عندما تتعرى النساء هنا، يتعرى الرجال فى بلاد العالم.. هذا هو المنطق بالتأكيد.. فلا تستغربوا أبداً.. العدوى الآن فى بلادنا هى «التعرية».. تعرية هنا وتعرية هناك.. يتداول الشباب على مواقع التواصل الاجتماعى فيديو لشاب مصرى تمت تعريته وضربه فى الكويت.. صورة طبق الأصل لما جرى للست سعاد فى قرية الكرم.. وإذا ضاع حق الست سعاد، سوف يضيع حق المواطن المصرى فى الكويت!
حكايات التعرى لا تحدث، للأسف، إلا فى بلادنا العربية المسلمة.. ومن المفارقات أن تحدث فى قرية تدعى «الكرم».. ومن الأغرب أن يحدث بعدها شىء مشابه لمواطن مصرى فى بلد عربى.. مرات، يأتى المصريون فى صناديق الموت، ومرات يُضربون ويسحلون ويتعرون.. نتسامح هنا ونتسامح هناك.. نقبل بالحل العرفى ونقبل بالدية ويا دار ما دخلك شر.. نحل مشكلاتنا بتبويس اللحى، لا بالقانون!
فكرة التعرية تعنى أن هناك قوة غاشمة لا يهمها قانون ولا حكومة.. وتعنى أن هناك مقهورين لا حول لهم ولا قوة.. فما الذى جعل الناس مقهورين داخل الوطن، ومقهورين خارج الوطن؟.. بالتأكيد هذا سؤال ينبغى الرد عليه.. إهمال الإجابة عنه جُرم كبير.. لا ينبغى أن تمر حادثة الكرم، ولا ينبغى أن تمر حادثة الكويت.. الجريمة واحدة.. للأسف، تنتهى نهاية واحدة أحياناً، وتنتهى صلحاً وقبلات غالباً!
أعرف أن الوزيرة نبيلة مكرم تبحث ملابسات حادثة التعرى.. وأعرف قبلها أن الكويت وقفت معنا بقوة، مثلها مثل السعودية والإمارات.. شىء طيب.. الأهم منه أن يتعامل هؤلاء مع العامل المصرى باحترام.. وليس على أنه درجة ثانية.. كنت أتصور مثلاً أن يكون هناك حل لمشكلة الكفيل.. وإلا كيف يمكن أن نقبل نظام الكفيل فى ظل كلام عن جسر جديد يربطنا بالخليج كله، وليس بالسعودية وحدها؟!
تخيلوا ما شاء لكم أن تتخيلوا، لماذا فعل الكويتى هذا بمواطن مصرى؟.. لماذا أجبره على التعرّى وضربه على جسده وتعذيبه؟.. أى ثقافة؟.. كيف تصرف هذا الكويتى بعيداً عن أى قانون؟.. لقد رأيتم كيف أقامت إيطاليا الدنيا ولم تقعدها، بسبب الشاب ريجينى؟.. وكيف تعاطفت معه أوروبا كلها.. مع أن إيطاليا نفسها قتلت شاباً مصرياً بنفس الطريقة، ولم نعرف حتى الآن ما جرى؟.. هذا هو الفارق الكبير!
أتفق مع الوزيرة نبيلة مكرم على أننا «لن نتسرع فى النتائج».. لكن لا يعنى هذا أن نتصرف بدم بارد.. ولا يعنى هذا أن نقبل بحلول عرفية.. ولا يعنى هذا أن تنتهى باعتذار والسلام.. مرة واحدة نتعامل بجدية هنا فى الداخل، وسوف تصل الرسالة بوضوح إلى الخارج.. مأساة أن يرى أحد نفسه فوق القانون وفوق العباد.. الحل أن يضرب «المصرى» ابن الأكرمين بالمثل.. الحل أن يحدث القصاص العادل!
أخيراً، لا شىء يعوض الإنسان عن كرامته أبداً.. فلوس الدنيا لا ترد للست سعاد كرامتها وشرفها.. أحسنت أسرتها عندما رفضت إعانة محافظ المنيا.. أيضاً لا يمكن أن ترد الفلوس كرامة المصرى فى الكويت.. لا يمكن أن يعوضه الاعتذار بالمرة.. باختصار، عندما تتعرى النساء يتعرى الرجال!