ثورة للشباب.. أم ثورة عليهم؟!

سليمان الحكيم السبت 21-05-2016 21:52

هل سمعتم عن حسن عباس ذكى أو عزيز صدقى ومحمد صدقى سليمان وعبدالعزيز حجازى وحسين كامل بهاء الدين؟

لقد كان هؤلاء هم حديث العالم فى ستينيات القرن الماضى، حين اختارهم عبدالناصر فريقاً يخوض بهم ومعهم معارك البناء والتنمية التى بلغت أعلى معدلاتها العالمية على أيديهم بنسبة 7% حسب تقديرات الأمم المتحدة، وهى أعلى من نسبتها فى ألمانيا أو اليابان. هؤلاء هم الذين شيدوا آلاف المصانع، والمدارس، وشقوا الطرق والجسور، وامتدوا بالرقعة الزراعية إلى قلب الصحراء.

هل تعرف شيئاً عن حياة هؤلاء وكيف وصلوا إلى قمة السلطة فى بلدهم. لم يكن أحدهم قد بلغ الأربعين من عمره بعد. مع قائد شاب لم يكن هو نفسه قد بلغها. حين قاد ثورة ليحقق بها جلاء القوات البريطانية بعد سبعة عقود من الاحتلال. ويوزع الأرض على الفلاحين ويحولهم من عبيد إلى أسياد. وينشر المدارس والوحدات الصحية فى ربوع البلاد. ويجعل من العمل حقا. ومن الصحة والتعليم واجبا تلتزم به الدولة لمواطنيها. لم تكن مصر قد عرفت وزارة للصناعة قبل أن يؤسسها الشاب عزيز صدقى لينشر المصانع فى ربوع البلاد. ولم تكن قد عرفت مستشفى للأطفال قبل أن يؤسس الشاب حسين كامل بهاء الدين مستشفى أبوالريش دون طلب تبرعات أو تسول كما يحدث الآن فى مستشفى سرطان الأطفال. ويقود المهندس الشاب محمد صدقى سليمان معركة بناء السد العالى أضخم مشروع هندسى فى القرن العشرين. وحين دخلت مصر فى مفاوضات مع الإنجليز حول التعويضات التى طالبت إنجلترا بها عن خسائرها فى حرب 56.

أرسل إليهم عبدالناصر شابا دون 35 من عمره اسمه حسن عباس ذكى. ليدخل بعدها فى معركة تمصير الشركات التابعة لدول العدوان الثلاثى تعويضاً عن خسائر مصر فى الحرب. كان عبدالناصر يؤمن بأن الشباب هم ذخيرة الوطن وأعمدة نهضته.

وحين خرج هؤلاء الشباب فى مظاهرات احتجاجية عام 68 لأول مرة ضد قادة الثورة- وناصر على رأسهم- أدرك عبدالناصر أن الشباب على حق وأن القادة يسيرون فى الطريق الخطأ، فأصدر بيان 30 مارس مقراً فيه بحق الشباب فى المطالبة بالإصلاح وتعديل المسار. وقال قولته الشهيرة إن الثورة حين تصطدم بالشباب فإن ذلك يعنى أن الثورة على الخطأ والشباب على الحق. فالثورة التى تصطدم بشبابها هى ثورة مضادة لطموح الشباب وأهدافهم. وكانت منظمة الشباب هى المعمل لإعداد القادة منهم. والذين أصبحوا نجوم المجتمع فى سنواته التالية. لم يمارس عبدالناصر القمع على الشباب المحتجين.

ولم ينكل بهم أو يرميهم بخيانة الوطن والتآمر عليه. بل تجاوب معهم واستجاب لهم فكان يحرضهم على التفكير والمشاركة. ويحثهم على التفاعل والإيجابية. فعرفت مصر لأول مرة وزارة للشباب لاستيعاب طاقتهم والارتقاء بها وتوظيفها لخدمة الوطن. وكان الشاب طلعت خيرى وزيراً للشباب ومن الشباب.

الثورة الحقيقية هى ثورة للشباب وبالشباب. وبغير ذلك هى ثورة مضادة، وإن تسترت وراء الشعارات الثورية وادعت أنها تعمل لـ«مستقبل الوطن»!!