«ولادنا كانوا راجعين من ليبيا علشان يقضوا العيد فى وسطينا، لكن العيد اتقلب مأتم بعد ما اتخطفوا وطلب الخاطفين فدية منقدرش على دفعها لأننا ناس غلابة»، بهذه الكلمات عبرت هناء على العوضى، 54 سنة، من قرية البقلية التابعة لمركز المنصورة، عن حزنها عقب الإعلان عن اختطاف 2 من أبنائها و3 آخرين من القرية وشخص سادس من إحدى محافظات الصعيد، منذ 3 أيام، بليبيا أثناء عودتهم لمصر لقضاء العيد مع أسرهم.
وسادت حالة من الحزن والغضب بين أهالى القرية عقب الإعلان عن اختطاف أبناء القرية وطلب الخاطفين مبلغ 20 ألف دينار فدية عن كل واحد منهم- ما يعادل 53 ألف جنيه- وهو مبلغ كبير على أسرهم، وتجمع الأهالى على المقاهى وبمنازل المخطوفين لبحث كيفية إعادتهم بعد تجاهل «الخارجية» لشكواهم.
وكانت عصابات مسلحة بليبيا قد هاجمت سيارة تقل 6 مصريين، بينهم 5 من قرية البقلية، أثناء عودتهم إلى مصر أثناء مرورهم بمنطقة بنى وليد، واصطحبوهم إلى مكان مجهول تحت تهديد السلاح، ثم أجبروهم على الاتصال بذويهم ومطالبتهم بدفع الفدية، وقالت «العوضى»: «ابنى السيد عبدالحميد وشقيقه (أحمد) سافرا إلى ليبيا مع 3 آخرين من أبناء القرية، فى يناير الماضى، للعمل، ومنذ أول رمضان وظروفهم كانت صعبة، لأن مافيش شغل، وكنت باقولهم يرجعوا علشان يلحقوا يحضروا العيد معانا، وباعوا التلاجة وأنبوبة البوتاجاز علشان يقدروا يرجعوا».
وانهارت قائلة: «الخاطفين بيخلوهم يكلمونا علشان يطلبوا الفدية، وقلبى بيتقطع لما اسمع صوتهم، وكل اللى بيقولوه: (ابعتوا الفلوس علشان يسيبونا)، وآخر مرة سمعت اللى خاطفهم بيقولهم: (قولوا لهم جَمَّعوا الفلوس وابعتوهم بدل ما نموتكم)، ومن ساعتها وأنا دموعى مانشفتش، وحاسة انى هأموت قبل ما أشوفهم، والبيت بقى فيه مأتم!».
وروى رمضان محمود فرحات، والد أحد المخطوفين، ما حدث، قائلًا: «فوجئت باتصال من ابنى منذ 3 أيام، وقت قرآن الفجر، وقالِّى بصوت مخنوق: (أنا مخطوف أنا وأربعة من البلد وواحد من الصعيد، وعاوزين من كل واحد فينا 60 ألف دولار علشان يسيبونا)، فمصدقتش وقلت له انت بتقول إيه بلاش هزار!، فبكى وقالِّى: (الحقنى يا ابا هيموتونا لو مادفعنالهمش!»، وبكى وهو يقول: «قرروا تخفيض المبلغ بعد مفاوضات لمدة يومين، وطلبوا 20 ألف دينار عن كل واحد، لكن احنا مانقدرش ندفع المبلغ ده، أنا شغال باليومية ولا أملك إلا قوت يوم بيوم، وابنى بيتصل بى كل فترة وهو بيصرخ ويقول لى: (بيضربونا وبيقولولكم جهزوا الفلوس، وهنحدد لكم مكتبين للصرافة فى المنصورة تبعتوا لنا الفلوس من عندهم)».
وقالت ليلى طه السيد، زوجة صالح جابر، أحد المخطوفين: «لو معانا المبلغ المطلوب عمره ما كان سافر، ده احنا غلابة أوى، وعندنا طفل مريض يحتاج كل شهر 1500 جنيه علاج، وأنا مش عارفة أعمل إيه دلوقتى وأجيب منين الفدية المطلوبة!»، وأضافت صديقة على إبراهيم، زوجة شوقى محمد على، أحد المخطوفين: «من لحظة ما عرفنا خبر خطفهم واحنا بنجرى على المسؤولين فى (الخارجية) و(الأمن)، والكل بيقول لنا مفيش حاجة فى إيدينا نعملها، اتفاوضوا مع الخاطفين»، وانهارت وهى تقول: «زوجى تعبان وبيشتغل عامل فى البلاط، وسافر علشان الشغل بقى قليل فى البلد، ومش هيتحمل الضرب والتعذيب، ده سافر علشان يقدر يعلم أولاده، لأن ابنه فى ثانوية عامة وبياخد دروس كتير، حتى أمه ماتت يوم 7 رمضان، وماقدرش ييجى ياخد عزاها»، وأضافت: «نفسى الرئيس السيسى يعرف حكايتهم ويتدخل علشان يرجعهم، واحنا بنقوله: (والنبى يا ريس رجع لنا ولادنا ورجالتنا، لأن قلوبنا قايدة نار!)». وقال رضا الشحات، عم أحد المخطوفين: «أرسلنا فاكسات وتليغرافات للمسؤولين، وبعض الأهالى راحوا قدموا شكوى فى (الخارجية) ولم يسأل عنا أحد، والبلد كلها حزينة وكل بيت أصبح فيه مأتم، لأننا جميعا أهل وأقارب وأصدقاء، وحاولنا نجمع المبالغ لكن للأسف مش قادرين لأنها كتير علينا، دول عايزين 265 ألف جنيه علشان يرجعوا الولاد أو يقتلوهم، وأصعب حاجة ان ابنك يموت علشان انت مش قادر تنقذه»، فيما هدد أهالى القرية بالتظاهر أمام وزارة الخارجية للضغط على المسؤولين للتدخل لإعادة أبنائهم.
من جانبها، أكدت مصادر أمنية أنه تم التواصل مع وزارة الخارجية للاتصال بالسفارة المصرية بليبيا، لبيان وضع المصريين المخطوفين، كما تم إخطار جهات سيادية بالحادث، لافتة إلى أن مصر لا تترك أبناءها أبدًا، ولن تتوانى فى استخدام أى وسيلة لإعادتهم إلى ذويهم.