قال نائب المجلس الوطنى التأسيسى، طارق بوعزيز، إن تحول حركة النهضة من الدعوة إلى السياسة، فضلا عن إعادة انتخاب راشد الغنوشى رئيسًا لها في المؤتمر العاشر للحركة، يشير إلى مشهدين، هما أن تحول الحركة لحزب سياسى يقص الشباب من القيادة لصالح الكبار، وهذا شىء مؤسف، أما المشهد الثانى فيتلخص في أن الحركة سواء كانت حزبا سياسيا أو حركة دعوية، فهى حزب منظم ويبقى دائما بمبدأ الزعيم الأوحد.
وأضاف في تصريحات خاصة لـ«المصرى اليوم» أن تحول الحركة من دعوى إلى سياسى يرتبط بشكل وثيق بما يجرى في البلاد. وأكد أن النهضة لا تستطيع فرض نمط معين سواء كان دينيا أو علمانيا على الشعب التونسى، لذا فهى تتماشى مع ظروف الشارع الذي عارضها دوما، خاصة أن هناك رفضا كبيرا من شرائح المجتمع للإخوان المسلمين.
وأشار إلى أن «النهضة» لطالما تساند حزب الله «الإرهابى»، وتوجهاتها تأتيها من تركيا، لذا رفض الشعب دعوتها الدينية، موضحا أن الشعب التونسى لا ينتظر من حزب أن يعلمه دينه، فهو يريد فقط أن يتم النظر في التنمية الاقتصادية والمناطق المهمشة والتعليم والبطالة والفساد. وقال: «لا نعتبر قرار الحركة تصحيحا في المسار بقدر ما نعتبره مراجعة الحركة لأخطائها السابقة»، موضحا أن الشارع لا يرى من الأحزاب السياسية، خاصة حركة النهضة، سوى «كلام في كلام»، مشيرًا إلى أن «النهضة» تستعمل الدعوة ضمنيًا لغاية سياسية وهى ما وصلت إليه الآن. وأكد أن الشعب التونسى ينتظر أن يراهم يسيرون في الطريق الديمقراطى الصحيح لمساندتهم، مضيفًا أن الديمقراطية في تونس تريد حزبا منضبطا ومنظما يحترم المعارضة ويحتوى الأحزاب المتشرذمة، وهو ما تستطيع «النهضة» فعله.
وعن تبرؤ «النهضة» من جماعة الإخوان المسلمين في مصر، أكد «بوعزيز» أنه ما زال من المبكر أن يتم ذلك، موضحا أن الحركة ضمنيًا ستظل تدعم التنظيم الدولى للإخوان، لأن الوضع الإقليمى يفرض ذلك، وهناك أشياء كثيرة غير مفهومة من وضع التنظيم الدولى للإخوان. وبسؤاله: هل سيتحول حزب النهضة الجديد لمنافسة حزب نداء في الانتخابات المستقبلة؟، أوضح «بوعزيز» أن النهضة بالفعل تنافس «النداء» دائمًا، قائلاً: «لكن السؤال المطروح هو: هل يتفق نداء تونس من الداخل خاصة بعد الانقسامات الأخيرة التي شهدها الحزب؟».
وأكد أن حركة النهضة لا تحتاج إلى انتخابات رئاسية، خاصة أنها موجودة بالسلطة، مستدلا بأن حضور الرئيس التونسى قائد السبسى مؤتمر الحركة، الذي شهد إعادة انتخاب الغنوشى رئيسًا، ما هو إلا تأكيد على الائتلاف الحاكم بين النهضة ونداء، موضحا أنهما يؤكدان تحالفهما وتمسكهما بالحكومة، ولكن هذا لا يغطى المشاكل التي تشهدها البلاد.
وعن قرار الرئيس التونسى السابق، منصف المرزوقى، استعداد حزبه «حراك تونس الإرادة» معارضة حركة النهضة والنداء، أوضح أن من حق المرزوقى ذلك، لأن الديمقراطية تحتم على المسؤولين قبول المعارضة الشريفة، موضحا أن المرزوقى لن يعطل مسار الدولة نحو الديمقراطية.
من جانبها، قالت عضو المكتب المركزى لحركة النهضة، هاجر المنيفى، إن قرار الحركة بالفصل بين العمل الدعوى والسياسى ليس قرارًا تعسفيا، وإنما للتفرغ السياسى لخدمة الشعب التونسى.
وأضافت لـ«المصرى اليوم» أن قرار الحركة لا يمثل تبرؤاً من الإخوان المسلمين سياسيًا أم لا، لأن هناك ثقافة واحدة تجمع الحركة والإخوان فقط، وهى الثقافة الدعوية، موضحة أن النهضة حركة وطنية تونسية وليست انعزالية عن التنظيم الدولى للإخوان، ولكن قراراتها مستقلة. وأضافت أن الحركة تريد فصل البعدين الدعوى عن السياسى، والاتجاه للثوب الحزبى، والتفرغ للنشاط السياسى فقط، الذي يتخصص في الإصلاح انطلاقا من أبجديات الدولة. ونفت «المنيفى» ادعاءات البعض بأن الغنوشى هدد بالانسحاب بعد الاختلاف داخل الحزب من التحول الدينى للسياسى، موضحة أنه لا صحة لما يتداول، وأن الحركة، خاصة المكتب السياسى، متفقة تمامًا مع الأفكار الجديدة. ومن جانبه، أوضح عضو اللجنة التأسيسية للدستور التونسى سابقًا، محمد نجيب كحيلة، لـ«المصرى اليوم» أن الحركة تريد الظهور بـ«نيو لوك» جديد، وإخراج جديد لممارستها الفكرية.
ومن جهته، أكد الباحث السياسى أستاذ العلوم السياسية بجامعة جندوبة، طارق العمراوي، أن الأزمة التونسية الأخيرة تتدرج ضمن سياق إقليمى داخل الربيع العريى، والتى ما زالت نتائجه لم تتضح بعد.
وأوضح لـ«المصرى اليوم» أن الغنوشى يعى تمامًا ما يجرى في المنطقة ومتغيراتها الدائمة، وتماشيا مع الظروف المحيطة بالبلاد أخذ قرار تحول الحركة إلى حزب سياسى، وأضاف أن «الغنوشى» لا يخشى على وحدة وتماسك التحالف الرباعى الحاكم، ولا على تجربة الإنتقال الديمقراطى وتحول النهضة إلى حزب.