افتتاح مجلس شورى النواب يوم عيد ميلاد الخديو

كتب: ماهر حسن الجمعة 12-11-2010 16:12


كان افتتاح مجلس شورى النواب يوم الأحد 25 نوفمبر 1866 إذ اجتمع بمكان انعقاده بالقلعة، برئاسة إسماعيل راغب باشا الذى عين رئيساً للمجلس فى دورة انعقاده الأولى. وحضر الخديو حفلة الافتتاح، يصحبه من أركان حكومته شريف باشا (الوزير المشهور) وزير الداخلية، وحافظ باشا وزير المالية، وعبدالله باشا عزت رئيس مجلس الأحكام، وإسماعيل باشا صديق مفتش الأقاليم، ورياض باشا المهدار (حامل الختم) وأحمد خيرى بك كاتب الخديو. وألقى الخديو خطبة العرش التى كانت تسمى مقالة الافتتاح، وهذا نصها:


من المعلوم أن جدى المرحوم حين تولى مصر وجدها خالية من آثار العمار، ووجد أهلها مسلوبى الأمن والراحة، فصرف الهمم العالية لتأمين الأهالى وتمدين البلاد بإيجاد الأسباب والوسائل اللازمة إلى ذلك، حين وفقه الله تعالى لما أراده من تأسيس معمارية الأقطار المصرية، وكان والدى عوناً له ونصيراً فى حياته، فلما آلت إليه الحكومة المصرية، اقتفى أثر أبيه فى إتمام تلك المساعى الجليلة، بكمال الجد والاجتهاد، فلو ساعده عمره لكملها على أحسن نظام، ثم انقلبت أحوال مصر بعدهما إلى أن قدر الله تعالى تسليم زمام إدارة حكومتها إلى يدى، ومن حين تسلمته حتى الآن رأيتم دوام سعيى واجتهادى فى إكمال ما شرعاه من المقاصد الخيرية، بتكثير أسباب المعمارية والمدنية، وأعاننى الله على ذلك، وكثيراً ما كان يخطر ببالى إيجاد مجلس شورى النواب، لأنه من القضايا المسلمة التى لا ينكر نفعها ومزاياها، وأن يكون الأمر شورى بين الراعى والرعية، كما هو مرعى فى أكثر الجهات، ويكفينا كون الشارع حث عليه بقوله تعالى «وشاورهم فى الأمر» وبقوله تعالى «وأمرهم شورى بينهم» فلذا استنسبت افتتاح ذلك المجلس بمصر، تتذاكر فيه المنافع الداخلية وتبدى به الآراء السديدة، ويكون أعضاؤه من منتخبى الأهالى، ينعقد فى مصر كل سنة مدة شهرين، وهو هذا المجلس المقدر بعناية المولى فتحه فى اليوم المبارك على يدنا، الذى أنتم فيه أعضاء منتخبون من طرف الأهالى، وإنى أشكر الله على ما وفقنى لهذا الأمر المبرور، وواثق من فطانتكم بحصول النتيجة الحسنة من حسن المداولة فى المنافع الداخلية الوطنية، وفقنا الله تعالى لما فيه منفعة للجمهور، وعلى الله الاعتماد فى كل الأمور». هذه كانت خطبة الخديو فى الافتتاح، وهى من الوثائق المهمة فى تاريخ الحياة النيابية فى مصر، وهى فى مجموعها سديدة المعانى، وجيزة العبارة، وأهم ما فيها أنها قررت قاعدة الشورى فى نظام الحكم، واستندت فى تقريرها إلى القرآن الكريم، مما يجعلها قاعدة لا محيص عنها، ويثبتها فى نفوس الشعب، وفيها تمجيد لنظام الشورى وإشادة بمزاياه ومنافعه، وإعلان بأن الغاية من الحكم هى منفعة الجمهور، فورود هذه المبادئ المهمة فى خطبة الخديو هو خير دعاية لها وإعلان عنها.


ولأن يوم افتتاح المجلس وافق عيد ميلاد الخديو إسماعيل، فقد أعلن رئيس المجلس أن هذا اليوم عيد يجب عدم الاشتغال فيه، فوافق الأعضاء على ذلك، ثم انتخبوا من بينهم لجنة تتولى تقديم الجواب على خطبة العرش، فتألفت من عشرة أعضاء، وهم أترابى بك أبوالعز، هلال بك، محمدأفندى عفيفى، محمد أفندى شعير، الشيخ محمد الصيرفى، سليمان أفندى عبدالعال، إبراهيم الشريعى، عمر أفندى أبو يحيى، حسن أفندى شعراوى، الشيخ سيد أحمد، وفى اليوم التالى 26 نوفمبر ذهب رئيس المجلس ومعه أعضاء اللجنة إلى السراى الخديوية بملابسهم الرسمية، وقدموا إلى الخديو جواب المجلس على الخطبة.