عظيم جداً.. اتأخرتم ليه؟

عبد الناصر سلامة السبت 04-06-2016 21:54

اتصلت بالأستاذ فريد الديب، أسأل عن مذكرة قانونية المفترض أنه قد أنجزها، وجدته يقول: يبدو أننى لن أعاود العمل بسهولة، قلت خيراً، أجاب إجابة غريبة جداً: افتتحوا اليوم قناة جديدة اسمها، ماسبيرو زمان، منذ بدأت القناة البث لا أستطيع النهوض من أمام التليفزيون، وأعتقد أنى لن أشاهد قنوات أخرى بعد اليوم، لقد شاهدت حواراً للراحلين مصطفى أمين ويوسف وهبى، شاهدت أم كلثوم، شاهدت مها صبرى، حتى الفرق الموسيقية أستمتع بها تماماً، كما المطرب والمطربة.

ثم تساءل: هل أجد معك رقم هاتف صفاء حجازى، رئيسة التليفزيون، أريد تهنئتها، أو على الأقل إرسال برقية تهنئة، قلت: على فكرة، ماسبيرو كان الأَوْلى بإنشاء هذه القناة منذ زمن مضى، لقد تأخروا كثيراً، كل القنوات الخاصة الأخرى المشابهة تعمل من خلال مواد ماسبيرو، منها ما تم شراؤه بالطريق الرسمى، ومنها ما هو غير ذلك، ولهذه القنوات نِسَب مشاهدة عالية جداً، وقد كانت هناك منذ عدة سنوات قناة تُسمى روتانا طرب، ربما كانت الأعلى تماماً.

أعرف كثيرا من الناس لا يشاهدون سوى قنوات زمان، أو كلاسيك، لا يستمتعون إلا بالأبيض والأسود، زمن الطرب الجميل، والتمثيل الجميل، والأداء الجميل فى كل شىء، هكذا توقفت رغباتهم الفنية أمام أم كلثوم، وفايزة أحمد، ومحمد عبدالوهاب، وعبدالحليم حافظ، وشادية، ووردة، ونجاة، ومن الممثلين سليمان نجيب، وسراج منير، وإسماعيل ياسين، وزينات صدقى، ومارى منيب، وعبدالفتاح القصرى، وفاتن حمامة، وستيفان روستى، هؤلاء الذين كانوا يتعاملون مع الفن بالفطرة، لذا فقد عاشت إبداعاتهم، وها هى مستمرة.

حتى على مستوى البرامج الحوارية، كانت على المستوى نفسه، وقد جاءت إذاعة حوار الكبير مصطفى أمين مع المتمكن سمير صبرى فى هذا التوقيت لترسل إشارة بالغة الدلالة إلى المذيعين والمذيعات من أجيال الفضائيات مؤداها: اتعلموا، هكذا تكون الحوارات، هكذا يكون أدب الحوار، هكذا يكون احترام المشاهد، وبالتأكيد مازالت جعبة ماسبيرو فيها الكثير من مثل هذه الحوارات التى سوف يطلب المشاهد إعادة عرضها مرات ومرات.

على مستوى البرامج، حدّث ولا حرج، أعتقد أننا سوف نشاهد حلقات، العلم والإيمان، سوف نشاهد عالم البحار، سوف نشاهد عالم الحيوان، الموسيقى العربية، بقلظ نجوى إبراهيم، بوجى وطمطم، نادى السينما، الأوسكار، نور على نور، هذا المساء، النادى الدولى، تحت الشمس، مجلة الأغانى، العالم يُغنى، بانوراما فرنسية، اخترنا لك، حديث المدينة، كلام من دهب، خلف الأسوار، فكّر ثوانى واكسب دقائق، تاكسى السهرة، حكاوى القهاوى.

فيما يتعلق بالمسلسلات كذلك، المسرحيات، تمثيليات السهرة، أطمع أيضاً أن نشاهد أجزاء من نشرات الأخبار بأصوات الرائعين أحمد سمير، حلمى البلك، محمود سلطان، زينب سويدان، بالتأكيد سوف نشاهد فريدة الزمر، فريال صالح، سهير وسهام الإتربى، سناء منصور، طارق حبيب، سلوى حجازى، سوف نستمع إلى وزراء سابقين، إلى رؤساء حكومات، حتى إلى مقاطع من خُطَب الرؤساء، مقاطع من جلسات مجلس الأمة ومجلس الشعب، مباريات الكُرة فى الزمن الجميل أيضاً.

أعتقد لأن ذاكرة ماسبيرو متخمة بكل ما هو جيد ومفيد وجميل، الأمر يقتضى البث على مدى ١٢ ساعة كاملة، ثم الإعادة مرة أخرى، وليس ٨ ساعات كما هو معمول به حالياً، حتى يمكن الاستمتاع بأكبر قدر ممكن من البرامج، ذلك أن المؤشرات تؤكد أنها سوف تكون القناة الأعلى مشاهدة بين كل القنوات، إن هى أُحسن استغلالها، وهو ما يحتم إسنادها إلى مجموعة منتقاة من الأعمار المتفاوتة والأذواق المختلفة، التى تحمل على عاتقها العمل بشفافية مطلقة، دون تسييس للأداء من أى نوع.

نحن أمام قناة يسعى الناس بصفة عامة إلى نسيان همومهم أمامها، أو بمعنى آخر، الهروب إليها بعيداً عن الهموم، وأعتقد أن مؤشر القنوات فى نسبة كبرى من البيوت المصرية سوف يظل ثابتاً مع ماسبيرو زمان، لأسباب عديدة، منها ما يتعلق بالماضى، ومنها ما يتعلق بالحاضر، إلا أنها فى كل الأحوال سوف تصبح قناة الأسرة المصرية على مختلف أعمارهم، ومختلف توجهاتهم، أو رغباتهم، وبصفة خاصة فى مثل هذه الظروف والأوضاع الراهنة.

على أى حال، هى بادرة طيبة، تلك التى تجمع الناس حولها بعيداً عن منغصات الحياة اليومية، تلك التى تعود بنا إلى ما سبق من تاريخ حافل بالأحداث العظام، سياسية واقتصادية واجتماعية، تلك التى تقف بنا أمام السِّيَر الذاتية المثيرة للجدل، على كل المستويات، وبصفة خاصة السياسية منها، كل ذلك من خلال وجوه كانت الأكثر قبولاً وصدقاً فى الأداء، سواء على مستوى المذيعين والمذيعات، أو الممثلين والممثلات، أو المطربين والمطربات، وهذا هو سر التعلق بالزمن الجميل، الذى تذكّره ماسبيرو أخيراً.