بص يا مقهور إنت وهو..!!

علاء الغطريفي الأحد 29-05-2016 21:20

لم أستغرب ما جرى فى المنيا، فتعرية سيدة ليس بعيدا عن تلك النفسية التى تسيطر على شوارعنا ويظهر بين الحين والآخر بعض من تجلياتها المفزعة، ما تحت السطح كثير، يتغاضى عنه المجتمع وتتعامى عنه السلطة لمجرد أنها حوادث ليست اعتيادية، وتعبر فقط عن خلل ما، لكنه لا يعكس أى خطورة على بنيان ذلك المجتمع، وهو ما بدا من تصريحات محافظ الإقليم الهمام، التعرية هنا هى انكشاف لهذا المجتمع، فذلك الفعل هو نتاج تلك النفوس المقهورة التى تهلل للسلطة الحالية، وهى نفسها التى جاءت بالظلاميين لحكم مصر.

الفقر هناك ليس عَرَضاً فاجأنا بمرض ذهاب النخوة والشهامة والغلاف الرئيس للبنى آدم «الإنسانية»، فالأمر هنا يتعلق بالتخلف الذى هو المعنى لذلك الإنسان المقهور، وفق الدكتور مصطفى حجازى عالم النفس اللبنانى فى كتابه العظيم «سيكولوجية الإنسان المقهور»، فذلك الإنسان الذى رأيناه فى قرية الكرم موجود فى كل مكان، فإليك أيها المقهور صوراً عنك:

«1» هو ذلك الإنسان الذى لا ينظر إليه باعتباره عنصرا أساسيا ومحوريا فى أى خطة تنموية مهما كان ميدانها.

«2» مقهور أمام القوة التى يفرضها السيد، أو المتسلط، أو الحاكم المستبد، أو رجل البوليس، أو الملك الذى يتحكم بقوته، أو الموظف الذى يبدو وكأنه يملك العطاء والمنع، أو المستعمر الذى يفرض احتلاله.

«3» لا يتقبل الكارثة أو الهزيمة، أو الخطوب أو الفشل كأمر واقع، ولا يستطيع الاعتراف بمسؤوليته المباشرة فى ما حلّ به. إنه إما أن يهرب من الواقع أو يلقى باللوم على الآخرين، أو يستجيب بالعدوان، أو يوهم نفسه بأن الأمر عابر.

«4» لا يعيش فى علاقته بالزعيم علاقة فعلية بين إنسان وآخر، بل بين إنسان وتصور خرافى يسقط على الزعيم، وهذا ما يحمل الزعيم أعباء لا قبل لأحد من بنى البشر بها.

«5» يتصور علاقته مع الزعيم المنقذ بشكل تملكى، فهو تابع، ولكنه يحس فى قرارة نفسه أن هذا الزعيم مجرد أداة لتحقيق آماله، فعليه أن يقعد كالطفل منتظرا الهناء والخير الوفير على يدى الزعيم المنقذ، كما كان يأتيه طفل من أمه. والصورة كما الأساطير والقصص الشعبية «الزعيم يحارب بمفرده والجموع تشاهد فقط».

«6» يتماهى مع المتسلط - أيا كان - للتخفف من انعدام الشعور بالأمن، فهو يهرب من ذاته ويتشبه بالمتسلط، إنه استلاب، أى خضوع واستعباد «للهروب من عالمه كى يذوب فى عالم المتسلط ونظامه آملاً فى الخلاص».

«7» يتماهى مع المعتدى، فالطفل الذى يخاف من الأشباح قد يتغلب على خوفه من خلال لعب دور الشبح الذى يخيف طفلاً آخر، كذلك الطفل الذى يخشى اللص أو الذئب، فإنه يتغلب على خوفه يتمثيل خطر اللص القاتل أو عدوان الذئب المفترس الذى يبرز مخالبه ويكشر عن أنيابه.

«8» يمارس عليه العنف والقسوة من جانب أدوات السلطة «رجال الأمن»، ناهيك عن إهانة كرامته والنيل منه والتلذذ بعمليات التعذيب والإيذاء الجسدى بصورة تعبر عن تشفٍ واضح وتفريع للعدوانية المتراكمة نتيجة القهر المزمن الذى تعرض له مرتكبو تلك القسوة قبل احتلالهم مناصبهم كأدوات للسلطة.

«9» يفكر بشكل عشائرى وقبلى ويغرق فى الخرافة ويستسلم لأوهام الجن والعفاريت والشياطين والرؤى والمنامات ويكره العلم والتفكير النقدى.

«10» لن يتحرر إلا بتحرر المرأة، ولا يمكن لمجتمع أن يرتقى إلا بتحرر وارتقاء أكثر فئاته غُبنًا «المرأة بالطبع»، فالارتقاء إما أن يكون جماعيًا عاماً، أو هو مجرد مظاهر وأوهام.

«11» ومن وسائل الهرب الشائعة لديه التمسك بأوهام الخلاص السحرى من خلال معجزة ما تقلب الواقع وتنسف معطياته وتغير مصيره..

إذا وجدت نفسك واحدا من هؤلاء، فعليك أن تعيد حساباتك، وتعتقد فى أن تغيير الواقع لن يكون إلا بتغيير ذاتك وتطويعها لما يحفظ للإنسان حريته وينتصر للعلم والعمل وقيم الحق والعدل والتكافؤ والمساواة، فحل التقدم بسيط ألا وهو المعرفة ومعها الإنسانية..!