حين قام المهندس محمد عبدالظاهر، محافظ الإسكندرية، أمس الأول، بتكريم نور الشربينى، بطلة العالم للإسكواش.. وأهداها درع المحافظة وقدم الشكر والتقدير نيابة عن الحكومة المصرية وكل الإسكندرية لابنه الإسكندرية التي أصبحت بطلة العالم.
لم يتوقع الرجل هذا الذي جرى بعد ذلك.. ففى غمرة حماسته أثناء التكريم قال محافظ الإسكندرية إنه سيعتبر نور الشربينى منذ هذه اللحظة مستشارة رياضية للمحافظة وكل ما تراه وتطرحه من أفكار ورؤى اقتراحات سيصبح موضع الاهتمام والتنفيذ.
كان محمد عبدالظاهر كعادة معظم المسؤولين المصريين هذه الأيام يتحدث باندفاع وعفوية، ناسيا أن قواعد وحسابات مجتمعنا وزمننا الحالى لم تعد تسمح بذلك.. ولم يعد معظم إعلامنا اليوم يلتزم بمشقة الصدق وتحرى الحقيقة قبل الخروج بالكلام للناس.. وهناك السوشيال ميديا وأفواهها المتوحشة والمتعطشة طول الوقت لافتراس أي حكاية أو خبر بالصراخ والتعليق والتهكم والسخرية.
وكانت النتيجة أن تحولت عبارات الود والمجاملة التي قالها محافظ الإسكندرية إلى خبر تناقله وتداوله الجميع يفيد قرار المحافظ تعيين نور الشربينى رسميا مستشارا رياضيا من الدرجة الأولى للمحافظة.. وكانت هناك وسائل إعلامية أخرى لم ترضها أو تعجبها حكاية المستشار الأول فقررت التطوع بخبر آخر رأت أنه أجمل وأهم وأكثر إثارة فكان الخبر الجديد هو تعيين نور الشربينى نائبة لمحافظ الإسكندرية.
وكان هذا بالضبط ما تنتظره السوشيال ميديا لتطمئن على وجبتها اليومية الجديدة وتبدأ التعليقات والسخرية والهجوم أيضا.. وكانت هناك في الناحية الأخرى من أسعدهم هذا القرار ورأوا فيه التكريم اللائق لفتاة سكندرية صغيرة وجميلة وعنيدة أيضا نجحت في الوصول بإصرارها وتعبها وتضحياتها إلى قمة الإسكواش في العالم.. وكعادتنا هذه الأيام.
تحول الحدث الواحد إلى جبهتين بينهما جبل الخلافات والصدام والتناقضات.. الذين رأوا في هذا التعيين فضيحة إدارية وفكرية تتمثل في تعيين فتاة لم تتجاوز التاسعة عشرة من عمرها وبلا أي تجارب أو خبرات إدارية نائبة لمحافظة ضخمة مثل الإسكندرية.. والذين رأوا أن هذا هو الصواب وإتاحة الفرصة للشباب والوجوه الجديدة إلى جانب التكريم الحقيقى والتقدير الرسمى الرائع لكل من يفوز وينتصر عالميا باسم مصر.
لم ينتبه الفريقان أصلا إلى أنه ليس هناك أي قرار رسمى بتعيين نور الشربينى مستشارة رياضية لمحافظ الإسكندرية.. ولم يكن هناك أي تفكير أو حديث من الأساس عن تعيينها نائبة لمحافظ الإسكندرية.. فهذا القرار لا يملكه المحافظ ولكن رئيس الجمهورية ولا يتم اتخاذه فجأة أثناء حفلة تكريم.. وتبقى كلمة أخيرة تتلخص في أن نور الشربينى بطلة عالم بالفعل.. ناجحة وقوية وجميلة باعتراف عالم الإسكواش لكن لا يمنحها ذلك القدرة أو الحق في إدارة شؤون الرياضة بالإسكندرية.. وحين احتاج الفيفا لسكرتير عام جديد لم يفكر في ميسى أو رونالدو لتولى هذا المنصب.. إنما كانت فاطمة مسؤولة الأمم المتحدة التي لا علاقة لها أصلا بكرة القدم أو الرياضة كلها لكنها تمتلك كل الخبرات والقدرات الإدارية التي تجعلها تستطيع وتنجح في إدارة شؤون كرة القدم في العالم.