معركة الرئاسة الأمريكية لم تُحسم بعد

منار الشوربجي الثلاثاء 17-05-2016 21:26

يبدو حتى الآن أن هيلارى كلينتون هى التى ستنافس دونالد ترامب، لكن هذا ليس مؤكداً، مثلما تظل نتائج المنافسة بين ترامب وكلينتون مفتوحة على كل الاحتمالات. فبرنى ساندرز لا يزال فى حلبة المنافسة، ولا يزال بإمكانه الفوز فى عدد من الولايات. لكن ما يبدو محسوماً لصالح كلينتون الآن هو أصوات ما يسمى «المندوبين فوق العادة» أو «السوبر». فالهامش بين كلينتون وساندرز حتى الآن يسمح لساندرز بأن يظل منافساً قوياً. لأن أصوات الناخبين تترجم فى كل ولاية لعدد من المندوبين سيحضرون المؤتمر العام. وأصوات هؤلاء المندوبين «العاديين» مرتبطة بالتصويت الشعبى. لكن ما يجعل كلينتون متقدمة كثيراً عن ساندرز هو حكاية المندوبين «السوبر» تلك. فالمندوبون «السوبر» فكرة اخترعها الحزب الديمقراطى لوضع قيد على التصويت الشعبى إذا ما كان المرشح الفائز لا يعجب قيادات الحزب. فـ«السوبر» لا يأتون عبر التصويت الشعبى، كباقى المندوبين، وإنما هم كل قيادات الحزب المنتخبة وموزه المهمة، الذين يحضرون المؤتمر العام بصفتهم تلك ولهم حق التصويت. وهؤلاء يمثلون 20% من إجمالى عدد المندوبين للمؤتمر العام. وقد أعلن أكثر من 500 منهم التزامهم بالتصويت لكلينتون مقابل 39 فقط حتى الآن لساندرز، الأمر الذى حسم المعركة لصالح كلينتون. لكن هؤلاء قد يغيرون التزامهم هذا لو أن كلينتون اتهمت قانونياً فى أى من الموضوعات المثارة حولها. أما سيطرة ترامب فعلياً على ترشيح الحزب فقد جعلت مجموعة معتبرة من قيادات الحزب الجمهورى وقوى تمويله المؤثرة تسعى للدفع بمرشح جمهورى محافظ للمنافسة على الرئاسة كـ«مستقل». ورغم أن تلك مهمة بالغة الصعوبة فإنها لو نجحت فستغير تماماً مجريات الحملة الرئاسية بل التشريعية، وستكون بالمناسبة بمثابة إعلان وفاة للحزب الجمهورى.

لكن حتى إذا انتهى الأمر بمنافسة ثنائية بين كلينتون وترامب، تظل النتيجة مفتوحة بسبب حسابات المجمع الانتخابى الذى يُختار بموجبه الرئيس الأمريكى. وطبيعة المجمع الانتخابى، المنصوص عليه فى الدستور الأمريكى، لها تداعيات سياسية كبيرة على نتيجة الانتخابات بغض النظر عن الفائز بالأصوات الشعبية. فكل ولاية لها فى هذا المجمع عدد يماثل عدد أعضائها فى مجلسى النواب والشيوخ. والمرشح الذى يحصل على نسبة أعلى، وليس بالضرورة الأغلبية، من أصوات الناخبين فى الولاية يحصل على كل أصوات الولاية فى المجمع الانتخابى. معنى ذلك أن المرشح صاحب الأصوات الأعلى قد يفوز بكل أصوات الولاية فى المجمع الانتخابى حتى لو كان الفارق بينه وبين منافسه 1% فقط من أصوات الناخبين. ولأن هيلارى كلينتون حتى الآن تعانى ضعفاً كبيراً فى دعم الشباب لها، بمن فيهم الشباب من القطاعات الأكثر تأييداً لها، أى المرأة والأقليات- فإن السؤال ليس ما إذا كان ترامب قادراً على سحب الأصوات من كلينتون وإنما هو ما إذا كانت القطاعات الرافضة له ستذهب أصلاً لصناديق الاقتراع لاختيار كلينتون بدلاً منه. فهيلارى كلينتون لا تحظى بثقة قطاعات واسعة من ناخبى حزبها الذين يعتبرونها تعكس خيارات وول ستريت النيوليبرالية، وتجسد الطابع الإمبراطورى العسكرى للسياسة الخارجية الأمريكية. وفى تلك المنافسة الثنائية، يكون الأمريكيون إزاء بديلين، كلاهما له تبعاته: دونالد ترامب الذى كشف عن مواقف فاشية بامتياز، وهيلارى كلينتون المشهورة بتغيير مواقفها السياسية. انظر، كمجرد مثال، لموقفها من إسرائيل. فالمواقف التى تبنتها كعضوة بمجلس الشيوخ تختلف عنها كوزيرة للخارجية وتختلف بوضوح عن تلك التى تبنتها فى الحملة الحالية. فماذا ستكون يا ترى مواقف الرئيسة هيلارى كلينتون؟!

gailane.gabr@ yahoo.com