شرطة المُعز لدين الله والصلاة دون ترخيص!!!

سعيد السني الخميس 23-06-2016 21:39

تتوالى الإشارات، بل الضربات فوق أم رؤوسنا، إعلاناً وتأكيداً بوجود خلايا سلفية متغلغلة بأروقة بعض الأجهزة الإدارية والأمنية، وإن هذه الخلايا بدأت تخرج من مكامنها للإعلان عن نفسها، بعد أن قوبلت العديد من التحركات السلفية الطائفية الظاهرة على الأرض، بنوع من الليونة والميوعة والتغاضي، لنجد أنفسنا أمام «تمدد سلفي» حائز على رضا «السلطة»، إلى حد استخدام أدواتها وأياديها لتحقيق أغراضه الدينية المشوهة.. فلم نكد نفيق من موقعة العجوزة التي مرت دون محاسبة نائب رئيس الحي على قيامه بإغلاق العديد من المقاهي؛ على خلفية قيامها بفتح أبوابها للمفطرين في نهار رمضان دون سند من القانون.. حتى فوجئنا برجال الشرطة بشارع المُعز لدين الله بالعاصمة، يقومون صباح الأحد الماضي عقب أذان الفجر بمطاردة المواطنين المتواجدين بالشارع، وتوبيخهم وإجبارهم إما على الدخول إلى المسجد لصلاة الفجر، أو المغادرة إلى منازلهم، مع تحذير شديد اللهجة للمخالفين ولكل من يشرب سيجارة، بأن يتم القبض عليهم، وتحرير محاضر لهم، وتوصيفهم بأنهم «غير محترمين»، ولم يكن ينقص ضابط الشرطة بطل الواقعة الذي يبدو «سلفياً»، وجنوده سوى ارتداء الجلباب الأبيض واللحية، وعصا بيده، مقتديًا برجال «هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» السعودية، الذين جرى تحجيمهم هناك وتجريدهم من سلطاتهم منذ إبريل الماضي.. وقد شهد الزميل الإعلامي محمود التميمي الواقعة عياناً، وحاول معاتبة «شرطة المُعز لدين الله» وإثناءهم عما يفعلون، فكان الرد عنيفاً صارماً بالمغادرة، وهو ما سجله «التميمي» تفصيلا على صفخته بموقع «فيس بوك».. وقد لا يكون هذا مزعجاً مادام أنها «حالة فردية» في دولة تقف بالمرصاد لمن يتجاوز حرمات القانون أو يعتدي على حقوق الآخرين وحرياتهم المحمية بالدستور.. لكن ماذا عسانا نفعل ونحن في «شبه دولة»، يتجاوز فيها بعض رجال الضبط صلاحياتهم ويضربون بالقانون عُرض الحائط، بينما دورهم هو حمايته.

لقد اتصل مسؤلون في وزارة الداخلية بالزميل التميمي، واعتذروا له ووعدوا بالتحقيق.. لكن ماذا عن بقية المواطنين المُضارين وهم كُثر؟، ولماذا لم تُصدِر الوزارة بياناً واضحاً قاطعاً تتنصل فيه من هذا العبث؟، أم أن مثل هذا البيان المُفترض من شأنه إغضاب السلفيين؟ ولماذا لا ترسل الداخلية كتابات دورية لرجالها لتذكيرهم بمهامهم وحدودها القانونية.. وما دمنا على ذكر الشرطة والسلفيين.. فلماذا هذه السلبية في مواجهة التجاوزات السلفية الطائفية، وآخرها قيامهم بالاشتباك مع المسيحيين بقرية البيضاء بالعامرية غرب الإسكندرية، على خلفية شائعة بقيام أحد المسيحيين بتحويل منزله إلى كنيسة.. فإذا كان هناك بالفعل بناء مخالف لكنيسة أو غيرها.. فإن هذا دور المحليات ومعها الشرطة عند اللزوم، ويمكن لـ«السلفيين» الإبلاغ عن المخالفة.. فإذا تحركوا لوقفها بأيديهم على غرار ما حدث.. فإن الواجب الشرطي هو القبض عليهم وإحالتهم لجهات التحقيق وإنزال سيف القانون على رقابهم.. لكن بدلا من ذلك تبدت لنا «النباهة والذكاوة» التي يتمتع بها رجال الشرطة المتعاملين مع الملف هناك، بإلصاق تهمة طريفة وظريفة تم توجيهها لعدد من المسيحيين المجني عليهم وهي «الصلاة في مكان بدون ترخيص»، وهي تهمة على غرابتها لم ترد بقانون العقوبات، والقاعدة الدستورية الأصيلة تقول: «لا جريمة ولا عقوبة بغير نص».. إذ إننا نصلي في أي مكان بطبيعة الحال.. كما أن الأمر لا يخلو بالنسبة للإخوة المسيحيين من مريض يحتاج الصلاة للدعاء له أو عرس يباركونه أو ما شابه، مما يستلزم طبقا لطقوسهم إقامة صلاة للبركة أو الدعاء.. فإذا اجتمع نفر منهم ومعهم القسيس للصلاة في منزل، فهذا لا يعني بالضرورة أن المنزل صار كنيسة، وحتى لو كان وحدث، فالقانون لم يكلف «السلفيين» بالوكالة عن أجهزة الدولة بمنع البناء بدون ترخيص سواء كان منزلا أو كنيسة.

أوقفوا هذا التمدد السلفي.. فهو خطر عظيم على الدولة ووحدتها.. يكفي ما يبثونه على مواقعهم من كراهية لشركائنا في الوطن، وما يثيرونه من فتن طائفية قد لا تحمد عقباها في نهاية المطاف.

نسأل الله السلامة لمصر.

Saidalsonny2@gmail.com