تحت أشعة الشمس الحارقة، ووسط درجات حرارة مرتفعة، يوجد مجموعة من العاملين، أشبه بخلية نحل تعمل داخل موقع أنفاق الإسماعيلية، بمجرد الدخول إلى موقع العمل تجد سيارات نقل وأوناشاً وعمالاً تهرول يمينا ويسارا، مهندسين وفنيين يسابقون الزمان لإنجاز حجم أعمال ضخم لموقع أنفاق الإسماعيلية للانتهاء من الأعمال النهائية لمكينة الحفر الألمانية التى سوف تقوم بأعمال الحفر أسفل المجرى الملاحى لقناة السويس الحالية، والجديدة، للعبور إلى سيناء، لتكون بمثابة يد التنمية والرخاء وحلم إنهاء مأساة المعديات التى ترهق كل أهالى سيناء، وتوفير رحلات عبور المجرى الملاحى من ساعات طويلة فى انتظار المعديات لعبور قناتين، أو كوبرى السلام الذى يعمل بعدد ساعات محدودة نظرا للظروف الأمنية، لاسيما أنه من المتوقع أن يعبر خلالها أكثر من 10 آلاف سيارة يوميا شرق وغرب القناة.
يرتدى بدلته العسكرية، ومعدات الأمن والسلامة، وينتقل على قدميه تارة وبسيارته تارة أخرى داخل مواقع العمل بالأنفاق، ومهندسين وعمال حوله، وخلفه منهم من يعرض عليه لوحات هندسية، وآخرين يناقشون سير أعمال ماكينة الحفر مع وضع اللمسات النهائية لبدء عمل ماكينة الحفر الألمانية بأيادى وخبرات مصرية.
وبعد المرور على ماكينة الحفر الألمانية ومنها إلى مصنع اللوحات الخراسانية الخاصة بجسم النفق، وداخل أحد المكاتب الملحقة بالمشروع التقت «المصرى اليوم» مع اللواء دكتور مهندس أحمد فودة، المشرف العام على مشروعات أنفاق الإسماعيلية وبورسعيد، قائلا إنه تم التصديق على إقامة نفق جديد يقع شمال نفق الشهيد أحمد حمدى، بمحافظة السويس يربط بين الغرب وشرق القناة وسيناء، لتخفيف عدد السيارات العابرة لنفق الشهيد أحمد حمدى، ومنها إلى جنوب سيناء، مشيرا إلى أن النفق الجديد سيتم إنشاؤه على بعد 500 متر شمال النفق الحالى.
وأوضح أن المشروع عبارة عن مرحلة أولى تتمثل فى إقامة نفقين للسيارات، ثم المرحلة الثانية وهى نفق السكة الحديد، لافتا إلى أن هناك تحالفا مصريا يضم شركتين، يعملان فى مشروع الأنفاق، وأنه تم تجهيز ماكينات وحفارات الأنفاق داخل الموقع بعد وصول أكبر ماكينة حفر فى العالم وهى ماكينة ملك للقوات المسلحة والهيئة الهندسية تحديد T.B.M التى تقوم بأعمال الحفر تحت الأرض.
وأشار «فودة» إلى أن طول النفق حوالى 6 كيلو مترات من غرب القناة إلى الاتجاه الشرقى ومنها إلى سيناء داخل النفقين للسيارات من بينهم واحد متجه إلى شرق القناة، بينما الآخر سيكون للعودة من سيناء إلى غرب القناة، وتم تجهيز موقع العمل، وبدء تركيب الحفارات التى ستقوم بحفر تحت الأرض، منوها بأنه سيتم حفر 4.5 كيلو بالماكينة الألمانية، التى تعتبر أكبر الماكينات فى العالم، وأكبر من الماكينات التى تم استخدامها فى مترو الأنفاق، مضيفا إلى أن القوات المسلحة قامت بإرسال بعثة بها أكثر من 40 ضابط مهندس للتدريب على الحفارات الألمانية، وذلك ليصبح لدى الهيئة الهندسية مهندسين مصريين على أعلى مستوى يستطيعون تنفيذ المشروعات دون اللجوء إلى أى خبرات أو معدات أجنبية.
وأضاف «فودة»: «كان هدفنا هو تأهيل المهندسين المصريين والعمال وهو ما تم الاتفاق عليه مع الشركات الألمانية من قبل الرئيس عبدالفتاح السيسى المصنعة لحفارات الأنفاق، وكان هذا الاتفاق هو شرط الرئيس السيسى للتعاقد مع الشركات الألمانية، مع الحفاظ على كل المهندسين والعمال المصريين لذلك تم الاتفاق مع الشركة وإلزامها على إحضار مراكز تدريب، تقوم بتدريب المهندسين والعمال بتنفسهم وليس شرح على الورق فقط، ويتم التدريب مشترك ما بين ألمانيا والقاهرة فى دورات مختلفة».
مشيرا إلى أنه داخل مشروع الأنفاق الآن تجد كل خبير ألمانى موجود داخل ماكينة الحفر بجواره أو أمامه مهندس مصرى وعامل مصرى يتعلم منه، وأن المهندس المصرى يستفيد من خبرته بعد الحصول عليها من الخبرات الأجنبية داخل بلده، ولكى يتم تصديرها لاحقا إلى الدول الشقيقة ومنها إلى العالم، وهذا هو العائد الكبير الذى يعود سريعا على مصر.
وشدد فودة على أن القوات المسلحة والهيئة الهندسية جزء لا يتجزء من مؤسسات وهيئات الدولة التى تعمل مع بعضها البعض لإنهاء كل المشروعات القومية الكبرى التى تخدم المواطن المصرى، وأن كل الشركات العاملة فى المشروع، شركات مصرية، والإشراف فقط لبعض الشركات الأجنبية، وأن من يقوم بإنشاء الأنفاق فى الإسماعيلية وبورسعيد مهندسين وعمال مصريين.
ووجه فودة الدعوة خلال حديثه إلى أى شخص مصرى يريد العمل فى المشروعات الكبرى فى الدولة أن يتقدم فى المشروع أو المهنة المناسبة له وسيتسلم العمل فورا، لكى تستفيد البلد من كل هذه الطاقة البشرية المتعملة والمدربة، وأن كل مواطن فى مصر صاحب رسالة مجتمعية لابد أن يقوم بها، مؤكدا أن الهيئة الهندسية سابقة لمواعيد الخطط المطروحة للتنفيذ، مما جعل الخبراء الألمان فى حالة ذهول من التنفيذ السريع فى المشروع.
وأكد فودة أن المهندسين والعمال المصريين أبهروا العالم من خلال تجميع ماكينات حفر الأنفاق واستعدادها لأعمال الحفر وذلك خلال عام واحد فقط، بعد أن أثبتت الدراسات الهندسية والعملية أن تجميع ماكينات الحفر واستعدادها للعمل خلال مدة لا تقل على 3 سنوات، منوها بأنه سيتم افتتاح أنفاق الإسماعيلية وبورسعيد للعمل خلال شهر يوليو 2018.
وأشار إلى أنه تم تركيب أول قطعة خرسانية بمدخل النفق، حيث كلفت الهيئة الهندسية للقوات المسلحة شركتى بتروجت وكونكورد بتكويـــن تحالـــف لتنفيذ نفقين للسيارات إضافة إلى نفق للسكك الحديديـة أسفــل قناة السويس، وذلك بهدف ربط سيناء وشرق القناة بالوادى والدلتا وتسهيل حركة العبور من وإلى سيناء وإحداث التنمية الحقيقية والمنشودة لتلك المنطقة بالتوازى مع ما يجرى تنفيذه من أعمال تنمية بشرق التفريعة ببورسعيد.
وأوضح أنه تم تنفيذ جميع الأعمال الإنشائية اللازمة لتجهيز مدخل نفق قناة السويس بالإسماعيلية انتهت بنسبة 100% والخاصة بأعمال الحوائط الخرسانية والأرضيات والمداخل، لافتا إلى أنه يتم حاليًا تركيب الحلقات الخرسانية لرفع ماكينة الحفر الألمانية للأمام، موكدا أن العمل حاليا يسبق المعدل الزمنى المستهدف للمشروع.
وتابع فودة: «خلال فترة قصيرة سيكون العمل منتظم بـ«2» من ماكينات الحفر على أن يتم تشغيل 4 ماكينات خلال الأشهر القليلة المقبلة، وأن شركتى كونكورد وبتروجت مسؤولون عن العمل بمشروع أنفاق الإسماعيلية فيما تتولى العمل بأنفاق بورسعيد شركتى أوراسكوم والمقاولون العرب وهذه الشركات من أفضل الشركات المصرية التى يمكن الاعتماد عليهم فى تنفيذ الأنفاق».
وأكد: «الهدف الأول العمل كفريق سواء هيئة هندسية أو الشركات العالمية التى تشرف على المشروع، ودائما نطمئن أنفسنا ان أمكانياتنا وتدريبنا على الماكينات ستنفذ، ونوجه رسالة اطمئنان للشعب المصرى بأن المصريين قادرون بعون الله على التحدى وتنفيذ الصعاب، بإرادة المصريين، ويكون التوفيق من الله وحده، وأن الهيئة الهندسية تقوم بتنفيذ مشروعاتها فى أقل من الأوقات التى طرحتها المكاتب الهندسية لتنفيذ أى مشروع».
واستطرد: «لابد من إثبات الثقة فى قدرات المصريين، وأن تنفيذهم للمشروعات الكبرى فى أقل وقت ممكن يثبت للعالم مدى قدرة المصريين على العمل وتنفيذ الصعاب، وسيرى العالم قريبا أن المصريين سابقون للخطط التنفيذية للمشروعات، بعد أن يتم إنشاء الأنفاق والمشروعات الكبرى سنقوم بتصدير تلك الخبرات إلى الدول المختلفة للعمل فى مشروعاتها الكبرى بأيدى وخبرات مصرية وشركات أيضا مصرية»، منوها بأن حجم الإنجازات فى المشروع وقد وصلت خبرات المهندسين والعمال المصريين إلى أنهم تدربوا على صناعة الحوائط الخرسانية، مع تنفيذ الأعمال بالنفق، وأنه أصبح المهندسون المصريون على خبرة عالية فى التنفيذ، للقيام بأعمال مماثلة فى مشروعات أخرى.