إقالة الحكومة واجب وطنى

عبد الناصر سلامة الإثنين 27-06-2016 21:07

حقيقى وبدون أى تضخيم للأمور، ولا أى شىء من هذا القبيل، الذى سوف نُتهم به من بعض المتخصصين فى ذلك، نود أن يخرج علينا مسؤول محترم، يقول لنا: متى يمكن أن تُقال حكومة فى بر مصر المحروسة، متى يمكن إقالة وزير، متى يمكن إقالة رئيس أى منظومة، متى يمكن إقالة مسؤول عموماً؟ معلوماتنا المؤكدة هى أنه يمكن إقالة أى قيادة، فى أى موقع، فى أى وقت، إذا كان ذلك فى إطار وشاية، أو تصفية حسابات، أو أى شىء من هذا القبيل.

ألا يمكن إضافة التقصير فى العمل إلى هذا البند، ألا يمكن إضافة التقصير بحق الوطن، ألا يمكن إضافة الإهمال، ألا يمكن إضافة التآمر على الدولة، ألا يمكن إضافة إذا كانت هناك خسائر مادية تكبدتها الدولة، ألا يمكن إضافة إثارة البلبلة والتوتر فى المجتمع، ألا يمكن إضافة إثارة قلق وقرف الأسرة المصرية، ألا يمكن إضافة الغباء السياسى والاجتماعى، ألا يمكن إضافة الغباء المهنى، ألا يمكن إضافة الفشل العام والخاص.

ماذا يكون الأمر إذا اجتمعت كل هذه الأمور فى حكومة واحدة، أو فى وزير واحد، أو فى قيادة واحدة، أو فى نظام دولة، من خلال تلك القضية المثارة الآن، حول امتحانات الثانوية العامة، والتى هى الأولى من نوعها فى تاريخ الدولة المصرية، قضية تسريب كل المواد بلا استثناء، علمى وأدبى بلا استثناء، يومياً بلا استثناء، تأجيل امتحانات مادة، وإلغاء أخرى، مشاورات حول إلغاء جميع المواد، عليه العوض ومنه العوض فى الطلاب المجتهدين، ولا هنيئاً ولا مرحى بالغشاشين.

أعتقد أن هذه القضية إذا مرت علينا كغيرها من القضايا، بتلبيسها فى النهاية لموظف صغير، أو مجموعة موظفين لا حول لهم ولا قوة، فسوف نظل نتوقعها عاماً بعد عام، فى إطار نظرية المؤامرة التى تستهدف إسقاط الدولة، من خلال إسقاط أهم مقوماتها وهو التعليم، لذا كان على الحكومة الفاشلة أن تعترف بفشلها وتنسحب من المشهد، كان على الوزير الفاشل أن يعترف بفشله ويبدأ بنفسه، كان على الأمن الفاشل كذلك، إلا لأنهم لم يفعلوا، ولن يفعلوا، كان يجب أن تصدر قرارات عليا بتنحيتهم، ليس ذلك فقط، بل ومحاسبتهم بالقانون والعرف وكل شىء.

لماذا كل قضايانا التى نعيشها حالياً، هى الأولى من نوعها فى التاريخ، أو فى العالم، على حد سواء؟! الدولة تتنازل عن جزء من أرضها، وتناضل فى سبيل ذلك، الدولة تُسرب الامتحانات الأهم فى كل المراحل التعليمية، ولا أحد يتحرك، الدولة توقع اتفاقيات تمنح الآخرين الحق فى بناء سدود تحرمها من المياه، وكأن شيئاً لم يكن، الدولة توقع اتفاقيات تتنازل بموجبها عن حقول غاز فى البحر المتوسط، وكأن شيئاً لم يحدث، الدولة تنفق أموال المواطنين على مشروع لم ندرس جدواه فى قناة السويس بزعم رفع الروح المعنوية، ثم تتوالى خسائر المشروع، رغم ذلك سد الحنك سيد الموقف، وإذا نطق أحد كانت الاتهامات سيفاً مسلطاً على رقبته، بدءاً بالأخونة، وليس انتهاءً بالعمالة والتمويل، الحمد لله لم تعد هناك اتهامات بالخيانة، بعد أن تبدلت المواقع.

بعد تسريب امتحانات الثانوية العامة بهذا الشكل المزرى، يتم تأجيل الامتحانات وإلغاؤها بدلاً من سد ذلك التسريب، هو دليل آخر على أن تعبير شبه الدولة، لم يعد كافيًا كتوصيف للحالة التى نعيشها، دولة لا تستطيع تأمين الامتحانات، ماذا يمكن تسميتها، دولة لا تستطيع تأمين جماهير المباريات، ماذا يمكن أن نطلق عليها، دولة لا تستطيع تأمين السياحة، ماذا ننتظر منها، دولة لا تستطيع ولا تريد حماية أرضها، كيف يمكن الوثوق بها، دولة تُخدّر مواطنيها طوال الوقت، بحجة أهل الشر، وأهل البدنجان، بالتأكيد لا أمل فيها.

لا يا سادة، لم نعد نستطيع الاستماع وفقط، لن نستطيع أن نستمر كسميعة لعم جابر، طوال الوقت، وهو يقص علينا سيرة أبوزيد الهلالى، اتضح فى النهاية أننا أمام أحد أمرين، إما أن الغباء مستشرٍ، وهو ما تجب مقاومته، وإما أن المؤامرة كبيرة، وهو ما تجب مواجهته، الوطن ينهار تعليمياً وصحياً واقتصادياً وأخلاقياً، الانقسام أصبح حالة عامة، كما الاستقطاب أصبح أمراً طبيعياً، كما البيع والتنازلات فى وضح النهار، ماذا ننتظر إذن، وماذا تبقى.

الموقف أيها السادة فى حاجة إلى عملية تصحيح شاملة، بإسناد الأمر إلى أهله فى كل المواقع أولاً، بتصحيح كل الأخطاء الكبيرة والصغيرة والاعتذار عنها، الثانوية العامة مجرد نموذج لا يجب تجاهله، قناة السويس مجرد نموذج لا يمكن تجاهله، كل القضايا بلا استثناء تصبح مفتوحة للتصحيح، على اعتبار أنها كانت أخطاء، وجل من لا يخطئ، أما وإن كان هناك إصرار على هذه الأخطاء، فإن الأمر جد خطير، لا أعتقد أبداً أن الوقت فى صالح أحد، على العكس تماماً، الوقت يداهم الجميع، وفاتورة الغباء يدفعها الجميع أيضاً، أما الفاتورة الأخرى فمن رصيد أصحابها فقط، واقرأوا التاريخ.