جامعة أبوالغيط

سليمان جودة الإثنين 04-07-2016 21:51

الرواية العجيبة التى نقلها هشام ناظر، عن حسنى مبارك، لابد أنها تملأ عقل أحمد أبوالغيط، الأمين العام الجديد للجامعة العربية، وهو بالكاد يتحسس خطواته داخل الجامعة.. لابد!

ففى ديسمبر 2005 كان «ناظر» سفيراً للسعودية فى القاهرة، وكانت هناك قمة إسلامية سوف تنعقد فى مكة، وكان على سفير المملكة أن يرافق مبارك من جدة إلى مكة، ثم عودة إلى جدة، وفى الطريق بين المدينتين سمع منه رواية غامضة بقدر ما هى مثيرة!

روى الرئيس الأسبق للسفير أن على القاهرة والرياض أن تفعلا كل شىء، وأى شىء، لإنقاذ دمشق مما هى ذاهبة إليه.. وأنهما سوف لا يدخران جهداً فى هذا الاتجاه، غير أن المشكلة تكمن فيما إذا كان سوف يُسمح لهما بذلك أم لا؟!

روى هشام ناظر القصة موجزة هكذا، فى مذكراته التى صدرت فى دبى، مايو الماضى، للمؤلف تركى الدخيل، ولم يشأ صاحب المذكرات أن يزيدها وضوحاً، ولا هو قد فك غموضها، وإنما تركها على غموضها بحيث يفهم منها القارئ أن مصر والسعودية جادتان فعلاً فى تقديم كل شىء لصالح سوريا، وأن هذا إذا كان مهماً، فالأهم منه هو التالى: هل سيكون مسموحاً لهما بذلك أم لا؟!.. هذا هو السؤال؟!

لم يشأ مبارك أن يشير، ولو بحرف واحد، إلى طبيعة أو هوية هؤلاء الذين يسمحون، ولا يسمحون، لنا وللسعودية بما ينبغى عمله فى سوريا، ولكنه ترك الأمر على غموضه، وربما إثارته، لعل القارئ اللبيب بالإشارة يفهم!

وبطبيعة الحال، فإننا نفهم ما أراد الرئيس الأسبق أن يشير إليه، تلميحاً، لا تصريحاً، ونفهم الأسباب التى دعت هشام ناظر إلى عدم ممارسة المزيد من الضغط على مبارك، ليزيد المسألة وضوحاً.. نفهم هذا ونتفهمه!

ولقد دار هذا كله فى ذهنى وأنا أقرأ للسيد أبوالغيط فى حواره مع الأستاذ مكرم محمد أحمد، أمس الأول، على صفحات الأهرام، أنه لابد من توافق عربى روسى أمريكى، للوصول إلى حل نهائى فى سوريا، ومن بعدها العراق وليبيا.. أو حتى معها، وأن هذا هو يقينه!

إن الأمين العام للجامعة كان وزيراً لخارجيتنا فى الوقت الذى روى فيه مبارك لهشام ناظر ما روى، والمؤكد أن «أبوالغيط» يعلم تماماً حقيقة ما كان الرئيس الأسبق يشير إليه، بل يشكو منه، وهو يبث لسفير المملكة السعودية بعض همومه، والمؤكد أيضاً أن «أبوالغيط» لو تعرَّض للقصة نفسها، التى تعرَّض لها مبارك فى حديثه مع السفير، فسوف يكون أكثر صراحة وأكثر وضوحاً!

أروى من ناحيتى هذا كله لأقول إن ما يريد الأمين العام للجامعة أن يفعله من أجل سوريا الذبيحة، والعراق معها ثم ليبيا، ونريده معه قطعاً، يظل فى حاجة إلى أن يعمل القادة العرب، واحداً واحداً، مع الرجل من خلال الجامعة، وأن يسعفوه، ولن يسعفوه إلا إذا كان أداء الجامعة كمؤسسة هو حاصل جمع إرادات شعوب، لا إرادات حكام.. فعندها.. وعندها فقط.. سوف تقدم لكل عربى شيئاً مختلفاً، عما كانت تقدمه منذ نشأت.. وعندها فقط أيضاً سوف لا يستطيع «الذين يسمحون، ولا يسمحون» أن يعطلوها!