السودانيون فى القاهرة يختلفون حول مستقل الجنوب

كتب: شيماء عادل, سارة نور الدين الأربعاء 17-11-2010 16:30

تباينت آراء اللاجئين السودانيين فى مصر، حول «خريطة الطريق» التى تقدمت بها الإدارة الأمريكية إلى الرئيس السودانى عمر البشير، بشأن إنهاء حالة النزاع بين الشمال والجنوب، والتى تنص على إجراء استفتاء انفصال الجنوب فى يناير المقبل، مقابل شطب اسم السودان من قائمة الإرهاب الأمريكية.


المصرى اليوم التقت عددا من السودانيين الذين يعيشون فى منطقة الكيلو 4.5 على طريق السويس، وبينما رحب البعص بالفكرة، واعتبروها «الطريق الوحيد» لتنمية الجنوب، اعترض البعض الآخر، مؤكدين أن السودان» شعب واحد لا يمكن تقسيمه أو الانتقاص من وحدته.


أكد توتو كوادى، أحد اللاجئين، أن الأوضاع الأخيرة التى يشهدها السودان وتتناقلها وكالات الأنباء، تختلف تماماً عن الواقع الذى يعيشه السودانيون، موضحا أن الشعب السودانى يتعامل مع بعضه كشعب واحد، لا يفرق فى المعاملة بين أهل الشمال أو الجنوب، وقال: «أنا أسكن وسط السودان، ولى أصدقاء وأقارب فى الجنوب».


وأضاف: «أنا ضد فكرة تقسيم الدولة، ويجب على السودان أن يعيش كشعب واحد بعيداً عن التقسيم، فمصلحة البلد ليست فى تقسيمه، وإنما فى إيجاد آليات لحل مشاكله خاصة الجنوب الذى يعانى من وجود مشاكل فى التنمية والبنية الأساسية».


لكن يوسف محمود، عارض الرأى السابق، وذكر أن مصلحة السودان فى «تقسيمه»، وأن من حق الجنوبيين الانفصال عن الشمال، وأن تولى أمره حكومة تهتم به وتعمل على حل مشاكله وتصنع التنمية والتقدم، بعدما عانى مشاكل كثيرة فى ظل الحكومة الحالية، مشيراً إلى أنه ينتظر «قرار الانفصال» لكى يعود إلى السودان.


وقال يوسف: «من يحدد قرار الانفصال من عدمه هم السودانيون أنفسهم، فاللاجئون ليس لهم الحق فى الاختيار أو التصويت، فأنا من أهالى الوسط وتركت السودان منذ 9 سنوات، متجهاً إلى مصر لأنها الأقرب إلى بلدى»، رافضاً فى المقابل حق اللجوء إلى أى دولة أجنبية «أملاً فى الرجوع إلى بلدى مرة أخرى».


وأضاف: «أنا فى انتظار أن يتغير الوضع الحالى فى السودان، وأرى أن تجربة التقسيم سوف تساعد فى هذا التغيير، ومعظم أصدقائى وأقاربى فى السودان يرون أن الامل فى انفصال الجنوب»، مشددا على أن «الجميع متشوق إلى رؤية حكومة جديدة تستطيع إحداث التقدم والتنمية فى البلاد».


ويرى كِيسى موسى المدكافى، أحد سكان شمال السودان، أن من حق الجنوبيين المطالبة بالانفصال، خاصة مع سوء وقلة الخدمات التى ينالها أهل الجنوب، وغياب عدالة توزيع الثروات على شعبه، مؤكداً أن المشكلة السودانية يمكن حلها «إذا توافرت النية والإرادة السليمة من جانب القيادات لحل هذه الأزمة».


واستطرد المدكافى: لكن الانقسام لن يساعد على حل المشاكل التى يعانى منها الجنوبيون، بل سيفتح الطريق أمام مطالبات أخرى للانقسام، مثلما هو متوقع فى إقليم دارفور وبعده شرق السودان ثم النيل الأزرق، مطالبا الحكومة السودانية بضرورة إيجاد آليات لحل مشكلة الجنوبيين بدلاً من اللجوء إلى الانفصال، من بينها ضرورة تعديل الدستور السودانى، لكى يتمكن المسيحيون من تولى بعض المناصب القيادية، لافتاً إلى أن الدستور السودانى يمنع تولى المسيحيين وزارات سيادية مثل الدفاع والداخلية والإعلام، وهو ما يراه ضد مبدأ المساواة والمواطنة.


أضاف: «رغم أننى مسيحى والناس تتعامل مع الجنوبيين بصفتهم مسيحيين، كما يتعاملون مع إقليم دارفور باعتباره إقليماً إسلامياً، فإننى لن أترك الشمال، مسقط رأسى، وأتجه إلى الجنوب، على الرغم من أننى فى الشمال أُعامل على أننى مواطن من الدرجة الثالثة»، مشيراً إلى أن الحل الحقيقى لحل مشاكل السودانيين هو الشعور بالمساواة فى الحقوق، وليس الانفصال بين الشماليين والجنوبيين.


وقال أيمن بشير، أحد السودانيين المقيمين فى زهراء مدينة نصر، إن فكرة الانفصال، على الرغم من مساوئها الشديدة، تبدو الفكرة الوحيدة المطروحة للحفاظ على السلام القائم بين الشمال والجنوب، مضيفا: «المشكلة الرئيسية تكمن فى الحدود ومنطقة البترول أبيى والجنسية والمواطنة بين أهل الشمال والجنوب، وحاليا الشمال مفكك بين الإقليم الشرقى والإقليم الغربى، والجنوب كذلك مفكك، وكلاهما بهما العديد من المشكلات، إذن السودان بأكمله ملىء بالمشكلات التى لن يحلها انفصال الجنوب».


وتابع: «الشريكان الموجودان فى السودان الآن - وهما حكومة الشمال وحكومة الجنوب - لابد أن يحافظا على السلام حتى لو كان الانفصال هو الحل»، موضحا أن «الانفصال سيعطى للجنوب حق الاحتماء بالخارج، وسوف تتواجد هناك قوات دولية، ومن السهل التدخل الأجنبى فى شؤون البلاد»، منوها بأن «السلام الذى سينتج عن الانفصال مؤقت، ولن يطول كثيرا بسبب عدم تسوية مشكلات تقسيم الدخل القومى ومنطقة البترول وقلاقل الحدود وضعف التنمية».