عزيزى نيوتن
اختفاء هذا الرجل النادر يستحق الوقوف احتراماً. يستحق التوقف عن أى شىء غير تأمُّل هذا الرجل. أو بالأصح هذه الحزمة من الرجال. عملاق عصامى كافح فى ليبيا. عندما لم يكن الكفاح متاحاً فى مصر. لم يُدل بحديث واحد. وكان هو أولى بكل الأحاديث من أشباح لا تتوقف عنه. له بصمة فى كل مكاتب مصر. فى كل البنوك. من خلال مصانع الأثاث التى أقامها. فى كل سيارة يتم تجميعها فى مصر. كان الفرش من نصيب مصانعه كمُكوّن محلى. فى محاله للحلوى. لذلك أتقدم بالعزاء لأبنائه من عمال ومعاونين. الحب المتبادل بينهم لم يحتج شرحاً أو دليلاً.
أما الرجل فلنتأمله كزوج مع رفيقة عُمر. لم يفارقها فى كل مناسبة. مع أولاده الذين ترك لهم المجال ليكونوا نموذجاً للنجاح وحسن المعشر. أصدقاؤه من كل لون، شيوخاً وشباباً. أهل العلم. وأهل الفن. وأهل كل شىء جميل. كتاباً وصحفيين. وسياسيين. احتضن الجميع. احترموه ثم أحبوه. أو العكس لا أعلم. صداقته الشهيرة مع أنسى ساويرس. التى بدأت من أيام الكفاح والعمل فى ليبيا.
لم يكن يعرفنى حينها. تطاولت يوماً عندما ألحقت أحد العاملين لديه للعمل معى. طلبنى على التليفون. قال لى: أعده لى فوراً. أرجوك لا تكرر هذا العمل مرة أخرى. لا تتجنَّ على التقاليد باسم المنافسة. فأنت صديقى. امتثلت طبعاً. بعدها كأن شيئاً لم يكن. إلا من خلال مداعبته عن هذا الأمر. مداعبات لم تتوقف. توقفت منذ يومين.
كل شىء كان يتم وفقاً لشروطه. حتى الدعوة على الغداء. فالحضور الساعة الواحدة والنصف. تقديم الطعام فى الساعة الثانية. هذه الدعوات كانت ممنوعة على ولده الوحيد كان يقول: عليه العمل عمراً ليتمتع بهذا الترف.
مجموعات نجاح فى كل أمر. فى العمل. الصداقة. المصاهرة. المنافسة الشريفة. لذلك لم أسمع بإنسان يعتب عليه أو عرفه ولم يعشقه. أما الآن الجميع عاتب على هذه المغادرة ..المباغتة.
صلاح دياب