جهاد الخازن يكتب: فى تركيا أزمة اسمها أردوغان

اخبار الثلاثاء 24-05-2016 21:37

نقلاً عن جريدة «الحياة» اللندنية

عندما جاء رجب طيب أردوغان على رأس حزب العدالة والتنمية إلى الحكم فى تركيا سنة 2003، رحّب عرب كثيرون مثلى بقدومه وخفنا عليه من مصير كمصير نجم الدين أربكان، أول رئيس وزراء إسلامى، الذى أطاح به الجنرالات سنة 1997.

كنا نخاف على أردوغان وحزبه، والآن صرنا نخاف منه. ما اعتقدنا أنه مثَلٌ صالحٌ للإسلامى الديمقراطى المعتدل أصبح الجماعة باسم آخر، أى كل شىء ما عدا الديمقراطية. (لايزال هناك عبدالإله بن كيران، الذكى المعتدل، وحزبه فى المغرب).

راجعوا معى:

- أردوغان أطاح برئيس وزرائه وشريك دربه السياسى أحمد داوود أوغلو، وسجن صحفيَّيْن بارزَيْن، ويُهدِّد بإغلاق جريدة «زمان» المعارضة، وقد رُفِعَت الحصانة عن 138 نائباً فى البرلمان لمحاكمتهم بتهمة تأييد الإرهاب.

- الحرب على الأكراد لن تنتهى قريباً، وقد قُتِلَ أكثر من 20 مواطناً تركياً فى قرى الحدود مع سوريا، وسيُقتَل آخرون، فالإرهابيون من «داعش» يملكون صواريخ كاتيوشا الروسية ويستعملونها. وأقرأ أن الجولات المقبلة ربما شملت أسلحة كيماوية. هناك مَنْ يعتقد أن الإرهابيين يحاولون استدراج تركيا لدخول سوريا. وفى حين أننى لست عسكرياً ولن أكون، فأنا أذكر من أيام التدريب العسكرى فى لبنان مراهقاً، النصحَ بألا يخوض بلدٌ حربين فى وقت واحد.

- الاتفاق بين تركيا والاتحاد الأوروبى على اللاجئين من سوريا وغيرها فى خطر. أردوغان طالب بدفع ثلاثة بلايين دولار وعد بها الأوروبيون لمنع تكرار هجوم اللاجئين السنة الماضية، ووصول حوالى 800 ألف منهم إلى أوروبا. بروكسل تتردّد فى الدفع وأردوغان يهدد بفتح الأبواب أمام اللاجئين لغزو أوروبا. قرأت أن تركيا أصبحت الآن تطالب دول الاتحاد الأوروبى الثمانى والعشرين بمبلغ 6.7 بليون دولار لحمايتها من اللاجئين.

المنشق الصينى الفنان، إى واى واى، هاجم الاتفاق بتهمة أنه غير أخلاقى، وكشف عن أعماله الفنية عن الموضوع فى جزيرة ليسبوس اليونانية.

- تركيا متهمة بأنها تخفى الحقائق عن أوضاع اللاجئين. هى تستضيف 2.7 مليون لاجئ، وخطة اللاجئين الإقليمية لسنة 2016- 2017 التى أطلقتها الأمم المتحدة ومنظمات خيرية عالمية تقول إن تركيا لا تعلن معلومات أساسية، مثل تلك الخاصة بتسجيل اللاجئين مع أسماء الدول التى جاءوا منها.

- ليس سراً أن الرئيس أردوغان يريد تغيير دستور تركيا وتقاليدها منذ سقوط الدولة العثمانية بنقل صلاحيات رئيس الوزراء إلى رئيس الجمهورية، وقد اختار خلفاً مطواعاً لداوود أوغلو هو بن على يلديرم. بين أسباب الخلاف التمرد الكردى، فالرئيس قرر قمعه بالقوة، وداوود أوغلو رأى فرصة للحل بالطرق السلمية.

- أغرب ما فى مواقف أردوغان أنه حاول بسط نفوذه على الأوروبيين، وألمانيا حاكمت صحفياً لنشر قصيدة تهين الرئيس التركى. غير أن هذا الإجراء تسبب فى تحدى الميديا الحكومة الألمانية، وهولندا شهدت مسابقة للشعر ضد أردوغان، وتدخلت القنصلية التركية فى روتردام معترضة. فى بريطانيا نظمت مجلة «سبكتيتور» مسابقة شعرية ضد أردوغان، وقرأت أن بوريس جونسون، رئيس بلدية لندن السابق، فاز بها مع وجود قصائد أفضل فى المسابقة. لم أقرأ قصيدة جونسون ولعلها كُتِمَت لأسباب سياسية.

أتوقف هنا لأعود إلى ما بدأت به، فقد كان رجب طيب أردوغان نموذجاً يُحتذى، وتحوّل إلى نموذج للسياسى الذى يجب الابتعاد عنه. هو لايزال يؤيد «الإخوان المسلمين» فى مصر، على رغم ما جنوا على بلادهم فى سنة، ولعله يطمح إلى دعم «الإخوان المسلمين» فى بلدان عربية أخرى إلا أننى وقد دافعت عن «الإخوان» فى المعارضة وانتقدتهم فى الحكم، أدرك أنهم لن يعودوا فى مصر، ولن يحكموا فى سوريا أو الأردن أو أى بلد، فأحيى النموذج الصالح عبدالإله بن كيران لأنه نسيج نفسه بينهم.