اختراعات تلغى ما قبلها. Disruptive innovations. هكذا يسمونها. جاءت السيارة لتلغى استخدام الحيوانات وعربات الجر كوسيلة للنقل. التليفون قلل الاعتماد على البريد. الإيميل كاد يقضى على البريد تماماً. لولا المخاطبات الرسمية. ثم جاء الموبايل، بمثابة ثورة فى عالم الاتصال. كما الإنترنت قلل الاعتماد على الصحف والمجلات المطبوعة بشكل عام. الإنترنت ينقل الخبر أسرع من الصحافة المطبوعة. أسرع من الراديو. ومن التليفزيون. خضعت جميعها. فأصبح لكل صحيفة أو محطة تليفزيون موقع إلكترونى. الصحف تتجه الآن لكتابة القصص الإخبارية. تسعى لنشر ما وراء الخبر. الذى أصبح مكانه الإنترنت والموبايل. هكذا التطور دائماً يقلل الاعتماد على الوسائل القديمة. قد يلغى بعضها تماماً.
مسلسلات رمضان لم نعد نشاهدها على شاشات التليفزيون فقط. اليوتيوب أيضاً يقدم لك الخدمة ذاتها فى أى وقت. فى أى مكان. طالما أنك متصل بالإنترنت. بعكس التليفزيون فهناك مواعيد محددة للعرض. ليس هذا فحسب لا يمكنك أن تشاهد حلقة من أى مسلسل على أى شاشة بدون إعلانات مملة ومكررة. تحتاج الحلقة الواحدة التى تستغرق مشاهدتها 45 دقيقة لساعتين بسبب الفواصل الإعلانية. وأحياناً أكثر من ذلك.
المشاهد فقد استمتاعه بالدراما بسبب الإعلانات. التى تحتشد فى رمضان بشكل كبير. وحسب التقديرات حجمها المالى خلال هذا الشهر فقط يساوى النصف. أما النصف الآخر فيعرض على مدى الـ11 شهراً المتبقية.
صحيح أن تكلفة المسلسلات باهظة. وأجور الممثلين بالملايين خصوصاً النجوم منهم. فإن الإعلانات هى الحل الوحيد لتغطية هذه التكاليف. لكنها فى نهاية الأمر تأتى على حساب المشاهد. الذى يدفع ثمن كل ذلك فى حقيقة الأمر. من خلال شرائه السلع المعروضة فى تلك الإعلانات. إنها دائرة مغلقة مفهومة. تخضع لحسابات المكسب والخسارة. والمشاهد هو أكبر الخاسرين. تدريجياً شاشات التليفزيون سوف تخسر هذا المشاهد. لا يريد أن يهدر ساعتين من وقته لمشاهدة حلقة من مسلسل مدتها 45 دقيقة فى الأصل أو ربما أقل من ذلك. بدا يتجه لليوتيوب. يمكنه أن يشاهد ما يريد وقتما يريد بدون إعلانات. بدون إهدار للوقت. خصوصاً أننا فى عصر السرعة.
إذن المعلن عندما يلاحظ تراجع المشاهدة وانصراف المشاهدين عن شاشة التليفزيون. سوف يبحث عن الوسيلة الأخرى التى انتقل إليها المشاهد سواء كان اليوتيوب أو غيره من الاختراعات الجديدة.