لمحات على جانب الصورة فى دراما رمضان تستحق التوقف، لم يمض سوى أسبوع واحد، صحيح تكفى تلك الأيام بنسبة لا بأس بها لتحديد الخريطة الدرامية، ولكن لا بأس من التوقف قليلا فى البداية أمام تلك اللمحات.
حدث درامى هامشى تمت معالجته بسطحية مفرطة وعلى عُجالة خوفا من إثارة الغضب، وهو علاقة الحب بين فتاة مسلمة وشاب مسيحى، فى مسلسل (مأمون وشركاه) إلا أنها تُعتبر الأولى تليفزيونيا بل ودراميا وهنا تكمن أهميتها، حيث دائما العكس هو الصحيح، والذى كان فى نهاية الأمر يثير طوفانا من غضب الأقباط، وكأنهم على موعد مع الثورة فى كل رمضان.
بين الحين والآخر كانت الكنيسة المصرية ممثلة فى البابا شنودة تُعلن احتجاجها، البابا كان يُعلق ساخرا: هذه هى الهدية التى يحرص إخواننا المسلمون على إهدائها لنا مع رؤية الهلال، وصل الأمر إلى قيام مظاهرات فى صحن الكنيسة قبل نحو 16 عاما بسبب مسلسل (أوان الورد) لأن(روز) القبطية والتى أدت دورها سميحة أيوب تزوجت من مسلم، رغم أنها لم تكن تكف عن إعلان ندمها، على هذا الفعل، إلا أن هذا لم يكن كافيا لتخفيف حدة الغضب، ومن بعدها كانت التعليمات صارخة وصريحة لكتاب الدراما لا تقدموا زواجا ولا حتى شروعا فى حب بين مسلم ومسيحية، فكان هذا هو الخط الأحمر، الذى تم اختراقه فى (مأمون) ولكن على الجانب الآخر.
لمحة أخرى من الممكن أن تُدركها ببساطة وهى أن هناك اتفاقا غير معلن بين شركات الإنتاج الدرامى ووزارة الداخلية برعاية من الدولة لتحسين صورة رجال الشرطة، صحيح أنه يتم تسبيك ذلك بطريقة غير مباشرة بتقديم أكثر من ضابط فهناك العصبى والمنحرف بجوار الشريف، إلا أن المحصلة النهائية هى الرهان على الوجه الإيجابى، مسلسلات مثل (الخروج) و(الميزان) و(القيصر) و(الأسطورة) و(سبع أرواح) و(رأس الغول) و(جراند أوتيل) لعبت على تلك المساحة، وهكذا أرى أن تعدد جرائم القتل فى الحلقات الأولى وأيضا ظهور أكثر من محامية كبطلة، كل ذلك لأنه يسمح فى نهاية الأمر بخلق مساحة موازية للضابط.
لا أحد سيقول لك إن التعليمات صريحة لتحسين صورة الضابط على الشاشة مثلما يقولون إن الذى رأيناه واقعيا فى الشارع من مطاردة المفطرين فى المقاهى هو بسبب مخالفة فى الترخيص للمقاهى، وليس لأنهم مفطرون لا أحد سيقول الحقيقة، ولكن دعونا فى المساحة المتبقية ننتقل لشىء من التفاصيل وشىء من الحقيقة.
■ عادل إمام تعاقد على مسلسل رمضان 2017، لماذا يعلن الخبر بعد أيام قلائل من رمضان 2016؟.. لأن حالة عادل إمام على الشاشة مهدت الفرصة للكثير من التساؤلات حول تواجده فى رمضان القادم، ستلاحظ فى (مأمون وشركاه) لأول مرة هناك مساحات درامية متعددة لمن يشاركونه البطولة خالد سرحان ولبلبة ومصطفى فهمى، لا شىء يتم بدون موافقة عادل، بل الصحيح أن تقول لا شىء يتم إلا من خلال عادل، وهكذا من الممكن أن تقول إن عادل هو الذى طلب من الكاتب يوسف معاطى زيادة المساحات الموازية له والحلقة التى تتجاوز40 دقيقة من الممكن أن يحتل هو 10 دقائق فقط، ربما بوجه ما تراها ظاهرة صحية، إلا أن ما رأيته حتى الآن هو مجرد ملء زمن درامى ميت، راجع مثلا مشاهد خالد سرحان فى إيطاليا، من الممكن اختصار أغلبها، الخط الدرامى الذى يسير فى تصاعد واضح هو دور (مأمون أبو العطا)، الباقون لا يتجاوزن دور الكاتشب والمايونيز والبقدونس.
■ يحيى الفخرانى لا يزال هو صاحب الومضة التى ترشق فى القلب، سحر(ونوس) لا يمكن أن تفصله عما يضيفه الفخرانى فى قراءته للشخصية بكل أبعادها فتتحرك بألق، هو نتاج سيناريو مكتوب بمغامرة حقيقية، المؤلف عبد الرحيم كمال، له نصان فى رمضان الآخر هو (يونس ولد فضة)، فى (ونوس) تلمح المغامرة التى يرنو إليها الكاتب، فهو يقدم عالما غريبا عنه يريد أن يسبر أغواره ويهتك براءته، بينما فى (ونوس) لديه أرشيفه الخاص يقدم من خلاله شخصيات يعرفها جيدا، ولهذا تتضاءل المغامرة، وينعكس ذلك سلبا بالطبع على أداء أبطاله الذين يحاولون الإضافة مثل عمرو سعد، ولكن الشخصية على الورق لا تحمل أى ابتكار، فى (ونوس) تجد المخرج شادى الفخرانى وهو يُحلق إبداعيا ويقدم أبطاله نبيل الحلفاوى وهالة صدقى وحنان مطاوع ومحمد شاهين وترسم إضاءة سمير بهزان وموسيقى أمين بوحافة ملامح الرؤية، الكاتب الحرفى الذى يمشى جنب السور تراه فى (يونس) والكاتب المغامر الذى يطير فوق السور تلمحه فى (ونوس).
■ محمد يسن اختار الرهان على الإبداع وهكذا ومنذ كتابة (التترات) فى (أفراح القبة)، يمسك كل التفاصيل الدرامية والتشكيلية، يحافظ على هذا التوافق والانسياب بين الواقع والخيال الذى زرعه نجيب محفوظ فى الرواية، حيث يحطم الخط الفاصل بينهما، ترى منى زكى فى حالة نشوة وسلطنة إبداعية فهى تحلق بهذا الدور إلى مكان شاهق لا يطاوله أحد، كذلك يقدم نجومه إياد نصار وصبا مبارك وصابرين وصبرى فواز وسوسن بدر فى أهم أدوارهم ووضع الوجه الجديد محمد الشرنوبى على الطريق الصحيح، مسلسل بحق استثنائى فى زمن المسلسلات سابقة التجهيز والتعليب.
■ نعم أشعر بتفاهة برامج المقالب وبأنها لعبة متفق عليها وأنها زودتها ع الآخر، ورغم ذلك فإن الأسوأ هو من يريد مصادرتها من تحت قبة البرلمان، مواجهة السخافة بسخافة سخافة.
■ فردوس عبدالحميد ما هو شعورها الآن وهى تؤدى دورا هامشيا فى (الأسطورة)؟، نعم أربع سنوات وهى فى الظل تنتظر أن يسند لها زوجها محمد فاضل بطولة مسلسل، وعندما أيقنت أن الزمن لا يعود لم تجد أمامها سوى أن تعترف بالحقيقة وتوافق على ما يمنحه لها سوق التليفزيون لتحتمى بالمظلة الجماهيرية لمحمد رمضان، دور لا يضيف لها ولا تضيف له (آه يا زمان العبر)!!
■ لو كان هناك مؤلف آخر غير أحمد الابن هو الذى يقدم (الكيف) لأقام محمود أبوزيد الأب دعوى ضده يتهمه بالازدراء الدرامى!!
■ (جراند أوتيل) مسلسل بحق (7 نجوم)!!