اخلع يا دكتور!

محمد أمين الثلاثاء 31-05-2016 21:46

حاولت أن أبحث عن معلومات وصور لمستشار وزير الصحة بعد واقعة القبض عليه.. فوجئت أنه من الذين يدخنون السيجار الكوبى الفاخر.. صورته الأشهر وهو يدخن السيجار كافية لكى تثير حوله الشبهات.. فلا هو باشا ولا سليل باشوات، فلا يُعرف عن موظفى الدولة تدخين السيجار.. لكن يبدو أنه يستطيع أن يحصل على السيجار طول العمر فى عملية رشوة واحدة، ويبدو أنه مش سليم بالمرة!

يعنى إيه موظف دولة يدخن السيجار؟.. يعنى أنه لا يدفع ثمنه من جيبه، ويعنى أنه ماشى غلط.. وقد أحزننى أن هذه الاستنتاجات صحيحة 100%.. فقد تم ضبطه فى واقعة رشوة قيمتها أربعة ملايين ونصف المليون.. وهى تكفى لكى يشترى فيلا وسيجاراً للعمر، وهى مؤهلات الباشوات الجدد الآن.. الناس حالياً تُعرف بالسيجار ومفتاح السيارة والشقة والكرافتة.. لا نقيّم الناس بقيمتها الحقيقية للأسف!

مش معقول لسه فيه حد بيرتشى حتى الآن.. كنت أتصور أن ما جرى لوزير الزراعة صلاح هلال فى ميدان التحرير كاف لزجر الحرامية والمرتشين ليوم الدين.. تم القبض عليه عقب الخروج من مجلس الوزراء بدقائق، وتم تقديمه للمحاكمة.. أى نوع من البشر هذا الوزير وهذا المستشار؟.. كنت أتخيل أن هناك من تربى بعد ثورتين تطالبان بالعدالة والنضافة، متى يختفى الملوثون والمرتشون للأبد؟!

كيف وصل هذا المستشار «المرتشى» إلى منصبه؟.. الذين يرتشون لا يمكن أن تكون هذه أول مرة بالنسبة لهم.. هم أيضاً يحصلون على أماكنهم بطرق ملتوية، وربما بالرشوة أيضاً.. ويحزننى أن أقول إن الكفاءات تمتنع.. ويحزننى أن أقول إن «الحلنجية» يعرفون من أين تؤكل الكتف؟.. لا يعرف هؤلاء أن الأجهزة «مفنجلة عيونها».. لا لكى تشل حركة من يعمل أبداً، وإنما لكى تمسك باللصوص فقط!

المعلومات المتداولة فى قضية المستشار المرتشى تقول إن القوات ذهبت إليه فى مكتبه بالوزارة، وإنها ضبطته متلبساً وكانت تعرف أن الشيكات معه فى تلك اللحظة التى ينفخ فيها دخان سيجاره الفاخر فرحاً بجريمته، وطلبت منه أن يخلع ملابسه.. حتى لو بقى «ملط».. اكتشفت أنه وضع الشيكات فى الشراب.. ولو تأخرت الأجهزة الأمنية عدة دقائق لكان قد نفد، أو كان أخفاها، أو مزقها فوراً!

معناه أن ضباط الرقابة الإدارية تابعوه جيداً، ومعناه أن العمل تغير نوعياً فى الرقابة الإدارية حالياً.. فلم تعد هناك شبهة كيدية ولا تشهير.. بالعكس هناك قضية حقيقية، ومراقبة فعالة لم يشعر بها، فضلاً عن أنها تابعت عملية التفاوض بجدية، حتى وافق على توريد الأدوية مع الشركة، مقابل رشوة وقبضها، ثم قام بوضع الشيكات فى الشراب.. وهنا قال له الضابط: اخلع يا دكتور، حتى آخر فردة شراب!

حرام عليكم مصّيتوا دم الغلابة.. رشاوى تانى.. مفترض إن المستشار المرتشى جاى لضبط هذه الإدارة، فإذا به يسرقها، ويشغّلها لحسابه الخاص.. يدخن السيجار ويقبض الملايين، ويتاجر فى الغلابة.. وكانت هذه نهايته ونهاية كل مرتش.. وزيراً كان أو مستشاراً.. اللى يغلط يتحاسب، كما قال الرئيس نفسه!