هناك معانٍ كثيرة وراء قرار المدير الفنى الأرجنتينى للمنتخب المصرى الأول لكرة القدم، هيكتور كوبر، بضم اللاعب سام مرسى لمنتخب مصر.. فنحن هنا لسنا فقط أمام لاعب كرة إنجليزى محترف فى نادى ويجان ينتمى لمصر عن طريق والده، رغم أنه عاش طفولته وصباه هناك فى إنجلترا.. ولسنا أمام مجرد لاعب جديد سينضم لمنتخب مصر الأول سبق له أن أعلن، رغم إنجليزيته، عن انتمائه لمصر وغرامه بها ورهانه الكروى على منتخبها.. لكن الحكاية أكبر وأعمق من ذلك.. وسبق أن ناقشت ذلك مع الصديقة المثقفة والدبلوماسية الراقية ووزيرة الهجرة وشؤون المصريين فى الخارج.. الدكتورة نبيلة مكرم.. ووجدت لديها حماسة أكبر منى واستعدادا حقيقيا لفتح أبواب مصر أمام الموهوبين فى كل مجالات الحياة من أبناء المصريين المغتربين والمهاجرين والذين استقامت بهم ولهم الحياة بعيداً عن مصر.. فنحن لدينا صندوق مجوهرات ضخم اسمه المصريون فى الخارج لكننا لم نحاول أبدا من قبل فتح هذا الصندوق والتزين بكل ما فيه من مجوهرات وحلى رائعة وجميلة وغالية أيضا.. فملايين المصريين الذين هاجروا قبل سنين طويلة إلى الولايات المتحدة وكندا وأوروبا لديهم أبناء تعلموا هناك، ومنهم من اكتشف موهبته الرياضية أو الفنية أو العلمية.. وليس كل هؤلاء بالضرورة قطعوا حبال وصالهم بمصر كوطن أُم، ومعظمهم لايزال يلتفت إلى مصر بحنين جارف وانتماء حقيقى رغم حياتهم الجميلة هناك.. وبإمكاننا الآن دعوة كل هؤلاء للالتفات أكثر إلى مصر.. فهم ثروة حقيقية.. علماء صغار احترفوا مناهج البحث دون زيف أو ادعاء.. فنانون صغار قادرون على إبداع حقيقى وجديد.. رياضيون تم تأهيلهم وفق أحدث أساليب العلم والرياضة يستطيعون اللعب باسم مصر فى مختلف اللعبات والبطولات.. وليست الفكرة هى استغلال هؤلاء لمصلحة الوطن رغم أن ذلك مشروع تماما.. إنما هى تأكيد انتمائهم وسهولة تحويلهم لسفراء حقيقيين لمصر وسط دوائرهم ومجتمعاتهم.. ولم نكن فى حاجة لهيكتور كوبر ليشير لنا إلى موهبة كروية مصرية جديدة فى لندن رغم أنه يستحق الشكر على ذلك.. لكن باستطاعتنا أن نبحث بأنفسنا وأيدينا وأعيننا وقلوبنا عن أجمل أولادنا الذين هناك.. وأتمنى الآن أن تكون الدكتورة نبيلة مكرم هى التى تتولى إجراءات استخراج جواز سفر مصرى لسام مرسى، تمهيدا لأن يبدأ مشاركاته الرسمية مع منتخب مصر.. فهذه مهمة حكومة وليست مجرد وظيفة لجهاز المنتخب الإدارى.. أتمنى أيضا أن تسرع وزيرة الهجرة من خطواتها بشأن هذا الملف التى تدرك هى نفسها أكثر من غيرها قيمته ومعناه وضرورته أيضا.. وأشكر فى النهاية «سام» مصرى الهوى والانتماء، والذى تابعت تصريحاته مؤخرا فى الصحافة البريطانية عن ارتباطه بمصر ورغبته فى اللعب لها.. وأرجو ألا أجد من يفاجئنى بأن سام اختار منتخب مصر لأنه ليست لديه فرصة للعب للمنتخب الإنجليزى.. فنحن كلنا دفعنا ثمن هذا الفكر الداعى للتشكيك فى كل شىء والسخرية من كل أحد وعدم الرغبة فى أى فعل إلا الهجوم والانتقاد وصناعة الحزن والإحباط.