فى يد الوزيرة وحدها!

سليمان جودة الجمعة 24-06-2016 22:12

أطالب الوزيرة سحر نصر بأن تخرج على الرأى العام فى البلد، وأن تعلن عليه شيئاً محدداً، وأطالبها بالتزام الشفافية الكاملة فيما سوف تعلنه.

أما الشىء الذى أطالبها به، وفى إلحاح، فهو الآتى: نسبة الدين العام حالياً إلى مجمل الناتج المحلى، ثم - وهذا هو الأهم - معدلات العالم الآمنة فى هذه النسبة.

إننى أطلب ذلك، لسببين اثنين، لا ثالث لهما:

أما أولهما، فهو أن الرئيس قال أثناء لقائه قبل أيام مع الوزيرة، باعتبارها مسؤولة عن ملف التعاون الدولى فى الحكومة، إنه لا توقيع على أى قرض جديد، إلا إذا تأكدنا مسبقاً من قدرتنا على سداده.. ثم أضاف الرئيس عبارة أخرى، هى أنه لا توقيع من هذا النوع، حتى ولو كانت نسبة الدين العام، إلى مجمل الناتج المحلى، فى حدودها الآمنة.

هنا.. وهنا بالضبط.. نطلب إعلان هذه النسبة وحدودها الحالية، لأن المفهوم من عبارة الرئيس، فى حضور الوزيرة، ورئيس الحكومة، أن الحدود فى التقارير أمامه آمنة.. وهى، فيما أعرف، ليست كذلك، وأتمنى أن تكون النسبة آمنة فعلاً، ولن نطمئن إلى أنها آمنة، إلا إذا أعلنتها الوزيرة المسؤولة بلسانها، وقالتها بوضوح!

وإذا كان الرئيس قد أراد بعبارته أن يطمئننا، فنحن نثق فى كلامه، غير أن هناك فى النهاية وزيرة مسؤولة ومختصة، ولابد أن تحوِّل طمأنة الرئيس السياسية إلى أخرى اقتصادية، بأن تقول، وبوضوح كامل، إن النسبة فى وقتنا الراهن هى كذا، تحديداً، وإن معدلاتها العالمية هى كذا أيضاً.

هذا عن السبب الأول.. أما الثانى فهو أنى عندما كنت فى بولندا، فى مارس الماضى، سألت عندهم عما أسأل عنه عندنا، فأجابنى المسؤول هناك، بكل بوضوح، وقال إن المعدلات العالمية الآمنة، والمتفق عليها دولياً، هى 60٪، وإن نسبة الدين العام إذا زادت عن ذلك 1٪ فقط، فمعنى هذا أن الدولة دخلت مرحلة الخطر الحقيقى، وأن اللمبات الحمراء تضىء فى كل ركن فيها، لعلها تنتبه فتعيد النسبة إلى 60٪، وتتوقف تماماً عن اقتراض أى مبلغ، حتى لو كان هذا المبلغ دولاراً واحداً خارجياً أو كان جنيهاً واحداً، داخلياً، فى مثل حالتنا!

وما أذكره تماماً، وما كتبت عنه فى هذا المكان فى حينه، أن المسؤول البولندى الذى تشبه بلاده بلادنا فى أشياء كثيرة قد أضاف أن النسبة عندهم أقل من 60٪، وأنها لا تزيد على ذلك تحت أى ظرف، وأن عليها رقابة صارمة من مستويين: مستوى شعبى يمارسه المواطن فى الداخل، ثم مستوى رسمى أكبر يمارسه الاتحاد الأوروبى فى الخارج، بحكم عضويتهم فيه، والاتحاد لا يسمح بأى تجاوز للنسبة بأى حال، إذا حدث وتغافل المواطن البولندى، لأن الحكاية ليست لعبة، ولكنها اقتصاد بلد، ومستقبله، وأمنه معاً!

الوزيرة مدعوة إلى أن تعلن ما يخصنا فى هذا الملف، والدولة من جانبها مدعوة إلى أن تحرضها على ذلك، حتى لا ينشط الذين يشوشون على البلد، وعلى اقتصاده، وحتى نقطع عليهم الطريق، ونغلق هذا الباب.. وفى يدها وحدها أن تغلقه!