«العفو الدولية»: أجواء انتهاكات 2005 تخيم على انتخابات مصر

كتب: فتحية الدخاخني الأحد 21-11-2010 20:35

أعربت منظمة العفو الدولية عن قلقها البالغ من تكرار أجواء الانتهاكات التي خيمت على الانتخابات التشريعة التي أجريت في مصر عام 2005، مشيرة إلى استخدام الحكومة قانون الطوارئ للتضييق على المعارضة ووسائل الإعلام، قبيل إجراء الانتخابات التشريعية.

وقالت المنظمة إن الكثيرين ينظرون للانتخابات التشريعية التي تجرى في مصر 28 نوفمبر الجاري، باعتبارها نقطة تحول جوهرية للحياة السياسية في البلاد، لأسباب عديدة، وليس فقط لأن نتائجها سيكون لها تأثير مهم على الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في 2011.

وأوضحت في تقرير مطول أصدرته، الأحد، تحت عنوان «مصر: شعارات في مهب الريح.. بواعث القلق بشأن حقوق الإنسان عشية انتخابات مجلس الشعب» أن شروط الترشح التي حددها الدستور بعد تعديلات 2005 للترشح للرئاسة، تعد بمثابة عائق لا يمكن تخطيه أمام من يطمحون في الترشح كمستقلين، بسبب هيمنة الحزب الوطني الديمقراطي على جميع هذه المجالس المنتخبة.

وأشار تقرير المنظمة إلى أن الانتخابات تجرى وسط تزايد الدعوات المطالبة بإنهاء حالة الطوارئ، المفروضة في البلاد منذ عام 1981، أي طوال فترة حكم الرئيس مبارك، ووسط تنامي الاستياء العام من سياسات الحكومة، لافتة إلى موجة الإضرابات العمالية والاحتجاجات التي شهدتها البلاد مؤخرا، احتجاجا على ارتفاع تكاليف المعيشة، وانخفاض الأجور، وغياب الحقوق العمالية، بالإضافة إلى احتجاجات نشطاء حقوق الإنسان والمجتمع المدني للمطالبة بإصلاحات سياسية ودستورية، تتيح إجراء انتخابات حرة ونزيهة، وإنهاء الإفلات من العقاب عن الانتهاكات التي ترتكبها قوات الأمن.

وأضاف أن الحكومة «واجهت ارتفاع صوت المعارضة بمزيد من القمع، من خلال استخدام صلاحيات حالة الطوارئ»، مشيرة إلى فرض مزيد من القيود على المعارضة السياسية عشية الانتخابات»، و«فرضت قيودا على وسائل الإعلام، وفرقت المظاهرات السلمية، وألقت القبض على النشطاء السياسيين، ومؤيدي جماعة الإخوان المسلمين، والجمعية الوطنية للتغيير».

مطالب الإصلاح

وحول مطالب الإصلاح السياسي التي توجهها بعض الحكومات الأجنبية لمصر، قالت المنظمة إن «مصر ضربت عرض الحائط بهذه الدعوات وأبرزها الدعوة التي وجهها الرئيس الأمريكي باراك أوباما، حين طالب الحكومة المصرية بأن تسمح بوجود مجتمع مدني نشط، وتنافس سياسي حر، وانتخابات تتسم بالمصداقية والشفافية» وهو ما رفضته القاهرة بقوة باعتباره تدخلا في الشأن الداخلي.

وأعربت المنظمة عن قلقها من أن يكون النمط الذي يتم ترسيخه حاليا هو نفسه الذي شاع في انتخابات سابقة واتسم بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، وطالبت السلطات المصرية بأن تكفل عدم تكرار الانتهاكات التي وقعت في الماضي مرة أخرى، سواء خلال انتخابات مجلس الشعب أو عشية الانتخابات الرئاسية في العام المقبل، وأن تضمن تعزيز حقوق جميع المصريين في أن يمارسوا بصورة سلمية حقوقهم الإنسانية دون خوف أو تمييز.

وأكدت المنظمة أن على مصر أن تنصت للدعوات المطالبة بالإصلاح في مجال حقوق الإنسان، بما في ذلك إنهاء حالة الطوارئ وإنهاء ما تتمتع به قوات الأمن في مصر حاليا من حصانة تجعلها بمنأى عن المساءلة والعقاب، وهو الأمر الذي يقوًّض العدالة وسيادة القانون ويساعد على ارتكاب مزيد من انتهاكات حقوق الإنسان.

وطالبت «العفو الدولية» السلطات المصرية بإصدار توجيهاتها إلى قوات الأمن باحترام حقوق الناخبين والمرشحين دون تمييز خلال الحملة الانتخابية وفي يوم الاقتراع، وأن تكف عن استخدام القوة المفرطة أو غير المبررة عند تعامل الشرطة مع التجمعات السياسية والمظاهرات وغيرها من الأنشطة المشروعة.

وأشارت المنظمة إلى أن الانتخابات السابقة اتسمت بـ«العنف والترهيب والاعتقال التعسفي، إلى حد إطلاق النار خارج بعض مراكز الاقتراع، وتقاعست السلطات عن إجراء تحقيق مستقل في أعمال القتل والظروف التي استخدمت فيها الشرطة القوة المميتة».

حالة الطوارئ

وأضافت أن التعديلات الدستورية التي أجريت في عامي 2005 و2007، «تنتقص من حقوق الإنسان، وكان من بينها تعديل على المادة 179 من الدستور، يمهد لإصدار قانون قمعي جديد لمكافحة الإرهاب من شأنه في واقع الأمر نقل بعض صلاحيات حالة الطوارئ لتدرج في صلب القانون العام، وإهدار الضمانات الدستورية التي تكفل حماية الأفراد من القبض والاعتقال، ومن عمليات التفتيش على أيدي الشرطة دون إذن رسمي، ومن التنصت على المكالمات الهاتفية وغيرها من الاتصالات الشخصية».

وأوضح تقرير المنظمة التي تتخذ من لندن مقرا لها، أن وزارة الداخلية تلعب دورا مركزيا في إدارة الانتخابات، مشيرة إلى وقوع انتهاكات في مراكز الاقتراع، واستخدام الداخلية لصلاحيات الطوارئ في «الانقضاض على المعارضة السلمية بحجة الحفاظ على الأمن العام».

وتابعت أن حالة الطوارئ وفرت مناخا لارتكاب وتسهيل وترسيخ أنماط من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، من بينها القيود الحكومية التعسفية على حرية التعبير وتكوين الجمعيات والاجتماع، والاعتقال بدون تهمة أومحاكمة لفترات طويلة، يحرم خلالها المعتقلون من أية وسيلة فعالة للطعن في استمرار حبسهم، بالإضافة إلى التعذيب وغيره من صنوف المعاملة السيئة، والمحاكمات الجائرة أمام المحاكم العسكرية والمحاكم الخاصة، مثل محاكم أمن الدولة العليا (طوارئ)، وسمحت لأفراد قوات أمن الدولة بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان، بما في ذلك حملات القبض التعسفي والتعذيب، وهم بمنأى تام تقريبا عن المساءلة والعقاب.

حرية التعبير

كما أعربت المنظمة عن قلقها من استهداف الأصوات المستقلة، مشيرة إلى أنه مع اقتراب انتخابات مجلس الشعب، عمدت السلطات المصرية إلى تشديد القيود على حرية التعبير، ومنعت الأخبار ذات الحساسية السياسية وهددت المرشحين الذين يرفعون شعارات تعتبر دينية بشطب ترشيحهم، ووجهت تهم التشهير إلى الأشخاص الذين يعربون عن انتقادهم للسلطات الحكومية، كما تحركت السلطات المصرية لمنع المناقشات المتعلقة بحقوق الإنسان، بهدف إسكات المنتقدين الذين يفضحون انتهاكات الحكومة مثلما حدث مع الإعلامي والسياسي «حمدي قنديل».

وانتقدت المنظمة أيضا فرض قيود على الرسائل السياسية، وهو ما حدث عندما علقت مجموعة مجهولة ملصقات لتأييد الوزير «عمر سليمان»، مدير المخابرات المصرية وتم منع نشر الخبر، كما انتقدت إلغاء بعض الاجتماعات، ووقف تدفق المعلومات عن طريق إغلاق الفضائيات، ومنع خدمة الرسائل القصيرة، والضغط على الصحفيين.

توصيات

وأوصت المنظمة بإنهاء حالة الطوارئ فورا، وضمان ألا يؤدي مشروع قانون مكافحة الإرهاب الذي تتم صياغته حاليا إلى تكريس الممارسات التي أسهمت في تسهيل انتهاكات حقوق الإنسان في ظل حالة الطوارئ، بما في ذلك الاعتقال إلى أجل غير مسمى دون محاكمة جنائية، والسعي إلى إلغاء الجوانب الواردة في المادة 179 من الدستور، التي تمنح الشرطة سلطات اعتقال ساحقة، وتسمح للرئيس المصري بتجاوز المحاكم العادية وإحالة المشتبه بعلاقتهم بالإرهاب إلى المحاكم العسكرية والخاصة.

وطالبت أيضا بإطلاق سراح جميع المعتقلين بموجب قانون الطوارئ، ووقف إحالة القضايا المتعلقة بالأمن والتي تشمل مدنيين إلى المحاكم العسكرية ومحاكم الطوارئ، وحماية المتظاهرين والناخبين وضمان عدم استخدام قوات الأمن للقوة غير الضرورية أو المفرطة أو غير المتناسبة في عمليات حفظ الأمن في المظاهرات، والالتزام التام بالمعايير الدولية التي تنظم استخدام القوة من قبل الموظفين المكلفين بتنفيذ القوانين، مثلما تنص عليها مدونة قواعد السلوك للموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين والمبادئ الأساسية للأمم المتحدة بشأن استخدام القوة والأسلحة النارية من قبل الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين، وضمان عدم تعريض المتظاهرين سلميا للقبض أوالاحتجاز التعسفي، أو إخضاعهم للتعذيب أو غيره من ضروب إساءة المعاملة.

ودعت «العفو الدولية» إلى إلغاء أو تعديل أحكام قانون العقوبات التي تنتهك حرية التعبير، بحيث تصبح متسقة مع القانون الدولي، ووضع حد لاستخدام اتهامات التشهير الجنائي لمعاقبة منتقدي المسؤولين الحكوميين، وإطلاق سراح سجناء الرأي بلا قيد أو شرط، ووضع حد للإفلات من العقاب، وتعديل تعريف جريمة التعذيب في القانون المصري، بما يجعله متسقاً تماماً مع التعريف الوارد في المادة 1 من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، وتقديم الموظفين المسؤولين عن أفعال التعذيب وغيره من ضروب إساءة معاملة السجناء إلى ساحة العدالة، وضمان حصول الضحايا على الإنصاف التام.