ذكرت صحيفة «وول ستريت جورنال» أن العبيد في الجنوب الأمريكي كانوا يقدرون بنحو 4 ملايين نسمة عام 1860، بحسب آخر بيانات مكتب الإحصاء الأمريكي في هذا الصدد قبل إلغاء تجارة العبيد.
ونوهت الصحيفة، في تقرير لها، أن العصر الحاضر يشهد نحو 4ر18 مليون من العبيد في الهند وحدها، ونحو 8ر45 مليون من العبيد حول العالم، وأن تجارة الرقيق العصرية تتسم بالقسوة التي كانت عليها في القرن الـ19 وربما تزيد عليها.
وأشارت الصحيفة إلى أن هذه الأرقام جاءت في تقرير نشرته مؤسسة «ووك فري» المعنية بقياس مؤشر معدلات انتشار الاسترقاق حول العالم بعد دراسة أجرتها المؤسسة على عينة بلغ تعدادها 42 ألف إنسان بنحو 53 لغة في 25 دولة.
ويضع التقرير تعريفا للعبد بأنه «شخص محتجز رغما عنه أو مجبر على العمل عبر العنف أو التهديد بالعنف أو إساءة استخدام السلطة»، ويتراوح عبيد اليوم من رجال في بورما يجبرون على العمل على مراكب صيد، إلى فتيات إيزيديات يتعرضن للسبي ومن ثم العبودية الجنسية على أيدي الدواعش، إلى مواطنين من أوزباكستان تجبرهم الحكومة على جمع القطن في موسم الحصاد، إلى مواطنين في كوريا الشمالية يكدحون في معسكر كيم يونج أون الشاسع الأنحاء.
ولفتت الصحيفة إلى أن طريقة استعباد البشر تختلف باختلاف البلد والمنطقة، غير أن الديكتاتورية والاستعباد يميلان دائما إلى المشي يدا في يد. وفي بعض أمم العالم الأقل حرية، ثمة حكومات تقر الاستعباد، بما في ذلك الصين: عبر معسكرات إعادة التأهيل بالعمل، التي لا تزال قائمة رغم زعم بكين أنها ألغتها رسميا عام 2014.
فيما لا تزال أنماط استعباد عتيقة كالاستعباد بالدين في الهند ومعظم آسيا والاستعباد الطبقي في موريتانيا لا تزال قائمة بسبب ضعف سيادة القانون في تلك البلاد، كما أن اشتعال الحروب الأهلية وتفشي التطرف الديني عبر أفريقيا والشرق الأوسط جاء بمثابة مُنعش لتجارة العبيد، عبر تشريد الملايين والرمي بضحايا جدد في أحضان تجار بشر لا تعرف قلوبهم الرحمة.
وتقول مؤسسة «ووك فري» إن نحو 10 آلاف إنسان آخر مستعبد حول العالم إضافة إلى الأرقام السابقة، وتتصدر الهند قائمة الدول التي تضم عبيدا، تليها الصين ثم باكستان، حيث إن أكثر من نصف المستعبدين حول العالم يعيشون في تلك الدول الثلاث، وعلى مقياس آخر يرتبط بعدد السكان، فإن قائمة الدول التي تضم مستعبدين تتصدرها كوريا الشمالية تليها أوزباكستان ثم كمبوديا.
ونوهت «وول ستريت جورنال» بأن العالم المتقدم ليس نظيف اليد من الاستعباد العصري، على الرغم من تدني معدلاته في الغرب، وتقدر مؤسسة «ووك فري» أن أمريكا تضم نحو 85 ألف إنسان مستعبد، معظمهم لاتينيون هاجروا بشكل غير شرعي وسقطوا ضحايا في براثن تجار البشر، إضافة إلى عمال محليين قدموا إلى البلاد بطريق شرعي لكن انتهى بهم المطاف إلى أرباب أعمال استعبدوهم، وثمة آخرون وقعوا في مصيدة تجارة الجنس، وهكذا فإن الطبيعة الخفية لتجارة الرقيق تجعل من الصعب التصدي لها حتى على السلطات حسنة النية في هذا الصدد.
ومع ذلك، فإن ثمة مواجهات متزايدة تضطلع بها حكومات ومؤسسات ورجال دين للتصدي لتجارة الرقيق، وتكيل المؤسسة الثناء للحكومة الأمريكية بين حكومات أخرى، على وقف واردات السلع التي يصنعها بشر مستعبدون، كما أن المملكة المتحدة العام الماضيقد سنّت تشريعا للتصدي للعبودية العصرية يطالب الشركات الكبرى بالتأكد من أن سلاسل وارداتها ليست ملوثة بهذا الشر.