كان الزواج العرفى وفقاً للقانون لا تترتب عليه أى حقوق، حصلت على ما تريد بشكل ودى مع أسرته. وأصدرت برلنتى فى عام 1993 كتابا حول قصة زواجها بعنوان «المشير وأنا»، ثم كتاب آخر عام 2002 بعنوان «الطريق إلى قدرى.. إلى عامر»، قالت فيه إن زوجها مات مقتولاً بالسم، وإنها توصلت إلى دليل مادى وصفته بأنه قوى، يثبت تورط أجهزة عبدالناصر فى قتله للتخلص من الحقائق التى بحوزته بشأن أسرار حرب الأيام الستة، وأنها تعرضت شخصيا للاعتقال والإقامة الجبرية لفترة طويلة، وحرمت من طفلها الذى كان رضيعاً وقتها، ولم تكن تجد ثمن الطعام، وأن جسدها تعرض للتفتيش من سيدات كان يتم إدخالهن معها إلى الحمام إمعانا فى إذلالها. وقالت برلنتى إنها وثقت أسرار هزيمة يونيو 1967 فى كتابها الأخير، معتمدة على وثائق وصفتها بأنها مهمة للغاية احتاجت إلى 700 صفحة، واستغرق الكتاب وقتاً طويلاً وبذلت فيه جهداً هائلا، إذ سافرت من أجله إلى الولايات المتحدة الأمريكية، حيث اطلعت على «وثائق خطيرة» فى مكتبة الكونجرس، بعكس كتابها الأول الذى كتبته على عجل بسبب الظروف التى كانت تواجهها.