وصف عصام الإسلامبولى، الفقيه الدستورى، أداء مجلس النواب خلال الفترة الماضية بـ«الضعيف والمخيب للآمال»، لانشغال أعضاء المجلس بإرشادات السلطة التنفيذية، وعدم السعى بجدية لإيجاد حلول للأزمات التى يعانيها الشارع.
وقال الإسلامبولى، فى حوار لـ«المصرى اليوم»، إن هناك عددا كبيرا من القوانين تم تمريرها بالمخالفة للدستور مثل قانون التظاهر.. وإلى نص الحوار:
■ ما تقييمك لأداء مجلس النواب خلال الفترة الماضية؟
- لم نشعر بوجود المجلس من الأساس، مجلس النواب الحالى للأسف لم يكن كما كان متوقعاً ولم يفعل شيئا ملموسا نستطيع أن نذكره له، وكل ما قام به منذ بداية عمله أنه مرر مجموعة كبيرة من قوانين المرحلة الانتقالية خلال فترة وجيزة 15 يوما، ما أدى إلى تمرير كثير من القوانين المعيبة التى تحمل أخطاء كبيرة ومخالفة للدستور الذى أقره الشعب بعد 30 يونيو.
■ ما القوانين المعيبة التى مررها المجلس.. وكيف تفسر ذلك؟
- هناك قوانين كثيرة مرت وبها كوارث، على سبيل المثال لا الحصر: قوانين العدالة الانتقالية، والإدارة المحلية، وتنظيم دور العبادة، والعدالة الاجتماعية، وإجراءات التقاضى، وأرى أن المجلس لم يستطع تعديل هذه القوانين بسبب قصر المدة التى تناولها وبسبب الضغط الكبير الذى كان واقعاً عليه، فانشغل بكيفية أن يمرر كل هذا الكم فى فترة قصيرة دون الالتزام بمحددات الدستور التى ترفض تلك التجاوزات، وبدلاً من أن يشهد أول دور انعقاد للمجلس تعديل تلك القوانين والانشغال بإنجاز اللائحة الداخلية، جاء أداء المجلس مخيباً وخاذلاً للجميع.
■ كيف كان بإمكان المجلس أن ينظر هذا الكم بتأنٍّ؟
- مخالفة الدستور غير مقبولة، ولا يمكن أن يكون هناك أى عذر، ولابد من إعلاء شأن دولة القانون والدستور وتجنب البحث عن مبررات، فلم نر نقاشا أو خلافا حقيقيا أو بحثا حول أى قانون من قوانين الفترة التى سبقت انتخاب المجلس، باستثناء قانون الخدمة المدنية، ودون ذلك لم يُشعرنا البرلمان بأن هناك مناقشات جدية ومحاولات للوصول إلى صيغة أفضل تلتزم بالدستور ونصوصه.
■ ما القوانين التى تجاهلها المجلس فى الماضى وينبغى أن تكون أولويات له خلال الفترة المقبلة؟
- المجلس أمام تحديات كبيرة، فهو مطالب بالالتزام بالدستور، وهذا يتطلب تعديل بعض القوانين الحالية وإلغاء قوانين موجودة فعلياً بالمخالفة للدستور، وإصدار قوانين جديدة تترجم نصوص الدستور إلى تشريعات، فلابد من أن يجرى المجلس عدة تعديلات على قانون التظاهر، وقانون تنظيم الجامعات، وتسليم المتهمين إلى الخارج، وأن ينتهى من إعداد قوانين الإدارة المحلية وحقوق المواطنة.
■ مجلس الوزراء أعلن أنه بصدد إجراء تعديلات على قانون التظاهر، فما التغييرات التى يجب أن يلتزم بها المجلس؟
- كان ينبغى على المجلس أن يبادر بنفسه بإجراء تعديلات للقانون وعدم الانتظار إلى أن تُقبل الحكومة على مثل هذه القرارات، لأن ذلك الدور الفعلى للمجلس وليس للجهات التنفيذية، وهناك مادتان يجب أن يتم تعديلهما بالقانون، أولاهما أن يتم التظاهر بالترخيص، لأن الدستور يعطى الحق للتظاهر بالإخطار، بينما القانون القائم يعطى الترخيص، وهذا غير دستورى.
ثانية هاتين المادتين تخص العقوبة، فالعقوبة مشددة جدًا فى قانون التظاهر، وتصل إلى 5 سنوات، والمفترض أن تكون غرامة مالية إذا تم التظاهر دون إخطار، ويجب أن يتعامل المجلس باستراتيجية جديدة مع التظاهر، فيجب أن تفرق بين المتظاهر السلمى ومَن يحمل سلاحا ويعتدى على منشآت عامة وخاصة، والعقوبة يجب أن تتفق مع الجريمة أو الخطأ، فلا يمكن أن تعاقب متظاهرا سلميا حرا بالسجن، وهذه التعديلات التى كان ولابد ألا تتأخر إلى هذا التوقيت لن تستغرق جلسة واحدة إذا كانت هناك رغبة وجدية حقيقية لدى المجلس، ولابد أن يتضمن القانون الجديد قانون التجمهر أيضاً، فالتظاهر والتجمهر واحد، ولا يمكن الفصل بينهما.
■ هل كان بإمكان البرلمان أن يلعب دورا أكبر فى حل بعض الأزمات التى واجهها البلد، مثل مظاهرات الاعتراض على اتفاقية إعادة ترسيم الحدود أو أزمة تسريب امتحانات الثانوية العامة؟
- من المؤكد أن المجلس قادر من خلال دوره التشريعى على أن يلعب دوراً كبيراً فى حل أزمات كثيرة، وإذا أجرى التعديلات التى ذكرتها على قانون التظاهر لتم الإفراج عن الشباب الذى تم اعتقاله، ومجلس النواب كانت لديه الصلاحية فى إصدار قانون بالعفو العام عن سجناء متظاهرى يوم الأرض الذين صدر بحقهم حكم بالحبس سنتين، لأن قانون العفو العام يتيح الإفراج عن مرتكبى جرائم بعينها.
■ كيف ينجز المجلس هذه التحديات؟
- بأن يسرع الأعضاء فى أدائهم أكثر من ذلك ويتخلصوا من البطء الشديد الذى يعانيه المجلس، فعدد أيام الإجازات التى حصل عليها النواب منذ انتخاب البرلمان يفوق بكثير عدد الأيام التى حصلوا فيها على إجازات وراحات، ثم بعد ذلك يأتى الالتزام بالدستور كأهم محددات عمل النواب لإنجاز التحديات، ولابد أن يعمل أعضاء المجلس بدافع ذاتى وليس بإرشادات السلطة التنفيذية لأن ذلك يُفقد المجلس توازنه.
■ هل تراجعت شعبية المجلس أمام الشارع والرأى العام؟
- طبعاً، واضح جداً أن هذا المجلس ليس مجلساً قوياً، لأنه غير منشغل بقضايا الناس وهمومهم، بل منشغل بأمور أخرى هامشية، مثل «دعم مصر»، وخلافات داخلية وخارجية، وهذا يقلل من قدراته، وعلى المجلس أن يثبت للجميع أنه برلمان حر، برلمان للشعب وليس برلمانا للحكومة.