ما إن تطأ قدماك مزلقان قرية «الجلاتمة» فى «منشأة القناطر» بمحافظة 6 أكتوبر حتى تقودك فضلات الحيوانات إلى سوق الخميس المخصص لبيع اللحوم الحية من بقر وماعز وخراف، فالطريق يتحول فجأة من أسفلت إلى فضلات وسيارات نقل وملاكى، اصطفت جميعها فى انتظار شراء أضحيتها، وعلى بُعد أمتار قليلة تظهر أرض منخفضة على مستوى الشارع، تطل منها رؤوس الحيوانات بأصواتها العالية وكأنها تستغيث من الزحام، الذى جعلها تتكتل فى تلك المساحة الصغيرة، فى انتظار مشترٍ.
وبمجرد نزول السوق من بوابتها الرملية المخصصة لتسهيل حركة الحيوانات منها وإليها، تزداد الأصوات ارتفاعاً وتختلط أصوات الخراف العالية بأصوات التجار الذين ينادون على زبائنهم، وهم بطبيعة الحال مختلفون عن المترددين على أى سوق أخرى، فأغلبهم تجار أيضاً، جاءوا من المحافظات أو من القاهرة لشراء كميات من الحيوانات لبيعها فى موسم عيد الأضحى، بالإضافة إلى قليل من الزبائن أصحاب السيارات الملاكى، الذين سمعوا عن انخفاض أسعار الأضحية فجاءوا لشرائها من أصحابها دون وساطة التجار الذين يرفعون الأسعار على المعدل الطبيعى.
فى البداية، قال نادر عبدالله، مشتر: «تعودت كل عام شراء خروف العيد من السوق، لأن سعره أقل هنا من باقى الأسواق، فهنا الكيلو بـ26 جنيها وقد يصل إلى 25 مع التاجر الذى هو فى الأصل فلاح قام بتربية الحيوان بشكل جيد، بالإضافة إلى عدم وجود مجال للغش فى الوزن، لأنه يعتمد على تقدير المشترى وليس بالميزان القابل للعب من التاجر».
وأول مرحلة يقبل عليها المشترى سواء كان تاجراً أو زبوناً عادياً هى الفحص، فالجميع يفحصون الحيوانات من أسنانها ثم يحملونها بين أياديهم للتعرف على وزينها ثم يضعون أياديهم على بطنها.. خطوات يفعلها كل مشتر.. وقال إبراهيم محمد حسن «بائع»: «لازم كل واحد يكشف على الخروف أو البقرة أو المعزة اللى بياخدها، والأسنان هى أهم حاجة لأنها تعبر عن سن الحيوان، فمثلاً الخروف «الكاسر سنتين» هو الأفضل للبيع، أما «ذو الأسنان اللبنية» فهو صغير فى السن، وغالباً ما يشتريه أصحاب محال الكباب، وكله فى النهاية الكيلو بـ27 جنيها، أى أكثر من سعره فى الأيام العادية بجنيه واحد بس».
أسفل إحدى الخيام، تجمع عدد من الخراف ووقف صاحبها يضع لها الطعام، وقال محمود حسين، تاجر، إنه يضع لها العلف العادى من التبن والردة والذرة، ولا يغش فى طعامها ليزداد وزنها كما يفعل بعض التجار. وعن اختلاف السوق عن السوق العادية قال «الاختلاف فى السحب بس، الوقت ده بيكون فيه سحب كتير من الناس، والسعر يزيد جنيه أو اتنين على كل كيلو، وبالتالى كل واحد بيجيب أكبر عدد من الحيوانات اللى عنده ليبيعها»،.وعن النصائح التى لابد أن يعرفها المشترى، قال أشرف مراد، تاجر: «اللى شارب ميه معروف، والكويس بيبان عليه، فالخروف أو المعزة اللى ضهرها مغطى باللحم تعرف أن تغذيتها سليمة، والحيوان الفلاحى أفضل دائماً من المزارع الإفرنجى، وكلما كان دهنه خفيف وأفخاده ثقيلة فهو جيد، أما الخروف أبوقرون فهو أفضل من غيره واللى قرنه مكسور مش كويس، وإياكم من الخروف المغسول، لازم يكون على طبيعته من عند الفلاحين، لكن المغسول معيوب، والخروف اللى ضهره فاضى من اللحم تكون عظامه كتيرة، ولازم يكون مر عليه سنة، كما أن هناك بعض التجار الذين يضعون للحيوان ملحاً فى الطعام ليشرب مياه كثيرة ليزيد وزنه وهو غير مستحب ويظهر من كبر حجم بطنه».
وحول البقر والجاموس، قال علاء محيسن، تاجر: «الناس بتفضل اللحم البقرى الكيلو بـ26 جنيها، أما الفريزى، أى الهجين إسبانى، فهو أرخص فى السعر لأنه موجود بكثرة فى السوق، لكن فى النهاية كل ما نقوم به بعد عودتنا إلى القاهرة بالماشية هو زيادة جنيها أو 2 على كل كيلو فقط، وكأنها مصاريف النقل وهامش ربحى بسيط».
الجمال لم يكن لها نصيب كبير فى السوق، لأنها لم تتعد تاجرا واحدا وقف بجماله الثلاثة فى انتظار مشتر، وقال نجيب عبدالرحمن، تاجر: «الموسم ده للخراف والبقر والجاموس، ورغم أن اللحم الجملى حلو وله تمنه لكن الإقبال عليه بسيط».
وطالب هانى محمد، تاجر من محافظة 6 أكتوبر، بضرورة توسيع السوق لأن المساحة المقامة عليها غير كافية وحولها أراض فضاء كثيرة، حتى لا تحدث مشادات بين التجار، مثلما تحدث بكثرة طوال فترة السوق.