لعبت المصادفة وحدها دورا كبيرا فى تجمع لاعبى الجيل الذهبى بنادى الاتحاد السكندرى حول مائدة العندليب عبدالحليم حافظ، بعد أن راهن الراحل الذى ينتمى بشدة إلى النادى الأهلى، مع طبيبه الخاص (الزملكاوى) على تحمله لنفقات عزومة فخمة بمنزله للفريق الفائز ببطولة كأس مصر موسم 73 بين فريقى الأهلى والاتحاد السكندرى.
ولم يكن يدرى أن نتيجة المباراة النهائية سوف تصب فى النهاية لصالح أبناء الثغر الذين قلبوا كل الموازين وخالفوا التوقعات وفازوا بالمباراة النهائية التى أدارها حكم إيطالى 2/1 بعد التعادل فى المباراة الأولى سلبيا بدون أهداف.
وشاهد المباراة الراحلان الكبيران فريد شوقى الملقب بوحش الشاشة ومحمود شكوكو، ووجه الثنائى اللوم والعتاب للجارم عقب انتهاء المباراة بفوز الاتحاد وإحرازه هدف الفوز بأنه السبب فى غضب معظم المصريين قائلين له بالحرف الواحد «منك لله بعد أن تسببت فى العكننة على مصر بأكملها»!!
تقدم للأهلى أولا نجمه محمود الخطيب وتعادل للاتحاد شحتة الإسكندرانى قبل أن يضيف الجارم هدف الفوز للاتحاد فى وقت ضم فيه الأهلى عمالقة الكرة المصرية وعلى رأسهم محمود الخطيب وحسن حمدى ومصطفى عبده ومصطفى يونس وفتحى مبروك وإبراهيم عبدالصمد وأنور سلامة وأحمد ماهر وصفوت عبدالحليم فى الوقت الذى ضم فيه الاتحاد السكندرى عرابى وبوبو وعلى الكيلانى ومحيى عثمان والسيد كروان وشحتة الإسكندرانى وفكرى مرسى ووحيد حسن وعادل البابلى والجارم ورزق نصار وسمير مخيمر وكان يقود أبناء الثغر حين ذاك الكابتن كمال الصباغ ومديرالكرة أحمد كاطو ومحمود القاضى رئيسا للنادى.
ويروى الجارم نجم الاتحاد السكندرى فى عصره الذهبى قصة «العزومة» التى جاءت بالصدفة، مؤكداً أن الخال فهمى عمر أحد رواد العمل الإعلامى فى مصر الذى كان يقدم برنامجه الشهير فى ذلك الوقت بالبرنامج العام لعب دورا كبيرا فى إتمام هذا اللقاء التاريخى فى ضيافة العندليب عبدالحليم حافظ. وأرسل العندليب أتوبيسا خاصا إلى الإسكندرية وقام بالحجز لبعثة الاتحاد بأحد الفنادق الفاخرة بالقاهرة بعد انتهاء العزومة التى دامت لأكثر من 3 ساعات.
وشدد الجارم على أن الراحل عبدالحليم حافظ كان كريما للغاية حينما استضافنا بمنزله بعمارته الشهيرة خلف نادى الجزيرة وشملت مائدته كل ما لذ وطاب لدرجة أن أحد زملائنا أصابه إعياء من كثرة ما تناول من أطعمة شهية!!
ومن الطرائف أن الراحل الكبير قد استقبل ضيوف الإسكندرية بالبدلة البيضاء والتى شيرت الأخضر وفاجأ الجميع بأغنيته الشهيرة «الناجح يرفع إيده» على الرغم من حزنه لخسارة فريقه المفضل النادى الأهلى!!
ويقول الجارم وهو من مواليد أول أكتوبر لسنة 53 إن الراحل الكبير العندليب عبدالحليم حافظ منحه 100 جنيه عقب نجاحه فى تحقيق هدف الفوز وكان الفقيد قد دخل فى رهان مع طبيبه المعالج وحينما فاز الاتحاد حرص الراحل على منحى المبلغ الذى كان يمكنه حين ذاك شراء سيارة وابتسم الجارم قائلاً بأنه من المدهش أننى لم أتلق تهنئة واحدة من زملائى.
وبعدها قمت بإنفاق المبلغ كاملا بشوارع القاهرة!!
ويستطرد الجارم أنه حدث موقف لاينساه خلال تلك الزيارة التاريخية حينما تلاحظ له تردد العندليب على الجلسة بعد أن يمكث معنا لمدة ساعة ثم ينصرف ويعود مجددا بعد أن يغلق عليه الأبواب فدفعه الفضول إلى استكشاف مايدور من حوله ليتبين له أن الراحل الكبير كان يعانى المرض بشدة خلال تلك اللحظات ويخضع للإشراف المباشر لطبيبه المعالج فى حجرته الخاصة دون أن يشعر أحد من المتواجدين بمأساته. ويقول الجارم إن هذا الأمر لن ينساه طوال حياته ويدل دلالة قاطعة على ما كان يحمله هذا الإنسان من مشاعر فياضة وحب جم لمن حوله رغم الظروف القاسية التى كان يعيشها فى ذلك الوقت.
ويؤكد الجارم أن الراحل الكبير أيضا حرص عقب انتهاء الزيارة على منح كل فرد من الاتحاد السكندرى أسطوانتين لأحدث أغانيه كهدية.
وقام الراحل خلال تلك الأثناء بتوجيه سؤال مباشر لى إذا كان لى صلة قرابة بالراحل الكبير والشاعر على الجارم فأكدت له أنه جدى فقال حليم إذن ليست صدفة أنك لاعب وفنان فى الوقت ذاته.