الإعلام الإسرائيلى: «نتنياهو» و«هرتزوج» يعتزمان لقاء «السيسى»

كتب: محمد البحيري, غادة غالب الأربعاء 18-05-2016 22:58

توالت ردود الفعل داخل الأوساط السياسية الإسرائيلية على تصريحات الرئيس عبدالفتاح السيسى بشأن تحريك عملية السلام الفلسطينية- الإسرائيلية، واستعداده للوساطة للوصول إلى اتفاق سلام، وسط تسريبات بأن رئيس الوزراء الإسرائيلى وزعيم حزب العمل المعارض، إسحق هرتزوج، سيزوران مصر لبحث أفق السلام مع «السيسى»، بالتزامن مع محاولات نتنياهو لتشكيل حكومة ائتلافية تضم هرتزوج الذى يؤيد «حل الدولتين».

وكشفت القناة العاشرة بالتليفزيون الإسرائيلى عن مبادرة جديدة لاستئناف عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، تتضمن سفر نتنياهو وهرتزوج إلى القاهرة للاجتماع بالرئيس المصرى، بحضور الرئيس الفلسطينى محمود عباس، وإصدار بيان بالإعلان عن استئناف عملية السلام. وذكرت القناة الأولى فى التليفزيون الإسرائيلى أن تل أبيب تولى اهتماما بالغا بتصريحات السيسى حول ضرورة استئناف محادثات السلام.

وزعمت صحيفة «معاريف»، الإسرائيلية، أن مصر منزعجة من إقدام الرئيس الفلسطينى، فى نهاية مسيرته السياسية، على اتخاذ خطوات أحادية الجانب، مثل التوجه إلى مجلس الأمن للمطالبة بالإعلان عن إنهاء الاحتلال، أو إقامة دعوى قضائية ضد الحكومة الإسرائيلية أمام المحكمة الجنائية الدولية، بتهمة ارتكاب جرائم حرب ضد الشعب الفلسطينى. وأوضحت الصحيفة أن خطوات كهذه قد تثير غضب إسرائيل على «أبومازن»، بما يشعل أعمال عنف واسعة فى الضفة، قد تمتد إلى قطاع غزة، ومنه إلى سيناء.

وقالت إن الرئيس المصرى بادر إلى إيقاظ إسرائيل من غفلتها، عبر تصريحاته التى أراد منها أن يقول لإسرائيل إن استئناف عملية السلام، سواء بمبادرة من الداخل أو بضغوط من الخارج، سيكون بمثابة الدواء المسكن الذى يهدئ الجميع. وأضافت أن السيسى أراد أن يحذر من أن غياب أو فقدان مستقبل متفائل قد يدفع الجماهير إلى البحث عن خلاصها فى آفاق أخرى «غير التفاوض السلمى».

وقال الكاتب الصحفى الإسرائيلى، يونا بن مناحم، إن خطاب السيسى «المفاجئ» لم يكن يستهدف دفع حزب العمل الإسرائيلى للدخول فى ائتلاف حكومة نتنياهو فقط، وإنما لتحقيق عدة مصالح لمصر. وأكد أن السيسى رغم تصريحاته عن السلام لن يتنازل أبدا عن إقامة دولة فلسطينية مستقلة تكون عاصمتها القدس. ووصف توقيت الخطاب بأنه مهم، لأنه يأتى بعد أكثر من شهر من زيارة قام بها وفد «حماس» لمصر، بهدف التصالح.

ولفت إلى أن هذه هى المرة الأولى التى يتحدث فيها السيسى علنا، منذ توليه السلطة، عن رغبة مصر فى القيام بدور مركزى بكل ما يتعلق بالعملية السياسية بين الفلسطينيين وإسرائيل، بعد أن ابتعدت القاهرة عن القضية الفلسطينية بسبب الاضطرابات السياسية الداخلية، وأوضح أن السيسى يريد استعادة مكانة مصر الإقليمية وتأثيرها فى ملفات ليبيا وسوريا واليمن. وقال مناحم إن «السيسى يرى أن مصر ستقود ملف إقامة الدولة الفلسطينية وإنهاء الصراع الفلسطينى- الإسرائيلى كإحدى بوابات استعادة مصر عهدها الذهبى فى الشرق الأوسط».

وقال الكاتب الإسرائيلى بن كاسبيت، فى صحيفة «معاريف»، إن الرئيس المصرى بات يحظى بشعبية بين الإسرائيليين على غرار الرئيس الأمريكى الأسبق بيل كلينتون. وتوقع أن يستفيد نتنياهو وهرتزوج من خطاب السيسى فى الانضمام إلى الائتلاف الحكومى، وأن يتولى هرتزوج حقيبة الخارجية.

وكشف بن كاسبيت عن اقتناع فرنسا بتأجيل مؤتمر السلام الذى كانت تدعو إليه، إلى الصيف، وارتباط ذلك بوجود تحركات «درامية» خلف الستار، تقودها مصر والأردن والدول العربية السُّنية المعتدلة لبلورة صفقة تتضمن استئناف المفاوضات بين الفلسطينيين وإسرائيل، وصيغة لوقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل وتهدئة ميدانية.

وأشار بن كاسبيت إلى توقعات بأن خطاب السيسى سيتكلل باجتماع نتنياهو وهرتزوج فى القاهرة، مع استدعاء «أبومازن» للانضمام، وصدور إعلان باستئناف المفاوضات السياسية التى سيكون هرتزوج مسؤولا عن ملفها.

وشنت صحيفة «يسرائيل هايوم» هجوما على اليسار وأحزابه، وقالت إنها تكره نتنياهو أكثر من حبها للسلام.

وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن حالة من «الذهول الإيجابى» تسود فى أوساط اليمين الإسرائيلى بعد تصريحات السيسى، وتوقف عدد كبير من المعلقين عند إعلان السيسى التزامه بتوفير «ضمانات» لتكون إسرائيل آمنة، معتبرين أن «الضمانات الأمنية» التى يشترطها نتنياهو تجعل من المستحيل التوصل لتسوية سياسية. فى الوقت الذى رأت فيه المعارضة الإسرائيلية دعوة السيسى بمثابة طوق النجاة الذى يحتاجه هرتزوج لتبرير انضمامه لحكومة نتنياهو.

وذكر موقع «إسرائيل ناشيونال نيوز»، الإسرائيلى، أنه فى ظل تنامى المعارضة فى المجتمع المصرى تجاه إقامة علاقات مع إسرائيل، والتى تجلت فى حملة جديدة بالقاهرة لمقاطعة تل أبيب، أشاد الرئيس السيسى بمعاهدة السلام وأنها كتبت فصلا جديدا فى تاريخ المنطقة.

ورأت «جيروزاليم بوست» أنه، وفى إشارة إلى الحاجة الماسة لحلحلة الصراع، طالب السيسى تل أبيب بالسماح بإذاعة خطابه، معتبرة أن تعليقات السيسى تبدو أحدث محاولة لإحياء السلام بعد تأجيل فرنسا مؤتمر السلام. وذكر موقع «يديعوت أحرونوت»، الإسرائيلى، أن القناة الثانية علقت على خطاب السيسى ووصفته بأنه «رسالة سلام وأخوة من الرئيس المصرى»، وأنه «غير مسبوق»، وأضافت أن الرئيس المصرى «اختار بث رسالة أمل وتفاؤل، وانتقد من يعتقد أن معاهدة السلام بين الدولتين هى سلام بارد».

فى المقابل، أحدثت تصريحات السيسى حالة من «البلبلة» فى صفوف حزب العمل، الذى يصارع لمنع زعيمه من الانضمام لحكومة نتنياهو، واتهم أقطاب الحزب، من بينهم زعيمته السابقة شيلى يحيموفيتش، الرئيس المصرى بـ«التآمر» مع نتنياهو وهرتزوج، وتنسيق خطابه الأخير ليخدم الطرفين بتشكيل حكومة ائتلافية على حساب مبادئ حزب العمل. فيما نفى مصدر إسرائيلى أن تكون تصريحات السيسى تم تنسيقها مسبقا مع نتنياهو وهرتزوج. وقالت عضو الكنيست، كسينيا سفيتلوفا، من حزب الاتحاد الصهيونى: «ليست هذه المرة الأولى التى يبعث فيها الرئيس المصرى رسائل شديدة الأهمية، من المؤسف أن مثل هذه الرسائل تلقى آذاناً صماء، مثلما حدث عام 2012 عندما طرح العاهل السعودى الراحل عبدالله بن عبدالعزيز مبادرة السلام العربية».

وقالت صحيفة «هاآرتس»، اليسارية، إن نتنياهو لايزال على رفضه لمطالب هرتزوج بأن يدرج فى إطار اتفاق حكومى تعهد بالسعى إلى «حل الدولتين» ونوع من تجميد الاستيطان خارج مجمعات الاستيطان الكبرى القائمة.