أما لهذه المأساة من نهاية؟!

درية شرف الدين الثلاثاء 07-06-2016 22:04

كم فتاة ستُدفن قبل أن تقوم السلطات المصرية بتفعيل قرار منع الختان؟.. جاء هذا السؤال فى نهاية تقرير تليفزيونى صادم عن الختان فى مصر على شاشة قناة بى بى سى الإنجليزية الناطقة باللغة العربية، تقرير مؤلم عن أحوال النساء فى مصر اللائى يخضع ما يزيد على ثمانين فى المائة منهن لعملية همجية اسمها الختان والمؤسف أنها باسم الدين. جاء هذا فى التقرير وتلك هى الحقيقة المخزية التى تحدث لفتيات مصر وآخرهن شهيدة الجهل والتخلف الفتاة ذات الخمسة عشر سنة التى اصطحبتها أمها الممرضة لإحدى العيادات الخاصة لإجراء تلك العملية فأصيبت بنزيف وبالتأكيد بصدمة عصبية وفاضت روحها على يد طبيبة جاهلة افتقدت الرحمة، وفى عيادة صدر لها أمر إغلاق قبل وفاة الفتاة بعدة أيام ولم يُنفذ كالعادة وتُركت العيادة مفتوحة تمارس ذبح البنات حتى ماتت إحداهن. واستطردت القناة تقول: إن قبلها ماتت أخريات منهن الطفلة سهير وانتقلت الكاميرا إلى مقبرتها، وذكرت أن السبب كان نزيف الختان وصدمته العصبية وذلك على الرغم من وجود قانون يجرّمه فى مصر صدر عام 2008 لكن تطبيقه تراجع ولم يَعُدْ ينفذ. وكان السؤال: إلى متى؟ وكم فتاة ستُدفن قبل أن تتخذ السلطات المصرية قراراً بتفعيل ذلك القانون وبمعاقبة مرتكبى تلك الجريمة فى حق صغيرات لا حول لهن ولا قوة؟.

لفت انتباهى فى هذا التقرير لـ«بى بى سى» إعلان مصرى مناهض للختان من المؤكد أنه إعلان قديم وهو لأب تتشبث به ابنته الصغيرة ذات السنوات العشر تقريبا وتتوسل إليه بدموعها وبصراخها ألا يتركها لتلك الأيادى التى تمتد إليها لتنزعها بعيدا عنه لإجراء عملية الختان لها، لكن الأب الذى يبدو حائرا متأثرا ببكاء ابنته وبنظرة الفزع فى عينيها يتركها تفلت من بين يديه لتتلقّفها أيادٍ غليظة تذهب بها إلى حجرة عمليات لكن الأب يتنبه فى اللحظة الأخيرة ويجرى ليقتحم الغرفة ويسترد ابنته التى ترتمى فى أحضانه باكية. إعلان مؤثر بلا شك لم تفكر القنوات التليفزيونية المصرية منذ سنوات ولا حتى بعد تلك المأساة الأخيرة لموت طفلة أن تتبنى خطة لتكثيف إعلانات شبيهة له مناهضة للختان، لم يتطوع رجال دين وبالأخص سيداته من أساتذة الشريعة والفقه وهن كثيرات ويتصدّرن لمواجهة الناس فى مصر بعدم مشروعية اقتصاص أجزاء من أجساد الفتيات باسم الدين، لم يرددن أن بلاداً إسلامية كبرى كالسعودية وإيران وتركيا وسوريا وفلسطين وبلاد المغرب وإندونيسيا.. لا يعرفن تلك الفعلة الشنعاء، لم يتطوع أحد منهم أو منهن وهم يمارسون الإفتاء فى كل شىء وفى لا شىء ليل نهار وعلى جميع قنوات التليفزيون، لم يتطوع أحد ويذكر أن لفظ الختان لم يرد ذكره أبداً فى القرآن الكريم، وأن الله سبحانه وتعالى خلق الإنسان فى أحسن تقويم وأنه لا يجوز لنا أن نُعَدِّل من خلقه وأن نعتدى على أجساد أبنائنا الصغار باسمه، ليس لدى أى أم أو أى أب هذا الحق، لكن أحداً من رجال الدين أو سيداته لم يفعل أو يفعلن.

الضحايا فى ازدياد مع الجهل والفقر وزعيق مشايخ الزوايا وخفوت وتردد صوت دار الإفتاء فى تلك المسألة بالذات. أما لهذه المأساة من نهاية؟!.