فى كل مكان أذهب إليه يسألنى الناس: يا دكتور إزاى نرجع السياحة؟ سائق التاكسى، والمرشد السياحى، ومفتش الآثار، والمحاسب، والضابط.. الجميع مهتم والكل حزين وهو يرى منتجعاتنا ومتاحفنا ومناطقنا السياحية دون سائحين! وعلى الرغم من وعى المصريين المتنامى بأهمية السياحة للاقتصاد المصرى، وأنها جزء لا يمكن الاستغناء عنه من الدخل القومى، إلا أن كثيرا من قطاعات الدولة لا توجد لديها مفاتيح حل المشكلة أو الرؤية الواضحة لكيفية عودة السياحة؟ للأسف انشغل المسؤولون فى تبرير الأزمة وأنها مؤامرة على مصر وأضاعوا كثيراً من الوقت فى الانتظار، ومازلنا نهدر الفرصة الواحدة تلو الأخرى ونكتفى بندب حظنا والحديث عن المؤامرة! لابد من إعادة تشكيل المجلس الأعلى للسياحة، وأن يتم اختيار أصحاب الرؤية وليس الحظوة!
الحل فى قيام كل المصريين بدورهم فى حل مشكلة عودة السياحة.. لابد أن تخلوا مصر من كل مظاهر التحرش واستغلال السائح سواء فى التاكسى، أو إذا رغب فى جولة على ظهر الجمل أو الحصان، وما نسمعه من قصص مؤلمة هى جرائم ترتكب فى حق مصر وحق السياحة يندى لها الجبين.. وعلى وزارة الطيران توفير رحلات بأسعار لا تنافس فى كل الأسواق التى كانت تأتينا منها الأفواج السياحية.. ويأتى دور وزارة الآثار فى ضرورة خروج المعارض الأثرية التى توفر لمصر ليس فقط مئات الملايين من العملة الصعبة، ولكن تمنح مصر دعاية مجانية غير مسبوقة، وبالأرقام حيث وصلت أرقام السائحين فى مصر عام 2010 إلى ما يقرب من 15 مليون سائح بفضل المعارض الأثرية التى كانت تجوب العالم وتجذب أعداداً هائلة من السائحين.
أما عن دور وزارة الثقافة فى عودة السياحة فهو يكاد يكون الأخطر، ولكن لا أحد ينتبه لذلك؟ نريد أن تكون للمواطن المصرى رؤية ثقافية إيجابية نحو السياحة فى كل ربوع مصر، سواء فى الريف أو فى المدن حتى المناطق التى لا تصلها السياحة، لابد وأن ننشر ثقافة السياحة بين المصريين. ما السبب فى أننا لا نستخدم مكتباتنا ودور السينما والمسرح والمراكز والقصور الثقافية فى ربوع مصر التى تمتلكها وزارة الثقافة فى نشر ثقافة السياحة وكيفية التعامل مع السائح والزائر وكذلك ثقافة نبذ العنف ومواجهة التطرف.
أما الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف وتحت سلطتها إدارة المساجد فى كل أنحاء البلاد، فلماذا لا تخصص خطب عن آداب معاملة الضيف؟ وحكم استغلال الزائر وترويعه أو تهديده سواء فى ماله أو عرضه أو حياته؟ ونفس ما نطلبه من الأزهر وهو منبر الوسطية فى العالم الإسلامى نطلبه كذلك من الكنيسة.. مصر للأسف الشديد كانت البلد المضياف السمح الذى يستقبل السائح ويودعه بابتسامة وترحاب. والأسف هنا أن شيئاً ما تغير وتحول السائح إلى فريسة للاستغلال بكافة أنواعه وأشكاله والنتيجة هروب السياحة الفردية من مصر، ومنذ زمن بعيد قبل مؤامرة الطيارة.
وزارة الخارجية عليها دور كبير وخطير، ودائماً ما أسأل نفسى: هل نحن نستغل فعلاً امتلاكنا لسفارات وبعثات دبلوماسية فى كل بلد بالعالم تقريبا؟ الواضح أننا لا نفعل! لقد سافرت معظم دول العالم محاضراً، وأشهد لمعظم سفرائنا وقناصلنا بالريادة والمسؤولية، وعلى رأسهم الوزير النشط سامح شكرى، ولكن هناك البعض الذى لا يقوم بدوره وتخيلوا معى أننى كنت الشهر الماضى أحاضر فى دولة أوروبية أمام مجموعة ضخمة من الأجانب تنشيطاً لعودة السياحة، وتمت دعوة المسؤولين بسفارة مصر هناك لحضور الاحتفالية الكبيرة والمؤتمر الصحفى للرد على أسئلة وسائل الإعلام بخصوص الأمن والسياحة وخطط مصر، وللأسف لم يحضر لا السفير ولا حتى حارس السفارة هناك، وعندما سألت عن السبب اتضح أنهم كانوا منشغلين بنقل السفارة!! والبقية فى المقال القادم وكل عام ومصر بخير وعيد سعيد.