حمَّال الأسية!!

عباس الطرابيلي السبت 28-05-2016 21:49

هو فى رأيى الآن: أبوالعيال، وهو حمَّال الأسية.. وشيَّال الهموم، ولم يعد الشعب يرى فى غيره أى أمل.. ولهذا يرمى همومه على الرئيس السيسى.. أليس هو الذى يسرع إلى التحرك.. وإلى اتخاذ القرار، وإلى الإنقاذ.. حتى قبل أن يتحرك أى مسؤول آخر، هذا إذا تحرك أى مسؤول!! وكأن الرئيس السيسى هو المسؤول دائماً رغم ما تتحمّله الدولة من مرتباتهم.

والناس - كل الناس - ما عادوا يلجأون إلا إلى الرئيس السيسى ويسرعون إليه يطلبون نجدته.. ويستصرخونه لينقذهم، فى زمن تكاسل فيه معظم الوزراء..

والشعب يرى أن السيسى هو الذى يمتلك القدرة على التدخل السريع، وعلى الحل.. ولم يعد الشعب يرى فى غير السيسى أى أمل.. حتى البرلمان ورئيس البرلمان، وهو المجلس الرقابى الأول، الذى هو لسان الشعب، أو هكذا يجب أن يكون، حتى هذا البرلمان لم يعد كذلك.. وبات فى الظل تماماً، ولم يعد الناس يرون فى هذا البرلمان أى أمل.. حتى مجرد الكلام.. بعد أن قرر رئيسه وضع أقفال فوق أقفال ليغلق أفواه حتى من يُفترض أنهم لسان الشعب.. وهكذا دخل البرلمان- بقرار من رئيسه- إلى منطقة ظل رهيبة.. وبعد أن كان الشعب يضع آمالاً كبيرة على نوابه وعلى برلمانه، نجح رئيس البرلمان فى تكميم الأفواه، ليس فقط وهم تحت القبة.. وهذا ما يملكه رئيس البرلمان.. ولكن أيضاً بعيداً عن القبة.. أى خارج البرلمان.. وهذا لا يملكه رئيس البرلمان.. وتلك «وكسة» كبيرة لم يتوقعها الشعب مما كان يتوقعه من البرلمان.. وأتحدى إن أجريت الآن أى انتخابات برلمانية أن يذهب 10% من الشعب إلى صناديق التصويت.

ولم يعد الشعب يرى فى مجلس الوزراء، وهو السلطة التنفيذية الأولى، أى أمل، رغم أننى أعترف بأن رئيس الوزراء يبذل الكثير، وكان الله فى عونه، فهو دائماً ما يكون أسبق المسؤولين فى التواجد فى موقع الأحداث، للتدخل.. عندما يجب أن يتدخل كبير المسؤولين التنفيذيين، وربما لا يحس الناس بجسامة الجهد الذى يبذله رئيس الحكومة.. ولكن سبب ذلك ضخامة المشاكل التى يتعرض لها الوطن.. وكل المواطنين.. وربما أيضاً لأن الشعب لم يعد قادراً على الصبر.. بل يتعجل الإصلاح.

ولم يعد الشعب يرى فى المحافظين، وهم السلطة المباشرة بين الدولة والناس، أى أمل.. بل نادراً ما يعرف الناس اسم المحافظ.. كما لم يعد يعرف الناس أسماء الكثيرين من الوزراء.

لكل هذه الأسباب لم يعد أمام الشعب إلا الرئيس السيسى.. فهو فعلاً أبوالعيال وراعى البنات وحمَّال الأسيّة.. ومن يتحمّل حتى خطايا الأمهات الغارمات.. وبات السيسى هو الأمل. أليس لسانهم يقول إننا الذين جئنا بالسيسى رئيساً لنا ليحقق ما نحلم به.. إذن عليه أن يتحمّل.. وأن يصمد.. ولكن إلى متى يصمد أمام طلبات الناس، بل إلى أى مدى يصبر أمام ضغط الناس الغلابة الذين يرون فيه «أنه وحده من بيده عصا فرعون.. أو خاتم سليمان..»، بل هناك من يتحدث عن المليارات التى يقدمها الأشقاء.. والناس هنا تتساءل عن هذه المليارات.. ويغمضون عيونهم عن عشرات المشروعات العملاقة فى كل مكان.. ولا يسألون أنفسهم من أين هذه الأموال التى تُنفق على كل هذا المشروعات.. بينما الخزانة شبه خاوية.. والمؤامرات مستمرة وبعنف فى الداخل وفى الخارج. والمتآمرون لم يتركوا فرصة للرجل حتى يأخذ أنفاسه أو يلتقط أنفاسه.. وكأن المتآمرين لا يريدون له هذه اللحظة.. حتى يفكر بهدوء.. وهم لا يريدون له هذا الهدوء!!

■ والمشكلة هنا أن الشعب يتعجَّل «الحصول» ويتعجَّل أن يأخذ دون أن يسأل نفسه: وماذا قدمت أنا لكى أساعد- ولو للحظة- فى عجلة الإنتاج الذى انهار.. وزادت الواردات بما يمكن أن يدمر حتى أكبر الاقتصاديات فى العالم.

الشعب فعلاً متعجِّل.. ولكن ما باليد حيلة.. أقصد لم يعد الرئيس أمامه إلا بعض الإجراءات الحازمة.. والرجل يمسك نفسه تماماً- حتى الآن- عن اتخاذ هذه الإجراءات.. وكله أمل أن يرفع الشعب من معدّل إنتاجه، وأن يقلل من مطالبه، حتى لو كانت مطالب ملحّة.

■ لقد بات السيسى رمزاً للصمود.. وقلعة للصبر.. ومهمته الصعبة الآن أن يوائم بين ما تحت يديه وبين أحلام الناس.. وإذا كان ما تحت يديه قليلاً، فإن أحلام الناس مشروعة.. فقط كل الأمل ألا يفقد الرئيس ثقته فى الناس.. وحلمه فى أن يساهموا معه.

وحتى يرضى الشعب عن أداء الدولة عليه أن يعمل، وألا يترك الرئيس وحده يعمل بمفرده.. ذلك لأن للصبر حدوداً.. وللصمود أيضاً!!