من فضلِك.. لا تَقُلْ: «إن الفلسطينيين قد باعوا أرضهم لليهود». وإذا كنتَ قد قلتَ ذلكَ من قبل.. من فضلِك.. لا تَقُلْ ذلك.. مرةً أخرى.
( 1 )
في ذكرى النكبة.. تتجدد هذه المقولة الزائفة.. ويتنطّع البعضُ مرتديًا ثوب الاطّلاع والمعرفة.. ليقول في استعلاءٍ فارغ: ماذا نفعل لهم.. لقد باعوا أرضهم لليهود؟.
قولاً واحدًا.. لم يقم الفلسطينيون ببيْع أرضهم لليهود.. ولكن اليهود هم الذين سلبوا الفلسطينيين أرضَهم وديارهم.. وسرقوا منهم الحياةَ والوطن.
( 2 )
إنّهُ لأمرٌ مذهلٌ حقًا.. أن تنجحَ الدعايةُ الصهيونيةُ إلى هذا الحدّ.. وأن يعتقد كثيرون.. منهم ساسةٌ وإعلاميّون.. أن الشعب قد باعَ.. لا أن العدوّ قد سرقَ.
ومن المذهلِ أيضًا.. ألا ينجحَ الإعلام العربى في توضيح الحقيقة للعرب.. فضلاً عن فشله في توضيحها للعالم: أَنَّ إسرائيل قتلتْ وطردتْ.. من أجل إقامة دولة ظالمة على أرضٍ مسلوبة.
( 3 )
ثمّة كتب وأبحاث عديدة.. تشرح حقائق ما جرى.. وأبرز هذه الحقائق أن نسبة الذين باعوا أرضهم لليهود أقل من (1%) من الفلسطينيين.. وأن نسبة ما حصل عليه اليهود من الأرض- بكل الوسائل- كان يعادل ( 8%) فقط من مساحة فلسطين قبل حرب 1948.. وكانت نسبة (92%) من إجمالى أراضى فلسطين ملكًا للفلسطينيين.
( 4 )
إذا كانت نسبة الذين باعوا أرضهم لليهود (8%).. يمثل الفلسطينيون منهم أقل من (1%).. فمن هم الـ(7%) الآخرون الذين باعوا أرضهم لليهود؟.
تقول الحقائق.. إن جزءًا من هذه الأرض لم يكن بيعًا وشراءً، وإنما كان منحةً من الاستعمار البريطانى لليهود.. وقد كان أول مندوب سامى بريطانى في فلسطين يهوديًا صهيونيًا متعصبًا.. وقام، هو ومن جاء بعده.. بمنح الأراضى لليهود.. دون مقابل.
إن نسبة أخرى من الـ(7%) كانت لعائلات إقطاعية لبنانية وسورية.. منعتها سلطات الاحتلال البريطانى من الذهاب إلى أراضيها.. وذلك بعد تقسيم المنطقة بموجب اتفاق «سايكس- بيكو» إلى فلسطين ولبنان وسوريا.. ولمّا لمْ يتمكن هؤلاء الإقطاعيون من الوصول إلى أراضيهم.. قاموا ببيعها بناء على مؤامرة استعمارية بريطانية.
كما أن نسبةً ثالثة من الـ(7%) كانتْ لعائلات إقطاعية سعودية ولبنانية.. باعتها تحت إغراء المال وارتفاع الثمن.
( 5 )
لم يكنْ هناك فلسطينى واحد إذن من بين الـ(7%).. وكل الفلسطينيين الذين باعوا.. تحت التخويف والإرهاب كانوا أقل من (1%).
ومن المثير هنا.. أن الحركة الوطنية الفلسطينية قد قامت بتعقُّب ومطاردة واغتيال نسبة الـ(1%) الذين باعوا أراضيهم من الفلسطينيين.. وقد تم اغتيال أغلبهم بالفعل.
( 6 )
وهكذا، فإن أكثر من (99%) من الفلسطينيين لم يبيعوا شبرًا واحدًا من الأرض.. بل كانوا أبطالاً عِظامًا في مواجهة أسوأ احتلال على مَرِّ التاريخ.
في ذكرى النكبة.. نتذكر بطولة هذا الشعب العظيم الذي ضَرَبَ نموذجًا نادرًا في الكفاح والنضال.. وفى القدرة على مواجهة العالم.. من أجل قيمةٍ عظمى.. اسمها «الوطن».
حفظ الله الجيش.. حفظ الله مصر