مدير «هيومان رايتس» بواشنطن: سجل مصر ملىء بالانتهاكات ولا نتوقع تحسناً

كتب: هبة القدسي السبت 27-11-2010 21:11


قال مدير منظمة «هيومان رايتس ووتش» بواشنطن، توم مالينوفسكى، إن دعوة الرئيس مبارك لإجراء انتخابات برلمانية تحت رقابة وإشراف منظمات المجتمع المدنى المصرى، خطوة مهمة، مشيراً إلى أنه يؤمن بأن الضغط الداخلى المصرى هو الأساس فى تحقيق إصلاحات على مسار الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان، ولكنه فى الوقت نفسه، أكد أهمية ممارسة الولايات المتحدة ضغوطاً على مصر، لضمان إجراء انتخابات حرة ونزيهة، وضمان «شرعية» هذه الانتخابات، كخطوة مسبقة لضمان «شرعية» الانتخابات الرئاسية المقبلة.


وقال مالينوفسكى فى حواره مع «المصرى اليوم»، إنه يتوقع حدوث انتهاكات كثيرة فى مجال حقوق الإنسان أثناء الانتخابات، منها ملاحقة الناشطين السياسيين، واعتقال أنصار جماعة الإخوان المسلمين، ومنع الناخبين من الوصول إلى مراكز الاقتراع، مشيراً إلى قيام الحكومة المصرية باعتقالات كبيرة، وإغلاق قنوات فضائية، كمقدمة للسيطرة على العملية الانتخابية، وإلى نص الحوار:


■ ما رؤيتكم لدور منظمات المجتمع المدنى المصرية فى الإشراف على عملية التصويت فى انتخابات مجلس الشعب، ومدى قدرتها على الحيلولة دون وقوع انتهاكات أو أعمال عنف؟


- نحن نتمنى أن تشهد العملية الانتخابية فى مصر إجراءات تضمن نزاهتها، ومصر دولة قائدة فى المنطقة، ويجب أن تضرب مثالاً لبقية الدول العربية فى تحقيق تقدم فى احترام حقوق الإنسان والديمقراطية، لكن ما رصدناه من انتهاكات لحقوق الإنسان واعتقالات للنشطاء السياسيين، وإغلاق قنوات فضائية، يؤكد أن مصر تعانى من استمرار الانتهاكات فى حقوق الإنسان، وأن هناك إحباطاً مستمراً فيما يتعلق بحرية التعبير عن الرأى، وحرية حركة منظمات المجتمع المدنى.


ونحن نحترم إعلان الحكومة المصرية السماح للمراقبين المحليين بمراقبة الانتخابات، وهناك الآلاف من المصريين على استعداد للقيام بدور مراقبة الانتخابات، لكن المشكلة تتمثل فى العقبات التى يواجهونها فى سبيل الحصول على التصاريح للقيام بهذا الدور، ودخول مراكز الاقتراع، وهناك توقعات كبيرة وتخوفات من حدوث وقائع عنف وتحرشات ضد المرشحين والناخبين، ونحن من جانبنا نتمنى أن تكون الانتخابات البرلمانية المصرية حرة ومفتوحة وعادلة، لكننا لا نرى دلائل على إمكانية حدوث ذلك، فالعنف والبلطجة من الظواهر المتكررة فى الانتخابات المصرية، ولكن إذا وجه الرئيس مبارك أوامره للأجهزة الأمنية بالتقليل من العنف أثناء الانتخابات فإن ذلك سيحدث.


■ لماذا التشكك فى قدرة مصر على تحقيق انتخابات نزيهة؟


- سأقبل ما تقوله الحكومة المصرية بأنها تريد التدرج لتحقيق الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان، وإجراء انتخابات نزيهة يقبلها العالم، لكننى لا أرى مؤشرات على أن تلك الانتخابات ستكون مختلفة عن أى انتخابات سابقة، وحتى معايير التقدم فى هذا التدرج الديمقراطى ليست موجودة، وأعتقد أن ذلك الأمر مخيب للآمال، وإذا كانت الحكومة المصرية تؤمن فعلا بأن الانتخابات ستكون نزيهة، فهى ستكون فخورة بدعوة المراقبين الدوليين لها. من ناحية أخرى، أنا مؤمن بأن الضغوط الداخلية فى مصر، التى تأتى من المصريين أنفسهم هى أهم من الضغوط الخارجية من أى دولة، لكن ضغط الولايات المتحدة مهم أيضاً، فأمريكا تستطيع أن تؤثر بالسلب وبالإيجاب.


■ ماذا سيكون رد الفعل الأمريكى إذا رصدت منظمة هيومان رايتس انتهاكات أثناء العملية الانتخابية؟


- منظمة هيومان رايتس لا تقوم بعمل ترتيب للدول فى مجال احترام حقوق الإنسان، وأعتقد أن التأثير سيكون فى إطار العلاقة بين الولايات المتحدة ومصر، فالدولتان شريكتان فى عملية السلام فى الشرق الأوسط، وكانت الحكومة المصرية تروج أن الضغوط الأمريكية على مصر قد تقوض جهود عملية السلام وتؤدى إلى انهيارها، كما روجت أن الضغوط الأمريكية لتحقيق الديمقراطية قد تؤدى إلى وصول الإسلاميين إلى الحكم فى مصر، وأعتقد أن ذلك الجدل لم يعد مقنعاً فى الولايات المتحدة، لأن إدارة الرئيس أوباما مقتنعة بأن من مصلحة مصر الاستمرار فى عملية السلام فى الشرق الأوسط، ولا تعتقد بإمكانية وصول الإسلاميين الراديكاليين إلى الحكم فى مصر إذا تم تطبيق الديمقراطية، بدليل وجود تيار علمانى معتدل، ومع ذلك تلاحقه الحكومة المصرية بالاعتقالات والتضييق.


■ ما المستوى أو نسبة المشاركة التى ستعطى صفة الشرعية للانتخابات خاصة فى ظل الإقبال الضعيف للمصريين على المشاركة فى التصويت؟


- لا أعرف ما الرقم «السحرى» لإضفاء صفة الشرعية حول نسبة مشاركة المصريين الذين يملكون حق التصويت فى الانتخابات، فكل دولة لها معايير مختلفة، والقاعدة العامة تقول إن نسبة المشاركة فى الانتخابات تكون أقل عندما يشعر الناخبون بأن أصواتهم ليس لها اعتبار، وهى قاعدة صحيحة فى دول كثيرة، فالناس لا تميل للمشاركة فى التصويت عندما يتشككون فى نزاهة الانتخابات.


■ هل تعتقد أن الوقت أصبح متأخراً لقيام الولايات المتحدة بممارسة أى ضغوط على الحكومة المصرية لضمان شفافية الانتخابات البرلمانية؟ التى ستجرى خلال أيام قليلة؟


- الوقت ليس متأخراً أبداً للاهتمام الأمريكى بشفافية الانتخابات.


■ الولايات المتحدة لديها اهتمام بالترويج للديمقراطية لكن التصريحات الرسمية من الإدارة الأمريكية تقول إنها لا تتدخل فى الشأن المصرى، وإن الانتخابات وأسلوب إدارة العملية الانتخابية أمر يقرره المصريون وحدهم، فما تعليقك؟


- لا أعتقد أن هذا صحيح، فهناك دور أمريكى كبير فى هذه القضية، وهناك اهتمام كبير بمن سيخلف الرئيس مبارك فى الحكم، وأعتقد أن الحكومة المصرية تحاول إقناع مواطنيها بأن الإدارة الأمريكية تتدخل فى الشأن المصرى، لأنهم لا يريدون أن يشعروا بأنهم تحت ضغط أمريكى، وعندما تخرج تصريحات من الخارجية الأمريكية بشأن مصر، فإن الحكومة المصرية تبحث عن طريقة لرفضها، وكل ما يفعلونه هو تصوير أن الولايات المتحدة تتدخل، والواقع يؤكد أن مصر تهتم جدا بما تصدره الإدارة الأمريكية من تعليقات على ما يحدث فيها، والدليل على ذلك محاولات الحكومة المصرية منع مجلس الشيوخ الأمريكى من مناقشة قرار قدمه السيناتور جون ماكين والسيناتور روس فاينجولد حول الديمقراطية فى مصر، فقد قامت مصر بجهود «جبارة» لمنع مناقشة هذا القرار، وقامت بمحادثات مكثفة مع بعض أعضاء مجلس الشيوخ، وقامت بحملة واسعة للترويج عن مصر، وتحدثت مع مسؤولين كبار بإدارة أوباما، واستطاعت بالفعل إقناع اثنين من أعضاء مجلس الشيوخ بوقف مناقشة هذا القرار، لكن القرار له مساندون، وأعتقد أن مجلس الشيوخ ينتظر نتائج الانتخابات البرلمانية فى مصر ليطرح هذا القرار للمناقشة.


■ هل سيكون لنتائج الانتخابات البرلمانية تأثير على العلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة ومصر؟


- قد تستمر مصر فى رفض المراقبين الدوليين بشكل رسمى، لكن العالم كله سيراقب الانتخابات البرلمانية المصرية من خلال وسائل الإعلام المصرية والعالمية، وكذلك تقارير البعثات الدبلوماسية ومنظمات حقوق الإنسان والمنظمات المصرية، ووقوع أى حوادث عنف أو تزوير سيضع مصر فى موقف حرج أمام العالم.