استقبلت الأسرة الصحفية والإعلامية موافقة مجلس الوزراء على مشروع القانون الموحد للصحافة والإعلام باعتباره انتصاراً لإرادتها ويلبى احتياجاتها، بل وصفته اللجنة الوطنية للتشريعات الإعلامية بأنه فخر لأى صحفى أو إعلامى، وهو كذلك بالفعل، فمن ناحية كسبنا توحيد كل ما يخص الحقل الإعلامى والصحفى الورقى والإلكترونى فى قانون واحد، ومن ناحية أخرى إلغاء قوانين تجاوزها الزمن بآلاف السنوات الضوئية ومازالت تحكمنا، ومن ناحية ثالثة حقق انتصارات مادية ومعنوية عديدة لنا نحن معشر الصحفيين، لكن لى بعض التساؤلات على مشروع القانون أتمنى أن أجد لها إجابة، سواء أثناء مراجعته فى مجلس الدولة، أو مناقشته فى مجلس النواب.
أول هذه التساؤلات: هل سيتعرض القانون لإجراء أى تعديلات عليه، وتحديداً التعديلات السلبية، عند مناقشته فى مجلس النواب، خاصة أنه يتطلب موافقة ثلثى أعضاء المجلس لتمريره، أى نحو 400 صوت، لأنه أحد القوانين المكملة فى الدستور، وفى ظل حالة الانقسام بين أعضائه حول أزمة نقابة الصحفيين، لدرجة أن إحدى النائبات قالت بالنص: «الصحفيين عايزين الدبح»؟
سؤال آخر يتعلق بأن مشروع القانون لم يتعرض بأى لفظ للجمع بين العمل الصحفى والعمل الإعلامى، والواقع يشهد وجود عشرات المذيعين هم صحفيون فى الأصل، كذلك كل معدى البرامج صحفيون ربما دون استثناء، فكيف يمكن حل هذه المعضلة، خاصة أن المشروع يلزم الصحفيين والإعلاميين بتوفيق أوضاعهم خلال سنة من صدور اللائحة التنفيذية للقانون، فهل ستقبل نقابة الإعلاميين قيد المذيعين الصحفيين ومعدى البرامج، رغم أن قانون النقابات يحظر الجمع بين نقابتين مهنيتين، أم ستعيدهم إلى نقابتهم الأصلية، وفى هذه الحالة هل سيواصلون العمل بطريقة غير شرعية؟
المشروع نص على التزام الدولة بضمان حرية الصحافة والإعلام والطباعة والنشر الورقى والمسموع والمرئى والإلكترونى، وهو أمر يمثل للصحفيين ما يمثله انتصار أكتوبر لمصر، كما نص على أن الصحفيين والإعلاميين مستقلون ولا سلطان عليهم فى أداء عملهم، ولا يجوز الحبس الاحتياطى، فهل تنهى هذه الامتيازات الخلافات بين الإعلام والدولة، وأزمة نقابة الصحفيين ليست بعيدة، وهل سيواصل الإعلاميون غير الملتزمين بقواعد المهنة أخطاءهم طالما أن هناك حرية ولا يوجد حبس، وبالتالى تستمر الفوضى الإعلامية، وهل ستظل القنوات الخاصة تابعة لوزارة الاستثمار باعتبار أن الهيئة الوطنية للإعلام ستكون مسؤولة عن تليفزيون وإذاعات الدولة، ونفس الأمر بالنسبة للصحف الخاصة، ومن سيكون مسؤولاً عنها وعن مراقبتها وحل مشكلاتها، فى ظل أن الهيئة الوطنية للصحافة ستكون مسؤولة عن الصحف الحكومية فقط، وكيف سيتم تحديد، ومن الذى سيحدد، المواد التى تتعرض للأديان والتى تؤدى لتكدير السلم والأمن العام، وهى كلمات مطاطة تخضع لتفسير من يستخدمها، فهل سيتم وضع تعريفات دقيقة لها حتى لا يحدث ما حدث فى قانون الإرهاب مثلاً؟
بالنسبة لرأس المال اللازم لتأسيس وسيلة إعلامية، حدد مشروع القانون 3 ملايين جنيه للصحيفة اليومية، و25 مليون جنيه للقناة الفضائية، ونصف مليون للموقع أو القناة أو الإذاعة الإلكترونية، ألا تعتبر هذه الأرقام تضييقاً بشكل ما على الإعلام، خاصة الرقمى، وما مصير ملايين المواقع الإلكترونية القائمة، وكيف يمكن محاسبتها فى ظل رفض نقابة الصحفيين قيد العاملين بها، هل تهدف الدولة بهذا البند إلى محاصرتها كخطوة نحو إغلاقها، ولماذا لم يتناول المشروع بأى شكل مواقع التواصل، وهى إحدى أبرز وأكبر مشكلات المهنة؟
هوامش:
هل ستُقدم روسيا وبريطانيا وألمانيا وبلجيكا وهولندا على تعليق رحلاتها إلى فرنسا بعد حادث الطائرة المصرية؟