أدلة وشواهد وتفاصيل وحكايات كثيرة جدا تؤكد اقترابنا من نقطة تحول فاصلة وحاسمة فى مسار الإعلام المصرى ومسيرته وصورته وحساباته ورهاناته أيضا.. وما أقصده هنا بكلمة إعلام هو صناعة الميديا والترفيه بكل أشكالها ومجالاتها من برامج توك شو لبرامج منوعات لصحافة على الورق وإعلانات ودراما وإعلام رياضى أيضا.. فنحن اقتربنا كثيرا وجدا من مشهد نهاية هذه الصناعة بشكلها الحالى.. وقد يتخيل البعض أن التحالفات الجديدة والمفاوضات الحالية صفقات لإعلام جديد فى مصر.. وليس ذلك صحيحا.. فهذه التحولات والصفقات نتيجة وليست سببا.. بل ليس مبالغة على الإطلاق الإشارة إلى أن معظم هذه الصفقات وأصحابها لا يجرون من أجل اللحاق بهذا التغيير الحتمى الذى سيحدث إنما هم فى الحقيقة يقاتلون حتى اللحظة الأخيرة من أجل الإبقاء على الأوضاع الحالية بكل أخطائها التى يعرفونها أكثر من غيرهم، لأنها باتت الأسهل بالنسبة لهم والأكثر أمانا بدلا من خوض مغامرة الجديد الملىء بالتحديات والأشواك والمخاطر.. وهى خطوة أو ثورة تأخرت كثيرا وستحدث مهما كانت جهود ومحاولات إبطائها أو الهرب منها.. فكل المعادلات ستتغير رغم أنف الجميع، والنجاح مستقبلا لن يبقى حكرا لمن يملك المال الأكثر إنما لمن يملك الفكر والمضمون الجديد والواقعى.. فقد انتهت حقبة المال المطلق وضمان المكسب بأى محتوى والقدرة على الاستمرار مهما كان الشكل أو التسطيح والمجاملات والاستخفاف بكل شىء.. وقد يكون لكل مجال من مجالات صناعة الترفيه والإعلام أصحابه وخبراؤه والمهتمون به.. لكننى هنا أتحدث بالتحديد عن مجال الإعلام الرياضى.. فلن يبقى هذا الإعلام قائما بكل أفكاره وحساباته وقواعده القديمة.. وكانت البداية بالتحديد يوم نجحت شركة بريزنتيشن فى شراء الحقوق الحصرية لبث قرعة التصفيات الأفريقية للمونديال الروسى..
قرعة اعتادت شراءها شبكة سبورت فايف الفرنسية المتحالفة القديمة مع الاتحاد الأفريقى لكرة القدم والتى لا تتعامل غالبا إلا مع شبكة بى إن سبورت القطرية.. وكانت خطوة لم ينتبه كثيرون لدلالتها ومعناها أو ربما رآها الجميع مجرد نخوة مصرية أمام الغول القطرى الذى يملك مالا بلا حساب وشراهة غير عادية للاستحواذ على كل شىء.. لكن الحقيقة هى أن هذه الخطوة هى بداية التفكير الإعلامى الرياضى المختلف.. فالأموال باتت تفتش عن حقوق البث والأفكار الجديدة المختلفة وليس مجرد النجوم الكبار.. ومع الشاشات الجديدة أو القديمة بأصحابها الجدد.. سنشهد هذا الفكر هو الذى يسود وينتصر وليس الفكر القديم.. فالكرة المصرية بعد أن باتت تعتمد بشكل أساسى على الرعاة.. وبعد أن بات هؤلاء الرعاة ليسوا مجرد صناديق مال بلا حساب إنما لهم فكرهم ومطالبهم باعتبارهم شركاء بالفكر وليس المال فقط.. وبعد أن تضطر كل الشركات والوكالات الكبرى لمراجعة كل حساباتها وإعلاناتها بعيدا عن كل الإنفاقات أو التربيطات القديمة التى أبدا لن تستمر.. وبعد استطلاعات حقيقية لنسب المشاهدة والمتابعة.. سيبدأ الإعلام الرياضى الجديد فى مصر الذى لا يعنى بالضرورة تغيير وجوه وأسماء بقدر ما يعنى تغيير شكل وصورة وفكر ورسالة ومضمون.