تصلح التدوينة التي نشرها عاصم عبدالماجد على صفحته على فيسبوك بخصوص الدكتور مجدي يعقوب مدخلًا مثاليًا للإجابة على السؤال الرخو المنتشر هذه الأيام: ماذا لو أكمل مرسي مدته الرئاسية؟ ألم يكن الآن موعد نهايتها؟ لكنكم استعجلتم؟
يشيع هؤلاء المتساءلون –بكل أسى- أننا لو صبرنا على مرسي لكان في نهاية ولايته، ولتمكننا من تغييره بمنتهى السهولة بعد تجربة ديمقراطية نظيفة معقمة، لا انقلاب فيها ولا يحزنون.
وكأن الأمر بمثابة استبدال تورتة «فورسيزونس» بتورتة «موس كراميل» من محل حلوى فاخر، يتناول فيه بائع أنيق علبة الحلوى القديمة ويعطيك الجديدة دون تذمر أو تبرم وبابتسامة بلاستيكية لا تخفت أبدًا ولا تغادر فمه.
وكأن مرسي والذين من وراءه وأمامه كانوا سيرحلون بهدوء حريري الانسياب فرنسي الإيحاء كما الصابون الفاخر الأملس، أو كأنهم فرقة مسرح تجريبي ستغادر المنصة في هدوء ودماثة وتواضع مع انتهاء العرض.
وهنا يود المرء أن يسأل أنصار ديمقراطية الإخوان المتخيلة وسيناريوهات رحيلهم السلسة: هل كنت معنا في مصر الأعوام الماضية؟ هل كنت تدب معنا بقدمين على أرض هذه البلد في الفترة من يونيو 2012 حتى يونيو 2103؟
ما هذه المغالطات التاريخية التي تودون جرجرتنا إليها؟ أي نوع من النسيان والتناسي هذا الذي تشيعونه؟
هل كانت تجربة الرئيس مرسي ومجلس الوصاية عليه من مكتب إرشاد جماعته عبارة عن مسلسل من أعمال البناء والتنمية والهيكلة الإدارية ومكافحة الفساد وسن التشريعات الرقابية ومراقبة أسعار التداول في البورصات؟
هل كان الرجل مدنيًا ديمقراطيًا، تحتمل مغامرة مجيئه هو وزمرة الدجالين من جماعته التعيسة أن نتعامل معها على أنها «تجربة» في الحكم، يمكن أن يكون لها ما لها وعليها ما عليها؟
لماذا تسبغون الطبيعية على ما هو شاذ في أصله ومنبته ومساره ومآله؟ لماذا تصورون الأمور على غير حقيقتها بطرح أسئلة هي في حد ذاتها مغالطات تجافي المنطق من أطرافه لأطرافه؟
وهل كان محل الخلاف مع الرئيس المعزول محمد مرسي من قضايا الاختلاف السياسي الجائز بين أحزاب اليمين واليسار؟ هل كان الخلاف على توجهات فكرية وسياسية مثلما تتطاحن الأحزاب على الحكم في التجارب الديمقراطية الأكثر تبلورًا؟
أما أننا كنا في صراع وجود مع جماعة حين دب أول خلاف بيننا وبينهم وقفوا على منصة رابعة وأقسموا بالله جهد أيمانهم أن تنحرق البلد كلها وأن ينتشر الإرهاب في كل بقعة في سيناء؟
هل هذه التهديدات تصدر عن كيان طبيعي يمكن أن نختلف معه ونجلس على طاولة حواره؟ مع من يهددونك بالقتل؟ مع من لايؤمنون بصفة بلدك كدولة وبصفتك كمواطن؟ مع من يرونك من رعايا الخليفة العثماني ويرون بلدك مصرًا من الأمصار؟ مع من يراك دونه في الدين والإنسانية؟
هل بداخلك كل هذه الدونية كي تتفاوض مع من يراك ضئيلًا منتفي القيمة والقدر إلى هذا الحد؟
كفى ميوعة مرذولة والتماسا لمثالية في غير مواضعها تضع مفردات «الحوار» و«صناديق الانتخاب» و«المسار الديمقراطي» مع فئة كان لسانها يوم الأزمة عاصم عبدالماجد وصفوت حجازي والبقية الباقية من الإرهابيين بصنفيهم المتقاعدين والناشئين.
عبدالماجد يرى- في تدوينته على فيسبوك- أن الدكتور مجدي «ملعون» ويستعين باليهود لإجراء الجراحات للمسلمين!
قاتل كعبدالماجد يشكك في مجدي يعقوب، ونعل مجدي خيرٌ من عبدالماجد وفصيله وأمم أمثالهم.
قاتل كعبدالماجد يزهق الأرواح بالسلاح الغادر والإفتاء الفاسد، يتنطع ويقطع بالقول في مجدي يعقوب الذي كرس عمره لإحياء الناس..اثنان لايستويان عند الله ولا القانون ولا العقل، ثم تقبل أنت أن تتفاوض مع من يستبيح مالك ودمك وعرضك ويتطاول على رمزك.
هذا هو الذي لو بقي مرسي لكان واحدًا من دهاقنة حكمه ومن الناطقين الرسميين باسم دولته.. هذا عبدالماجد الذي تتحسرون على التجربة الديمقراطية التي لم تكتمل كي يطبق على أنفاسكم بالسيف والنار..هذا غيضٌ من فيض رأيناه على منصة رابعة التي نطقت عن مكنون قلوب الجماعة الربانية وأشياعها، بأنه إذا لم يكن سواهم في مقعد الحكم فلا أمان لمصر كلها.
هؤلاء الذين تجادلوننا فيهم وفي المسار الديمقراطي المفترض؟ هؤلاء الذين أشعلوا البلاد بطولها وعرضها حربًا أهلية واقتتالات هنا وهناك منذ أحداث الاتحادية (ديسمبر 2012) وحتى رحيلهم غير المأسوف؟
لماذا تتناسون أحداث العنف التي قادوها في المحافظات قبل 30 يونيو وبعده؟ ولماذا تتناسون أنهم رأوكم «شعب يعشق الذل» وأننا أخرجناهم من قريتنا لأننا كقوم لوط كرهناهم لأنهم (أناسٌ يتطهرون)؟
لماذا تنسحقون أمام مظلومية (وإن كانت مستحقة في وجه من أوجهها على نحو من أنحائها) لتسحبوا غطاء هذه على جرائم مضت وتمضي وستمضي في مقايضة تجافي العقل والعدل؟
وكل هذا كرهًا في زيد لا حبا في عمرو!