شباب «تمرد».. رفاق ضد «الإخوان» وفرقاء فى «دولة السيسى»

كتب: هبة الحنفي الجمعة 03-06-2016 22:21

من خلفيات سياسية متنوعة تؤمن بتغيير المجتمع والمساواة بين أفراده، شكل محمود بدر، وحسن شاهين، ومحمد عبدالعزيز، واحدة من أشهر الحركات السياسية، داعين المصريين إلى «التمرد» على حكم الإخوان، وبعد 3 أعوام من ظهورهم معًا فى صورة شهيرة واضعين أيديهم على المصحف، يجلس الأول على مقعد وثير تحت قبة البرلمان، ويدعم الثانى اعتصام مرشحه الرئاسى السابق فى مقر حزب الكرامة، أما الأخير فعاد إلى «تويتر» مغردًا بأفكاره بعدما فشل فى اقتناص مقعد البرلمان.

«ماذا لو قرر 15 مليون مصرى، وهو عدد أكبر ممن انتخبوا مرسى، سحب الثقة منه؟»، أول سؤال راود حسن شاهين، وهو يجلس برفقة عدد من أصدقائه فى مقهى بوسط البلد. بدا الطريق – حينها – طويلاً وشاقاً إلا أن «تمرد» فتحت منفذًا وجد فيه قطاع كبير من المصريين رافضى حكم «الإخوان» ملاذًا للخروج من «عنق الزجاجة».

«علشان الأمن لسه مرجعش للشارع مش عايزينك، علشان حق الشهداء مجاش مش عايزينك، علشان تابع للأمريكان مش عايزينك، علشان لسه الفقير ملوش مكان مش عايزينك».. جزء من افتتاحية استمارة «تمرد» التى ساقت أسبابها إلى «الجمعية العمومية للشعب المصرى»، مطالبة إياه بالتوقيع على سحب الثقة من الرئيس آنذاك محمد مرسى، والمطالبة بانتخابات رئاسية مبكرة، والتمسك بأهداف الثورة.

قبل شهرين من تغيير سياسى جذرى، اختلف فى تحليله أساتذة العلوم السياسية، بدأ البيان التأسيسى للحملة من نقابة الصحفيين، معلناً «التمرد»، وتدشين «جمعية عمومية للشعب».

قالت الحملة، فى بيانها الأول، الصادر فى إبريل 2013: «وجب علينا، التمرد حلم وحق، حلم من ضحى وقدم حياته فداء للوطن، وحق الشعب المصرى أن ينعم فى وطن ذى 3 أضلع رئيسية لا ينفصل أحدهم عن الآخر، وهم الاستقلال الوطنى والحرية والعدالة الاجتماعية».

أحدثت الحملة صخبًا إعلاميًا واسعًا، بعد إعلانها جمع 200 ألف توقيع فى الأسبوع الأول من تدشينها، وانضمت إليها شخصيات سياسية وفنية، وفيما يشبه «طرق الأبواب»، اجتاحت الحملة محافظات مصر، ووقع على الاستمارة أكثر من 2 مليون مواطن، وفقًا لما أعلنه «بدر» فى مؤتمر صحفى عقده بعد أسبوعين من البيان التأسيسى، واتهمها البعض بالعمل «تحت غطاء داخلى يريد إزاحة الإخوان عن السلطة»، وأعلن عدد من القوى والحركات السياسية على رأسها «جبهة الإنقاذ»، و«كفاية» تضامنها الكامل مع الحملة، داعية الشعب إلى النزول فى جميع ميادين مصر يوم 30 يونيو للمطالبة بانتخابات رئاسية مبكرة، بعد إعلان قادة «تمرد» جمع 22 مليون توقيع من جميع أنحاء الجمهورية.

«تكفير، وتخوين، واحتساب عند الله»، توصيفات استخدمها «الإخوان» وحلفاؤهم للهجوم على الحملة وقياداتها، مشككين فى الأرقام التى أعلنها «بدر»، واتهموا قياداتها بـ«تلقى تمويل من الخارج، والعمل لصالح أشخاص فاسدين فى الداخل»، ما جعل أعضاء الحركة يظهرون بجانب الاستمارات، فى إشارة منهم إلى صحة الأرقام التى أعلنوها من قبل.

محمد مرسى، الذى طالب أثناء حملة ترشحه للرئاسة، بأن يثور الشعب ضده إذا لم يحترم الدستور والقانون، لم يأبه للحملة، ولم يتحدث عنها، لكنه ظهر فى استاد القاهرة بين آلاف من أنصاره، قبل 15 يومًا من مظاهرات شعبية طالبت بعزله، مؤمّنًا على دعاء قاله الشيخ السلفى محمد عبدالمقصود، وصف فيه «المتمردين» بـ«المنافقين والكافرين»، قائلًا:«أسأل الله أن يعز الإسلام وأن يجعل يوم الثلاثين من يونيو عزًا للإسلام والمسلمين وكسرًا لشوكة الكافرين والمنافقين».

فى 3 يوليو 2013، تصدر «بدر» المشهد، وجلس أقصى يمين قائد الجيش آنذاك عبدالفتاح السيسى خلال إلقائه بيان عزل مرسى، ثم ألقى كلمة أعلن فيها «انتصار إرادة الشعب العظيمة»، داعيًا الجميع إلى «الصمود فى الميادين حفاظًا على مكتسبات الثورة»، فيما قال «بدر» إن السيسى همس فى أذنه بعد تناول العشاء فجر 4 يوليو: «خليكوا فى ضهر جيشكم يا (محمود)، اوعوا حد يخدعكم أبدا، ده جيشكم إنتوا وجيش مصر مش بتاع حد».

حملات تخوين وتشويه واتهامات بالجملة طالت الحركة وأعضاءها بعد 3 يوليو، ولكن هذه المرة ليست من طرف آخر معاد، إنما بدأ أعضاء الحركة فيما بينهم حملات تشويه ضد بعضهم البعض، متهمين رفاقهم بـ«الخيانة، وتلقى أموال، والعمل مع رجال مبارك»، وغيرها من الاتهامات، وخرجت إلى النور تسريبات منسوبة إلى أعضاء الحركة يتعاطى فيها أحدهم المخدرات، ويتحدث فيها آخر عن علاقاته الجنسية غير الشرعية.

الانشقاقات طالت الحملة، وأعلن بعض مؤسسيها أن «بدر وشاهين وعبدالعزيز» استغلوا اسم الحملة، وحولوها إلى حركة، وشُكل ما سُمى بـ«تمرد تصحيح المسار»، وحولوا الثلاثى الأكثر شهرة قبل 30 يونيو إلى التحقيق، لكن الأمر جرى تداركه وانتهى بالصلح.

180 يومًا تقريبًا كانت كفيلة بعودة الانقسام الأخير بين أعضاء الحركة، إذ أعلن «بدر» تأييده لترشيح السيسى لرئاسة الجمهورية، بينما كان لـ«شاهين وعبدالعزيز» رأى آخر، وظهرا معًا خلف القطب الناصرى حمدين صباحى، المرشح المنافس للرئاسة، ما أدى إلى تجميد عضويتهما، وانضم إليهما 50 عضوًا بالحملة.

«بدر»، الذى رفض من قبل ترشيح شخصية ذى خلفية عسكرية للرئاسة، وقف وراء السيسى، وقال إنه يدعم ما سماه «المشروع الوطنى للرئيس» بكل قوة، وأن ترشيحه «الخطوة الأولى فى بناء مصر»، واصفًا إياه بـ«رئيس يسد عين الشمس، وإنجازاته محل تقدير»، داعمًا مواقف الرئيس ومؤيدًا جميع روايات الدولة فى أحداث شائكة على رأسها «مجزرة الدفاع الجوى، ومقتل شيماء الصباغ».

بعد 3 أعوام، مازالت الاتهامات تطارد «بدر» الذى كان يسكن فى شبين القناطر بمحافظة القليوبية، ثم استطاع، بعد 3 يوليو، عقد قرانه فى فندق «الماسة» التابع للقوات المسلحة، وشراء سيارة جديدة والانتقال للعيش فى حى المهندسين بالقاهرة.

اتهم حسن شاهين، رفيق الأمس، «بدر» بـ«التقرب من رجال السلطة»، خاصة بعد اختياره ضمن لجنة الخمسين لوضع الدستور، وخوضه انتخابات مجلس النواب على قائمة «دعم مصر»، المحسوبة على الدولة.

«شاهين» عاد إلى المعارضة من جديد، وأصبح عضوًا فى «التيار الشعبى» ويدعم، حالياً، حمدين صباحى فى قراراته السياسية، وآخرها الاعتصام فى مقر «الكرامة» احتجاجًا على اتفاقية إعادة ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية، ومنحت بمقتضاها جزيرتا تيران وصنافير للمملكة، فيما أصبح «عبدالعزيز» بعد 3 يوليو عضوًا فى المجلس القومى لحقوق الإنسان، والآن عاد إلى «تويتر» كناشط سياسى يعلن آراءه السياسية، بعد خسارته فى انتخابات مجلس النواب.

حسن شاهين، أحد مؤسسى «تمرد»، قال إنه بعد 3 أعوام ليس نادمًا على مشاركته فى الحملة التى حققت أهدافها والمطلوب منها إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، نافيًا استخدام الحملة فى التمهيد إلى ترشح وزير الدفاع آنذاك إلى الانتخابات الرئاسية.

ويضيف «شاهين»، لـ«المصرى اليوم» أنه فوجئ حين عرف نية السيسى للترشح للرئاسة، خاصة أن الأمر لم يكن ضمن الأمور المتفق عليها بين الحملة ووزير الدفاع، على حد قوله، مضيفًا أن السيسى لم يظهر عليه رغبته فى الترشح قبل 3 يوليو، لكن بعد ذلك التاريخ حدثت ممارسات وإجراءات «خاطئة».

وأكد أن هناك أدوات وأجهزة معينة دفعت السيسى للترشح، رغم أن الأمر لم يكن متفقًا عليه منذ البداية، رافضَا القول إنه تم خداعه أو استخدامه فى مشهد 3 يوليو، وحول الانشقاق الذى طال الحركة، قال «شاهين» إن الخلاف مع «بدر» لم يكن شخصيًا، بل اختلافًا طبيعيًا فى وجهات النظر، متهمًا «بدر» بتحويله إلى خلاف شخصى.

واصفًا نفسه بـ«الخاسر الأكبر»، قال «شاهين» إن عددا من مؤسسى الحملة شاركوا بعد 3 يوليو فى مجالس حقوقية، وآخرين لاقوا دعمًا من الدولة ورجال الأعمال المحسوبين على النظام، ودخلوا البرلمان، بينما خسر هو وظيفته فى أحد أشهر الجرائد الخاصة بعد تأييده صباحى فى الانتخابات الرئاسية.