منذ فترة زمنية قصيرة صّدرت جريدة الأخبار صفحتها الأولى، بخبر زيادة أسعار المياه للمرة الثالثة وتحويل نظام الدفع الى النظام الشهري، سبق ذلك رفع أسعار الكهرباء والغاز والبنزين وكل الأطعمة والخضروات بنسب تراوحت بين 50 % الى 100% خلال السنوات الثلاث الأخيرة، وسط غياب وقل إن شئت نوم عميق للحكومة، فلا إجراء ولا قرار حقيقيا يحارب جشع التجار أو غلاء الأسعار.
بالمناسبة المياه ليست من عرق الحكومة حتى يرفعوا أسعارها، بل هي تجري بأمر الله، وكل مايفعلوه هو تطهيرها بكلور وشبة ببلاش أو بأسعار رمزية، ولم نسمع عن تطوير مرفق مياه الشرب ولا محطات المياه، بل على العكس، اللهم إلا إذا كانت الحكومة غير المشكورة تريد أن تجعل الشعب يحاسب على سفريات وزيري الخارجية والري الفاشلة الى إثيوبيا.
هنا ينبغي لأنفسنا أن نعقد مقارنة منصفة، بين مبارك في أواخر سنوات حكمه وبين ما نحياه الآن: في عهد مبارك كانت فاتورة المياه تدفع كل 3 شهور وبمبلغ لا يتعدى 10 جنيهات، الآن المياه تصل الى نحو 70 جنيها الى 100 جنيه كل شهر، أنبوبة البوتجاز في عهد مبارك كان سعرها 3.5 جنيها وكان تصل للمنزل وتركب بــ5 جنيهات وده لو أنت "فييس" يعني، الآن الأنبوبة بـ15 جنيها وتصل إليك بما لا يقل عن 20 جنيها.
لن نتحدث عن الدولار، لكن البنزين والكهرباء وكل الأطعمة واللحوم والخضروات.. ولاحظ أن كل لفظ يفيد العموم كل يعني كل، كانت الأسعار تقل عن الموجودة حاليا بما لا يقل عن 80 %على الأقل، يكفي أن أدلل لك بسعر كيلو فاكهة بـ3 جنيهات في عهد مبارك الآن سعره 7 و8 جنيه.
أسمع في زواية الفلاحيس المتاعيس من يقول: لكن عهد مبارك كان عهد" الرشوة والفساد والوساطة والقبضة الأمنية" طبعا لو كان يرى، لعلم أن هذا لم ينته بل هو في ازدياد وهذا لعمرك يعرفه كل العباد، لكن قل إن شئت: في عهد مبارك كان عمرو سليم رسام الكاريكاتير يرسم "قفا" مبارك ساخرا منه ومن أبنائه، وكان عبدالحليم قنديل يسب مبارك وأسرته ليلا ونهارا ولكم في كتبه خير دليل، سمح مبارك بمساحة كبيرة من النقد بل والنقد اللاذع، ولك أن تتخيل لو تجرأ أحد على الحكومة الحالية بربع ماكان يوجه لمبارك ونظامه.
في عهد مبارك كان الجميع يتعايش، السلفيين بقنواتهم الدينية كانت بتصريح من نظام مبارك، ولم تغلق قناة واحدة أو يمنع برنامج واحد، فضلا عن الإخوان الذين كانوا حملا وديعا بحبل طويل في يد الداخلية، واليسارين كانوا على مقاهيهم أو يحاولون تسلق دهاليز مظلمة للوصول الى وظيفة صحفي.
أنا متيقن تماما، أن السيسي رئيس جيد له نوايا طيبة ويريد إصلاح عقودا من الفساد، لكنه الى الآن لم يتخذ قرارا واحدا يصب في مصلحة الغلابة والمساكين، لم تنخفض أسعار سلعة واحدة بل تزداد، لم نرى منه إلا تحسين أوضاع الجيش والشرطة والقضاء أكثر من حسنها القديم، لم يقنن المحسوبيات والطبقية المجتمعية بل تزداد الهوة بين الشعب ولكم في تصريحات "محفوظ والزند" وزيري العدل السابقين خير مثال لمن أراد طيب المقال.. مبارك لم يكن سيئا بالدرجة التي تشاع.. والسيسي ليس جيدا حتى الآن بما يكفي كما يذاع.
ورحم الله الشيخ كشك حينما وقف على المنبر وقال يا وزير التموين بأي وجه تلقى الله؟ كيلو اللحمة بسبعين صاغ!
أنا ايضا أقول لرئيس الحكومة بأي وجه تلقى الله كيلو اللحمة بــ 85 جنيها، ورمضان على الأبواب ولم نر منكم أي إجراءات أو قرارات للحد من ارتفاع الأسعار الذي قارب أن يلتهم هدوم الشعب.
وأخيرا، يجب أن يفهم كل منصف أن خدمة البسطاء والمساكين والوقوف معهم ضد تسلط وزير جاهل أو مسؤول فاشل هو واجب وشرف.