تحدثتُ هنا - يوم الإثنين الماضى - عن كلمات الرئيس السيسى لطمأنة الشعب الدمياطى بمناسبة افتتاحه لمصنعى موبكو للأسمدة المجاورين لمصيف رأس البر، وتأكيد الرئيس للدمايطة أنه لن يسمح بإقامة مشروعات تسبب ضرراً للناس وللبيئة، ورأى بعض الدمايطة أننى أشجع هذه المشروعات لأن العالم كله يتجه إلى هذه الصناعات البتروكيماوية، لاستغلال الغاز الطبيعى فى عمليات التنمية، وأنا فعلاً أؤيد ذلك، ولكن بشرط ألا تضر هذه المصانع بالبيئة وبالناس.. خصوصاً أننى كنت فى مقدمة الذين قاموا بالحملة ضد مصنع موبكو منذ سنوات، واشترطت تطبيق هذه المصانع أحدث وسائل الحماية العصرية، خصوصاً أن المصانع تقام مجاورة لمنطقة زراعية شهيرة.. وأيضاً لأنها على بعد أمتار معدودة من أشهر مصيف شعبى فى مصر، وهو رأس البر.
واعتقد بعض الدمايطة أننى تخليت عن انتقادى لهذه المصانع الملوثة للبيئة.. وهذا غير صحيح.. وإن كنت أرى أننا يمكن أن نقيم هذه الصناعات بشرط حماية البيئة والمجتمع من أى أضرار تنتج عنها.
ووصلتنى رسالة بالفاكس من الحاج حسنى المتبولى، عضو جمعية تنمية المجتمع وعضو جمعية حماية المستهلك بدمياط.. ومن الحاج صلاح مصباح، عضو مجلس الشورى الأسبق.. يشرحان فيها مضار هذه المصانع على دمياط وعلى الدمايطة، وعملاً بحق الرد فإننى أنشر هنا أهم نقاط اعتراضهما على هذه المصانع منذ تصديا - مع العديد من الناشطين السياسيين الدمايطة - لإقامة هذه المصانع بالقرب من رأس البر.
يقول الدمياطيان البارزان إن الحملة الشعبية التى شارك فيها كل الدمايطة منذ سنوات نجحت فى تعديل سعر الغاز، وأيضاً الاعتراض على السماح لمصنع موبكو بالحصول على 1200 متر مكعب كل ساعة لاستخدامها فى تبريد المصانع مجاناً، أى حوالى 11 مليون متر مكعب سنوياً.. وهى كمية تكفى لرى آلاف الأفدنة فى هذه المنطقة الزراعية، التى تشكو من ندرة المياه بفعل أنها تقع فى نهايات الترع.. وكان الاعتراض أيضاً بسبب عدم وجود دراسات بيئية توضح الأثر والحمل البيئى للمنطقة، خصوصاً بعد تحويلها إلى منطقة صناعية من المصانع سيئة السمعة.. مع تحويل رأس البر من مصيف إلى منطقة لصناعة البتروكيماويات تقتطع 2000 فدان من 6000 فدان هى كل مساحة رأس البر لإقامة هذه المصانع.. وأن اللجان الرافضة لهذه المصانع استعانت بدراسة للدكتورة سوزان خليف، أستاذ علوم أعالى البحار بالإسكندرية، التى حذرت من مصير مشابه لما حدث فى خليج أبى قير من تلوث المياه وتأثيرها السلبى على الأحياء المائية والأسماك.
ويضيف الرد أنهم عقدوا مؤتمراً علمياً لدراسة المشروع خرج بعدة نتائج، فى مقدمتها تدنى سعر بيع الغاز للمصانع، وعدم وجود عقد بين الشركة وأى شركة تعمل فى مجال التخلص من النفايات الخطرة، كما أن المصنع سيقوم بصرف المياه المستخدمة للتبريد فى البحر مباشرة، بالمخالفة لقانون البيئة المصرى الذى يلزم المصنع بمعالجة المياه قبل إعادتها لمصدرها، ويحظر صرفها فى البحر.. وأكد المؤتمر أن هذه المياه تكفى لرى 4000 فدان بأسلوب الغمر.. وأنها تروى أضعافها باستخدام الأساليب الحديثة.. ثم إن المصنع يخصص 75٪ من إنتاجه للتصدير.. وإذا احتاجت السوق المحلية إليه تشتريه بالأسعار العالمية.
ويواصل الحاج حسنى المتبولى والحاج صلاح مصباح ردهما بأن مصر الآن تقع تحت خط الفقر المائى.. حتى قبل أن يظهر سد النهضة.. وأن المشكلة الكبرى التى تصدى لها شعب دمياط هى مشكلة التلوث والحفاظ على التنمية المستدامة، حتى قبل أن تصبح مادة فى الدستور المصرى الحالى، للمحافظة على حق الأجيال القادمة فى الثروات الطبيعية.
واختُتم الرد بقولهما إن المجتمع الدمياطى سوف يستمر فى مراقبة الشركة والتزامها بالشروط البيئية ليس فقط لهذا المصنع بل أيضاً لمصانع أخرى مثل الميثانول ومصنع سيجاز ومصنع النسيج التركى.. حتى يتأكد الدمايطة من إقامة محطات تحلية المياه.. والتخلص الآمن من المخلفات الخطرة.. ومراقبة تلوث الهواء.
** وأقول: من المؤكد أن خوف الدمايطة من هذا التلوث كان وراء كلمات الرئيس السيسى - خلال افتتاحه المصنعين الجديدين - وحرص رئيس الجمهورية على التأكيد على أهمية المحافظة على الجو.. من أى تلوث.
وهنا تأتى أهمية المراقبة الشعبية لمنع خروج هذه المصانع على القواعد التى تحمى البيئة.. لأن مصر هى المستفيدة من هذه الصناعات بشرط ألا يُضار الناس.. ولا تُضار البيئة أو يتم تدميرها.. ونعم للتصدير ولكن فى نفس الوقت نحمى البيئة ونحافظ عليها.